عبد الله الحسني
المستقل كما نعرف هو الشخص الذي لايتبنى أي مذهب فكري أو سياسي، أنما أجندة خاصة به يستند عليها في معظم ارائه وتوجهاته، لذا يعرف بشخصه وشخصه فقط، ومن المستقلين من يطرح رايه إلى المجتمع ويحاول أن يجمع حوله أنصار، عندها تنتفي عنه صفة الاستقلالية، لوجود من يشاركه نفس المنحى ويؤمن بنفس التوجه ويدعوا آليه، لذا قد خرج من الاستقلالية إلى الرأيية، وقد تكون بذلك حزب أو مذهب أو مؤسسة أو سمها ماشئت، وهنا في العراق وبعد تغيير نيسان 2003 ودوران عجلة العملية السياسية، ظهر سياسيون أطلقوا على أنفسهم صفة المستقلين، وشاركوا بالعملية السياسية ضمن قوائم متعددة، وحصلوا على مقاعد في مجلس النواب وكذلك آخذو حصة من وزارات ومناصب الحكومية، ورغم كل هذا هم مصرين على أن يطلقوا على أنفسهم تلك التسمية المثيرة للجدل: (المستقلين)، ويحار المرء في الفصل بين مايدعون وبين واقعهم السياسي، وأول دواعي الحيرة الإجابة عن سؤال مؤداه: كيف دخلوا ضمن القوائم الانتخابية أصلا"؟ و حيث كانت القوائم الانتخابية مغلقة وأثناء الحملة الانتخابية دعوا للقائمة المرتبطين بها ولم يدعوا لشخوصهم، فأين الاستقلال في هذا؟ وهل حصلوا على مناصب في التشكيلة الحكومية خارج سياق القوائم؟ ومن المعلوم أن الحكومة الراهنة قد وزعت الوزارات فيها إلى ثلاثة فئات ووضع أمام كل فئة عدد من المقاعد البرلمانية يجب أن ينالها أي كيان للحصول على هذا الوزارات، والمستقل شخص واحد كيف يستطيع أن يوفر مقاعد تؤهله للحصول على وزارة؟!!! خاصة إذا علمنا إن بعض المستقلين حصل على وزارات سيادية، كوزارة الشهرستاني التي تعادل قيمة خمس وزارات وربما أكثر! وتزداد الحيرة تعقيدا بتقدم بعض السياسيين (المستقلين!!) للعمل ضمن أئتلافات الكتل السياسية الترشيح لانتخابات مجلس النواب المقبلة، ومعنى هذا أن (المستقلين) باتوا قوة سياسية ، أي إنهم بالحقيقة (حزب) بالمعنى الحرفي، ولا ندري هل أن السادة النواب والوزراء (المستقلون) قد استنسخوا ضمن عمليات الاستنساخ البشري التي تجرى الآن في العالم الغربي ومازل الجدل مستمر عليها بين الروحانيين والعلماء؟!
إن حقيقة ما يسمى اليوم لدينا بالمستقلين، قلبت الموازين اللغوية وأصبحنا نجهل الكثير من معاني المفردات التي كانت واضحة لدينا، فإذا ادعوا أن بعضهم منح صوته للأخر ليحصلوا على الوزارات، فقد أصبحوا كيان أومجموعة مؤتلفة، وهذا ينفي عنهم صفة الاستقلال الذي يدعونه، ونحن كشعب معني بأمر المستقلين والمتحزبين، حيث أننا من سيجلسهم في المقاعد البرلمانية آو يخرجهم من القاعة التي تحوي تلك المقاعد، ولعل مطلب الرأي العام من المستقلين أن ينزعوا غطاء الإستقلالية المهلهل ويظهروا على حقيقتهم مطلب مشروع فما جدوى تسمية لا تدل على المحتوى؟وما الضير أن يتخذوا لأنفسهم إسما سياسيا يتوافق مع معتقداتهم السياسية إن وجدت ؟! ولأننا كرهنا الأقنعة التي عادة تكون مزيفة، فشعارات القوميين والبعثتين مازال صداها يرن في مسامعنا، ومازال الأمل يحدوا بنا أن نرى من يتصدوا لتحمل مسؤولية أن يخاطبونا كما هم بلا مواربة ولاكما يتمنوا، فوضع اليد على رمانتين يخالف العدالة التي نطمح إليها، ومثل تلك الرمانتين الائتلاف مع الأحزاب تحت مسمى المستقلين، فإذا حصلت على الأحزاب على نيل رضا الشارع فهم منها ولها، غير إنهم لم يرتبطوا تنظيما لأسباب من السهل تعليلها، أما أذا فقدت الأحزاب بعض رصيدها فسيكون المستقلين في مأمن من هذا التردي، وسيُنظروا على أنهم شخصوا ماذهب آليه الشارع لهذا لم ينظموا لهذه الأحزاب! وتلك لعمري قمة العهر السياسي الذي نتمنى صادقين أن لايسود في العراق الجديد، لان هذه وصفة صدامية فشلت في جر أقدام الشعب العراقي إلى الالتفاف حول البعث ألصدامي رغم كل الدجل والتطبيل الإعلامي، وبأذن الأحزاب نهمس، احذروا من حزب المستقلين! فهم القنبلة التي تخفى بينكم تنفجر متى ماوجدت الفرصة السانحة، وأظن أن التجربة التي مررتم بها خير دليل، فهؤلاء دائما مع الأقوى لامع الأصلح، وأخال أن تجربة الائتلاف في هذا الامر تجسد انتهازية ممن تسموا بالمستقلين من اللذين (زعلوا)على السياسة عندما وجدوا أن جزء كبير منها تضحية، إلا أنهم سياسيين حينما تكون السياسة كسب وكسب فقط، ونظن أن تجربة تشكيل الائتلاف العراقي الموحد الأولى ليس ببعيدة واللجنة الخماسية التي تشكلت أثبتت أن معظم المستقلين هم تجار سياسة لاسياسيين، وهم متأسلمين لاإسلاميين ونظرة على توزيع مقاعد الائتلاف الموحد الأول تكفي لتعليل واثبات ما توصلنا إليه، لذا فأبناء الشعب كما نرى سيقفوا بالضد من أي قائمة تضم مستقلين من أمثال هؤلاء الذين كذبوا وكذبوا حتى فضح الله أكاذيبهم، وهذا لا يعني أننا ضد كل من يدعي انه مستقل فهناك الكثير من الخيرين ممن اعتزل التحزب أو لم يتحزبوا أصلا"، ولهم أسبابهم المنطقية والمعقولة،لكنه بقى سياسيا يبحث عن الأصلح لهذه الأمة، وأمثال هؤلاء نتمنى أن يكونوا جزء من العملية السياسية بشخوصهم وشخوصهم فقط، ويبقى انتمائهم للعراق بصدق، ونتمنى على القوائم الانتخابية أن تبحث عن هؤلاء لتزين قوائمها بهم، بشرط أن لايتحولوا كأسلافهم إلى حزب المستقلين الانتهازي كما حال أغلبية المستقلين المشاركين بالعملية السياسية اليوم....
https://telegram.me/buratha