المقالات

وجهة نظر في المصالحة

1236 23:49:00 2009-10-22

(صباح مطر )

كثر الحديث وطال عن موضوع أخذ من وقت الدولة والناس كثيراً ولا زال إلى الآن يراوح في محله ولا اعتقده سيفضي إلى شيء لأن التناقض يحمله عنوان الموضوع نفسه وهو (المصالحة الوطنية) فإذا كنا وطنيين فعلام نتصالح ما دام وطننا قد عاد ألينا من أسر الديكتاتورية وأصبح روضاً وساحةً للجميع كل يدلوا بدلوه في إدارته ونفض غبار الماضي عنه ولملمة جراحاته الغائرة في عمق جسده المعنى من طول عهود الجور والظلام هكذا عاد وفي خدمته فليتنافس المتنافسون وإن اختلفنا في بعض التفاصيل فان هذا الاختلاف ليس عداءً حتى نتصالح لأجل إزالته ، وإذا كنا وطنيون حقاً فأن محنة الوطن التي يمر بها والتي نرجوا أن يكون قد تجاوز مراحلها الخطيرة أو أوشك على ذلك يجب أن تكون مدعاةً لوحدتنا ونبذ الخلافات بيننا إلى حين إبعاد شرور المتربصين بنا من الداخل والخارج والى حين انفراج الوضع بعيداً عن التدخلات الخارجية ومساومات المنتفعين من تردي الأوضاع وعند ذلك تصفوا الأجواء لمناقشة الاختلافات في ظروف يكون فيها الوطن والمواطن في أمان إذ لا خوف من المستقبل ولا قلق من عودة الماضي البغيض وهذه حالة طبيعية لا ينطبق عليها مفهوم المصالحة فهي أمر قد جبل عليه الناس في تعايشهم داخل مجتمعاتهم حيث الوطنيون قاسمهم المشترك هو الوطنية التي تحتم عليهم في ظروف كالتي يمر بها العراق أن تؤجل كل الاختلافات أو الخلافات إن وجدت إلى حين الخروج من عنق الزجاجة والاطمئنان على سلامة الوطن وحياة شعبه أما غير الوطنيين فهم الذين يستغلون مثل هكذا ظروف حرجة ليضغطوا بكل الوسائل من اجل الحصول على مكاسب وامتيازات على حساب المصلحة العامة وبعيداً عن المشروعية والتزامات المواطنة فإذا كان هؤلاء هم المقصودون بالمصالحة فان عملاً كهذا يخرج العنوان ثانية عن معناه ويفرغه من محتواه لأن المصالحة وطنية وليست لا وطنية حتى تشمل القتلة الذين يريدون بالوطن سوءً من عصابات التكفير والتهجير وبقايا فلول البعث ألصدامي سيء الصيت ومن لف لفهم من الرعاع الذين أغرتهم وأغوتهم الشعارات الكاذبة ومن الذين يلوذون ورائها من التابعين إلى جهات إقليمية ودولية لا تريد للعملية السياسية النجاح ولا تريد للأوضاع أن تستقر خوفاً من انتقال التجربة إلى بلدانهم أو مطالبة شعوبهم بالتغيير على غرارها .إن اللغط الذي يثار و من خلال بعض الفضائيات أحيانا حول هذا الموضوع وينحي البعض باللائمة على القائمين على العملية السياسية لأنهم لا يقبلون بالتفاوض مع بقايا أزلام النظام المقبور وفلول حزبهم من المجرمين الذين قتلوا كل ما هو عراقي في السابق ولا زالوا يجهزون على العزل والأبرياء ليزهقوا أرواحهم كما فعلوا يوم الأربعاء الدامي 19 آب الماضي وغيره من الأيام أو التفاوض مع غيرهم من حملة السلاح الذين استباحوا كل محرم وأهدروا الأموال وسفكوا دماء الأبرياء تحت يافطة المقاومة المهلهلة والتي لا تستر عورة كل من لاذ ورائها لان قتل الناس وتهجيرهم وتخريب البلد وتدمير مرتكزاته وبناه جريمة لا يصح معها شعار منمق ولا كلمات عصماء ولا شعارات تزوقها العبارات التي تداعب مشاعر الناس الدينية والوطنية وهما أي الدين والوطنية من تلك الشعارات براء .من هنا يبدو إن شعار المصالحة قد أستهلك وأستنفد ولم تعد له أرضية يمكن أن يستند عليها كشعار أتت به المصلحة الآنية للقائمين على العملية السياسية و لربما للعملية السياسية نفسها بعدان بات واضحاً إن الاستقرار النسبي الذي نعيشه اليوم لم تأت به ما سميت بالمصالحة الوطنية وإنما نتيجة لتنامي الوعي وتصاعد الحس الأمني للمواطن إضافة إلى نمو القوى الأمنية التي سددت الضربات الموجعة للمليشيات وحملة السلاح من أعداء التغيير والوطنية العراقية ولازالت تلاحقهم بعدان ضاقت بهم حواضنهم وأصبحت شعاراتهم لا تنطلي على الكثيرين ....ما مطلوب من الجميع الآن ليس الاستمرار بالسير وراء شعار المصالحة وإنما وقفة وطنية حقيقية بوجه كل الذين يريدون إيقاف عجلة الزمن وتعطيل نهضة البلد ومسيرته الديمقراطية والعودة به إلى الوراء تنفيذاً لإرادات خارجية أضحت واضحة تؤكدها الأحداث والوقائع كذلك أصبح ملحا جدا إجراء غربلة شاملة لكل هيكلية الدولة لفرز الغث من العناصر الداخلة في تركيبتها الإدارية والسياسية وإيقاف كل أنواع المجاملة والمحاباة للمؤلفة قلوبهم ممن هم داخل التوليفة السياسية لكنهم لا يؤمنون بحرية العراق وبناءه الديمقراطي الجديد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك