عامر هادي العيساوي
هناك في الشرق الأوسط كما يسمى في المحافل الدولية ثلاث قوى رئيسية هي إسرائيل والعرب وايران وتركيا,وإذا استثنينا (إسرائيل) باعتبارها معروفة للجميع في طبيعتها ونشاتها والقوى العالمية التي تقف خلفها فان أي مراقب مستقل لا يكاد يجد تناقضا رئيسيا واضحا بين مصالح شعوب القوى الثلاث بل على العكس تماما حيث يرى تطابقا واضحا بين تلك المصالح فجميعها تتمتع بقوى بشرية هائلة ومواقع استراتيجيه وثروات عظيمة, بل وأكثر من ذلك سيجد تطابقا في مصالح حتى الأنظمة القائمة فيها وبغض النظر عن شكلها من خلال ارتباط امن بعضها ببعض مما يجبرهم على التنسيق في اغلب الأحيان.ولو تابعنا تاريخ هذه المنطقة منذ بداية تشكيل ونشأة الدول الحديثة في أواخر القرن قبل الماضي لوجدنا أن هناك قوة بعينها تحاول افتعال وتفجير صراع عقائدي قاس ودموي تحت لافتة حماية الإسلام من التحريف أو التدمير وقد اشتد هذا الجهد بعد نجاح تلك الجهة بالاستيلاء على مقاليد الجزيرة العربية وبعد اكتشاف النفط وازدياد أسعاره.ومنذ ذلك التاريخ تحاول الوهابية ممثلة (بال سعود) إقناع المسلمين عموما والعرب خصوصا بان هناك خطرا اكبر من خطر إسرائيل يهدد الإسلام والمسلمين يزحف من الشرق أو من ايران بالتحديد وان على الجميع الوقوف بوجهه.إن وراء هذا السلوك المشين للوهابية دافعين رئيسيين احدهما تمزيق المنطقة وإضعافها إرضاء لأولياء نعمتها وأما الثاني فهو توفير الأرضية المناسبة لديمومة ال سعود واستمرارهم في عروشهم.لقد غلف آل سعود دعاويهم هذه بالحرص على الإسلام وحمايته من الروافض او عبدة القبور او أبناء المتعة والى آخر قائمة الأسماء التي يطلقها هؤلاء على الشيعة وكان الرسالة الإسلامية لم تكتمل من قبل وقد كلفهم الله أخيرا بإتمامها.والسؤال الذي ينطرح الآن إمامنا هو هل تشكل ايران خطرا حقيقيا على العرب والمسلمين من الناحية العقائدية او السياسية ا والعسكرية ؟ وللإجابة على هذا السؤال نتناول التهم الرئيسية التي يطلقها المخدوعون من العرب والمسلمين بالة آل سعود الإعلامية المدعومة بدولارات نفط الجزيرة.1-يزعم التكفيريون ان ايران تجيش الشيعة العرب وغيرهم من شيعة البلدان الأخرى وتحولهم الى عملاء لها ويعملون بالضد من مصالح أوطانهم وأنا هنا لست معنيا بغير شيعة العراق وباسمهم أقول بأنه لا يحق لأي احد مهما كان أن يزايد على وطنية الشيعة في العراق عبر التاريخ ,وبالعودة الى الماضي القريب فان صدام حسين حين نجح أول الأمر في إقناع الشيعة بان حربه مع ايران حرب دفاعية عن الأرض والعرض قاتلوا بشراسة ولكن حماسهم بدا يتضاءل عندما اكتشفوا ان تلك الحرب لم تكن إلا حربا طائفية في احد جوانبها وحربا بالنيابة في جوانبها الأخرى.2-ويزعمون أيضا بان الفرس يكرهون العرب بشدة فأقول لهم بان العرب يكرهون الفرس أيضا وبشدة وهذا أمر طبيعي لدى اغلب الشعوب المتجاورة ولا علاقة له بالعلاقات الدولية التي تقوم على أسس أخرى مختلفة . ان الألمان يكرهون الفرنسيين والفرنسيون يكرهون الألمان ومع ذلك فان الدولتين متحالفتان استراتيجيا.3-ويزعمون أيضا بان لإيران مطامع كبيرة في أراضي وثروات الدول المجاورة وهذا الادعاء لا يصمد كثيرا أمام التحليل العلمي فليس من مصلحة ايران وفيها من السياسيين من يعرفون ذلك قبل غيرهم أن تبدو طامعة بأرض هذه الدولة الصغيرة او تلك ولو فعلت ذلك لأصبحت بمرور الزمن عرضة للتفكك والانهيار والتمزق وليعلم هؤلاء بأنه ليس كل ما تستطيع الدول فعله ستفعله. ان أمريكا تستطيع ان تمسح كوبا من الوجود وتستطيع أن تحتلها اذا شاءت ولكنها لم تفعل ذلك ولن تفعله لأنه ليس من مصلحتها,وتستطيع ايران أن تحتل الكويت مثلا ولكنها لم ولن تفعل ذلك لنفس السبب.ان ايران تجاورها دول صغيرة من غير العرب فلماذا لا تعبر هذه الدول عن قلقها من الأطماع الايرانية المزعومة؟4-ويزعمون أيضا بان ايران تريد إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية الكسروية بعد امتلاكها للقنبلة الذرية ومرة أخرى يقع هؤلاء الموتورون في مستنقع الحقد الأسود لان امتلاك ايران للقنبلة النووية لا يشكل أي خطر على العرب او المنطقة.إن ايران في حال امتلاكها للسلاح النووي لا تستطيع استخدامه ضد جيرانها أو حتى ضد إسرائيل لان المنطقة لا تتحمل مثل هذا السلاح وسيكون الدمار شاملا للجميع وبالإضافة إلى ذلك فان ايران دولة إسلامية وفي حال قيامها بالاعتداء النووي على اية دولة إسلامية فان ذلك سيؤدي أولا إلى انهيار ايران وتمزقها وهذا ما لا يرضاه أهلها لها.ومما تقدم نستنتج بان امتلاك ايران للسلاح النووي لا يضر العرب إذا لم يكن من مصلحتهم لأنه سيكون سلاحا رادعا للقوى البعيدة التي قد تفكر بتدمير المنطقة لا سمح الله.واستنادا على ما تقدم نقول بان مصلحة العرب تقتضي إنشاء أفضل العلاقات مع ايران بغض النظر عن النظام القائم فيها وحل كافة المشكلات المتعلقة بهذا الملف بالطرق السلمية وينطبق هذا أيضا على العلاقات العربية التركية ولنتذكر دائما ا ن آل سعود لا يريدون للمنطقة خيرا.
https://telegram.me/buratha