داود نادر نوشي
لأكثر من مره يتم تأجيل تشريع التعديلات في مشروع قانون الانتخابات المعدل ، وذلك لاختلاف التوجهات والرؤى بين المكونات السياسية داخل قبة البرلمان العراقي بحيث وصلت إلى حد الانقسام الكبير والواضح في طريقة تعامل القوى السياسية في ما يخص البنود المتعلقة بكركوك وهي المعضلة الكبيرة في طريق تشريع هذه القانون ، على الرغم من إن موضوع القائمة المفتوحة في مشروع القانون أصبحت مطلبا جماهيريا لايمكن التغاضي عنه، وأما الحديث عن العودة إلى القانون الانتخابي القديم ،أو تأجيل الانتخابات فأنها بنظر الشارع السياسي العراقي لا تعدوا كونها قفز على الاستحقاق الدستوري للمواطن العراقي كما إن التأجيل يضع العملية السياسية على المحك من خلال أن فترة التـأجيل تكون فراغا دستوريا نحن في غنى عنه وسط هذه التراكمات والجدل السياسي وتربص الأعداء من الداخل والخارج .
وبما أن العملية السياسية بنيت على أساس التوافقات فأن الأمل بتشريع القانون، وفي ظل عدم تقديم التنازلات من هذا الطرف وذاك قد يصبح مستحيلا ، وهذا الأمر معيب جدا ولا يتلاءم مع مبدأ الديمقراطية والنظام البرلماني الذي يتم فيه حل الخلافات من خلال التصويت وليس بالضرورة أرضاء كل الأطراف ، وألا لما وجد مبدأ التصويت في نظام البرلمانات في كل أنحاء العالم .
وعجز البرلمان العراقي عن تشريع هذا القانون بدأ واضحا من خلال ترحيله إلى المجلس السياسي ، وهذا المجلس يضم الكتل السياسية نفسها الموجودة في البرلمان وبالتالي ستكون الإشكالات والتجاذبات في طرح الموضوع لاتختلف كثيرا عن نقاشات البرلمان ،ولذا فأن الحلقة المفرغة نفسها ستدور وقد تعيدنا إلى المربع الأول في موضوع النقاش والجدل ، وتجعل من المواطن البسيط يفسر هذا التأخير رغبة الكتل السياسية في اعتماد القانون النافذ والقائمة المغلقة التي تتيح لهم تمرير مرشحيهم تحت عباءة هذه القائمة ، وقد يولد هذا التوجس عزوف الناخب عن الذهاب إلى صناديق الاقتراح والذي يؤدي بدوره إلى حجب الثقة عن العملية السياسية الوليدة والتحالف الكردستاني أعلن ذلك صراحة حول رغبته باعتماد القائمة المغلقة حرصا على ضمان موضوع كركوك، وأما الكتل السياسية الأخرى فأن البعض منها لايعدوا كون تأييدها للقائمة المفتوحة ظاهريا وهي تدعم وتتمنى القائمة الأخرى وهذا واضح من خلال التلويح بالتصويت الالكتروني والجلسات السرية .
ولكي نخرج من فوضى التوافق السياسي التي أوصلت الأمور إلى ما وصلت عليه لابد لنا من أتباع الخطوات والأبجديات السياسية والأدوات الديمقراطية التي تضمنها الدستور العراقي ، هي كفيلة بإيصالنا إلى حيث مانريد ، وأما الاستمرار في معادلة التوافقات فهذا يعني الوصول إلى حافة الهاوية لاسامح الله ، والنضج السياسي وللأسف الشديد لم يصل بنا إلى تقديم التنازلات التي
هي دائما ما تكون مفتاح الحل لكل المشاكل والمعوقات ، ومادمنا على هذه الحالة فأن العقبات التي تعترض تشريع قانون الانتخابات لن تزول ولن يرى النور وقد نرى انفسنا بين مطرقة التوافق وسندان الجماهير.
https://telegram.me/buratha