المقالات

الحركة الاسلامية لا تصنع الطغاة

1131 19:23:00 2009-10-20

ابو ميثم الثوري

الحركة الاسلامية تستمد رؤاها وخطابها وسلوك افرادها من الفكر الاسلامي والعقائدي وربما ما يميزها عن بقية الحركات السياسية في العالم انها لا تضع اطر تنظيمية وادارية وتعبوية للانفتاح الاوسع على المشاركة الجماهيرية كمعيار عن قوة الحركة بل تنطلق بالارتقاء برجالها بالتكامل والتفاضل والمراقبة والمحاسبة الذاتية والموضوعية.والاهتمام الحركي الاسلامي بالافراد يتركز على البناء الذاتي وتعميق الوعي الاسلامي والعقائدي في فكر وسلوك الافراد ولا تعير الحركة الاسلامية للكثرة العددية ادنى اعتبار اذا لم تقترن هذه الكثرة بالالتزام الديني والعقائدي والفكري بل ان الاهتمام المتزايد بالنوع بدلاً من الكم.والمائز الاخر بين الحركة الاسلامية والحركات السياسية العلمانية ان الحركة الاسلامية تهتم كثيراً بجوهر الانسان وعقيدته وتطور امكاناته الفكرية وتراقب سلوك افرادها وتهذب العادات السيئة التي لا تنسجم مع طبيعة الدعاة.ومن هنا فان المواجهة العنيدة بين الانظمة المستبدة والحركة الاسلامية وفرت فرصاً اكثر للانظمة لمحاصرة رجالات الحركة الاسلامية بالاضافة الى ادواة القمع السلطوي لهذه الانظمة بخلاف الفرصة المحدودة للاسلاميين.والمفارقة ان مراقبة ورصد الانظمة البوليسية للحركة الاسلامية تمظهرت بمراقبة السلوك والفكر والاداب الاسلامية التي من خلالها تم التعرف على الاسلاميين سواء حضورهم في المساجد والمراقد واداءهم للصلاة والممارسات العبادية بينما بقية المعارضين من غير الاسلاميين فابتعدوا عن الرقابة الحكومية والمطاردة والاعتقال وقد لا يكون حرج عليهم ان يحضروا في الاماكن المشبوهة التي يرتادها ازلام الامن والمخابرات كالملاهي ودور الفجور التي هي الفاصل الواضح بين الاسلاميين وغيرهم.ومن هنا فان رجال الامن يرون ان التزام المواطن العراقي بالعبادات واحكام الشريعة مؤشر على اسلاميته او اتهامه بالانتماء للحركة الاسلامية،وقد يتخلص الاخرون من قبضة الاعتقال لو عثر في بيته على ما يؤكد فجوره وفسقه كقناني الخمور بخلاف الكتب الدينية واشرطة المحاضرات للشيخ الوائلي التي يتم العثور عليها في بيوت من يداهمه رجال الامن في العراق.التدين السلوكي هو المائز لرجالات المعارضة في العهد البائد وقد تكون السلوكيات والاداب الاسلامية امارة تكشف عن اسلامية الاخرين.المراقبة الذاتية للافراد والالتزام في اداء العبادات واحكام الشريعة تسهم في تهذيب سلوك الاسلاميين وتخلق حصانة وضمانة من الزلل والزيع والانحراف والوقوع في متاهات المعصية والفسوق.فلا نتصور ان السلوك الطغياني والاستبدادي يلازم رجالات الحركة الاسلامية واذا شذ الافراد عن المسار وابتعدوا عن السياقات الاخلاقية والسلوكية فانما ينعزلون تماماً عن الحركة الاسلامية ويصبحون منبوذين بنظر الحركة ومعزولين عنها.ومن يحفظ السلوك الانساني في الحركة الاسلامية هو الالتزام الديني والعقائدي والمراقبة اليومية للنفس ومحاسبتها وعندما يتخلى الاسلاميون عن هذه المراقبة والالتزام ويتعالون عن الموعظة والنصيحة فانهم سرعان ما يقعون في مستنقع الانزلاق ويتساقطون على طريق الدعوة.واليوم رجال الحركة الاسلامية اكثر عرضة لمؤثرات السقوط والتساقط والانحراف لانشغالهم في مقتضيات السلطة ومشاغل السياسة وغياب المراقبة الذاتية والموضوعية.وقد تتأكد اكثر التربية الروحية والفكرية والدينية من اجل الصمود امام مهاوي الشيطان والهوى وخلق حصانة مستحكمة لكي يصمد امام مؤثرات الواقع ومغريات الشيطان.ومن المفيدة الاشارة الطريفة الى ما اثير في عهد مرجعية الامام الحكيم (قدس سره) في العقد الستيني حول ملاحقة بعض الناس لاحد رجال الدين واتهامه بالسرقة والتحايل وما اشاعوه بان رجل الدين اصبح حرامي فأجاب الامام محسن الحكيم (قدس سره) لا تقولوا رجل الدين اصبح حرامياً بل ان الحرامي ارتدى عمامة رجل الدين!وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى ممارسات رجالات الحركة الاسلامية وما يمكن ان تفرزه من نتائج سلبية على سمعة الاسلاميين فقد ينحى الاخوة الدعاة الى السلطة بطريقة مفرطة متناسين جذورهم واهتماماتهم الاسلامية وحرصهم على سمعة الشارع واسلاميته وابعاده عن كل مظاهر الانحراف والخطأ والاستهتار.ان شعور الاخوة الدعاة بان اسلاميتهم باتت تشكل لهم احراجاً امام المشروع العلماني اول خطوة باتجاه الانحراف وليستفيدوا جيداً من التجربة الاسلامية في تركيا ومجاراتها لكل المتغيرات دون الانسلاخ من الاسلام.وان انعكاس اخطائهم وممارساتهم هذه الايام التي تستعير من الطاغية صدام بعض السلوكيات الخاطئة كالضرب على الطاولة والتهديد بلغة العنتريات التي يطلقها هذه الايام السيد المالكي هذه السلوكيات والاخطاء لا يمكن ان تنعكس على سمعة الاسلام والحركة الاسلامية.ان الحركة الاسلامية غير مسؤولة عن تصرفات بعض المحسوبين على الاسلاميين وان الحركة الاسلامية تهذب السلوك وتنمي الفكر والعقيدة في نفوس افرادها واذا بدا من يحمل بذور الطغاة فانه لا يمثل الحركة الاسلامية مطلقاً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك