ميثم المبرقع
لا شك ان حسن النوايا ونقاء السريرة وصفاء النفس مرتكزات اساسية في العمل الصالح والنية تمثل ركناً رئيسياً في العبادات والاخلال بها يفسد الاعمال والممارسات والطقوس العبادية بل تتوقف اهم العبادات على انعقاد النية واستحضارها فقد يتحول الزواج الى الزنا في حال اختلال النية والقصد.وقد ورد عن الرسول الاكرم ان نية المؤمن خير من عمله نظراً لاهمية النوايا والقصود ولو فسدت النوايا لفسدت الاعمال والممارسات التي في ظاهرها صحيحة ، فان العقود تتبع القصود كما اشارات الشريعة واحكام الفقه.وضمن هذا السياق اشار الشهيد السعيد محمد باقر الصدر الى اهمية النوايا والدوافع في الاعمال وطرح تساؤلاً غاية في الاهمية مفترضاً لو ان شخصاً قد اخترع دواءً لعلاج مرض السرطان وانقذ بذلك الملايين من البشر ، فهل يقدر اجره على قدر الملايين الذين انقذهم من الموت ومن هذا المرض الخبيث ام بقدر الدوافع والنوايا التي نشأت في داخله وهو يستكشف هذا الدواء؟بحسب مراد الشهيد الصدر فان الاجر والثواب يقدر بقدر الدوافع والاحاسيس والنوايا التي تعتمل في نفس المستكشف وهو يقوم باختراع الدواء فقد يكون الاختراع من اجل امتياز دنيوي او مكسب مادي فبذلك يستطيع ان يكتشف قنبلة لفناء البشرية بنفس تلك الدوافع.لكن السؤال الجدير بالتذكير في هذا السياق العابر هو هل النوايا وحدها كافية لتبرير الافعال والاعمال وهل النوايا تبرر الخطايا ونكتفي بحسن النية ثم نغض النظر عن اخطاء الممارسة والفعل؟لا يمكن اعتماد النوايا في تقييم الاعمال وحدها فان تلك لا يعلمها الا الله وحده كما انها لا يمكن ان يدركها الاخرون كما هي الافعال ولا يعلم النوايا الا الله فانه يعلم السر وما اخفى.النية السليمة اذا لم تقارن العمل الصحيح فليس لها اهمية تذكر وقد ينوي الانسان فعلاً لكنه لا يقدر على فعله فهل يحاسب كمن ارتكبه لان النية كانت معقودة قبل الفعل فهذه الحالة اختلف بها العلماء وربما انفرد السيد الشهيد الصدر برؤية اخرى تخالف الكثيرين وهي انه انما يحاسب على جرأته على الله وان لم يرتكب الفعل وقد اطلق على هذا البحث بـ (التجري) وهو خارج عن سياقات بحثنا.حسن النوايا وحدها لا تكفي لحسن الفعل اذا لم يتمخض عنها فعل حسن وقد تكون نية المرء حسنة وخالصة ولكن فعله يكون من اسوء الاعمال وقد وصف الامام علي بن ابي طالب الخوارج بقوله "ان من طلب الحق فأخطاه ليس كمن طالب الباطل فاصابه" فان الخوارج كان من التالين للقران والحافظين له والمؤدين للصلاة لكن افعالهم كانت تخالف نواياهم ومقاصدهم.واننا لسنا معنيين كبشر في معرفة النوايا وتشخيص ما تخفي الصدور وانما يعنينا فعل الانسان لان النوايا علما عن ربي ومن يحاول محاسبة الناس على نواياهم ويشكك فيها فانه قد اطلع على الغيب وخائنة الاعين وما تخفي الصدور وهو ما يقع في الشرك الالهي.وما حصل لاحد الصحابة في احد غزوات الاسلام الاولى فقد حاصر احد المشركين فاعلن هذا المشرك شهادته فلم يكترث هذا الصحابي فضرب رأسه فبلغ ذلك الرسول الاكرم فعنفه على فعلته فاجاب انه لم يعلن شهادته ويظهر اسلامه الا بعد ان وجد نفسه محاصراً والسيف يتآخم عنقه فرد الرسول الاكرم "أشققت قلبه".واخطر ما ابتليت به الامة هم اصحاب النوايا الحسنة والفعل الكارثي فهؤلاء قد تكون لهم قلوبهم طيبة وضمائر نقية لكن اعمالهم سيئة وشريرة وطالما اوقعوا الامم في متاهات الظلام والضياع والتشتت.لابد ان يقترن الفعل الصحيح بالنوايا الحسنة والقصود الصادقة فليس حسن النوايا يحقق حسن الافعال وقد يريد البعض ان ينفعك في نيته ويضرك في عمله وكما حذر الامام علي (عليه السلام) من مصاحبة الاحمق "لانه يريد ان ينفعك فيضرك"لا يكفي ان تكون نية المرء حسنة وطيبة اذا لم يقرن سلوكه وافعاله بهذه النوايا وربما لدينا نموذج تأريخي واخر معاصر فالاول هم الخوارج الذين طلبوا الحق فأخطأوه والاخر لدينا التكفيريون الذين يعتقدون بانهم انما يفجرون انفسهم مع اشلاء الابرياء المسلمين لكي يتقربوا الى الله ويلتحقوا بالجنة مع الرسول الاكرم وربما يتناولون الفطور معه في جنات عدن!!!
https://telegram.me/buratha