الدكتور مجيد الشرع استاذ جامعي
السيد محمد صادق الصدر من سلالة علوية عريقة يشهد لها التاريخ في مقارعة الظلم والعدوان منذ بدء الرسالة المحمدية وقد ترجم ذلك عمليا جده الحسين(ع) حيث اقتضت الارادة الآلهية ان يكون الحسين(ع) ثورة في ثورة في المصطلح السياسي كي يخط للمدافعين عن الحق خطا لا تاخذهم فيه لومة لائم بل يكونوا محل اطراء وثناء مادامت الحياة الدنيا قائمة.وانا استعرض آيات القرآن الكريم في مجال الشهادة والحياة وما قيل فيها من تفسير استوقفتني آيتان هما:" ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله اموات بل احياء ولكن لا تشعرون سورة البقرة آية154"
والآية الثانية:"ولا تحسبن اللذين قتلوا في سبيل الله اموات بل احياء عند ربهم يرزقون سورة آل عمران آية169"وقد سرد المفسرون دلالات ومعان للاستشهاد وما يعقبه من خيرات وامكنة لهؤلاء الشهداء السعداء في الدنيا قبل ألآخرة.ولكننا في هذا المقام نريد ان نستبطن واقع التجسيد الذي اراده الشهيد الصدر وما هي الدروس المستفادة من ذلك.ان اهل المنطق يعبرون عن الدلالة بانها تكشف ضبابية الرؤيا بحيث لا يؤول التفسير الى انحراف المعنى ليجد زيد ضالته في معارضة عمر، ولذلك فأن السيد الشهيد( قدس سره) كرر مقولة جده الحسين عندما اطلقها وهو محاصر من قبل زبانية يزيد " ومثلي لا يبايع مثله" وهذه العبارة تجسد روعة الثبات ولا بد ان نعي مفهومها جيدا وان تعرفه اجيالنا كي لا يقبل الذل والهوان ممن يمتطي صهوة الحكم وهو مطية لغيره ولرغباته الدنيوية، فالشهيد الصدر وجد من الواقع العراقي في ظل حكم اشبه بحكم بني امية وبني العباس تنازعته فئات ذئاب مزجوا بين الحركة الصهيونية والصلبية فاذاقو العباد مر العيش وشردوا من شردوا وقتلوا وسجنوا وهو معروف لدى الجميع بالصورة والصوت وما ظهر للعالم في ظل التقنيات وعالم الانترنت مما تشيب له الولدان وما خفي اعظم ومنها نهب خيرات العراق وثرواته من قبيل برنامج النفط مقابل الغذاء الذي لا زالت تداعياته في مدارج الامم المتحدة التي تدعي نصرة الشعوب والتستر على مجرمين لا زالوا على قيد الحياة عامرة جيوبهم من اموال مسروقة من قوت الشعب.
لذلك ان الشهيد الصدر ادرك هذه الحالة ادراك الطبيب الحاذق لعلة المريض فوجد شعبا جريحا نازفا للدم ولا يملك حولا ولا قوة مستسلما لزبانية ينهشون به من كل اتجاه ووجد وطنا يراد ان تسلب هويته الاصيلة لشذاذ آفاق أرادوا ضياعها حتى انكروا عروبة العراقيين وانهم من سلالة الهنود كما ورد ذلك في كتابات المتحذلقين امثال عبد الجبار محسن حين كتب (6) مقالات في صحيفة الجمهورية عرى فيها اهل الاهوار من اصلهم العربي وجعلهم هنودا متسكعين حتى نال الطعن في اعراضهم وكان صدام يقرأ ويقهق باعتبار الكاتب من ينتمي على سبيل الغش الى مذهبهم.اذن كيف يصبر الامام الشهيد الصدر لهذه الأوضاع وهي تعيد له المشهد الاموي في العمل على القضاء على كل ماهو حر وابي وما قتل الامام الحسين(ع) في تلك الفترة المظلمة الا هدف في ترك سيرة الحق والركون للباطل وكان علاج ذلك ثورة عارمة قوضت بنيان الظلم من اساسة وهي خالدة خلود الدهر تمثل اضاءة ورصيدا لطلبة الحياة الكريمة كما يعبر عن هذا المعنى سماحة السيد المرحوم( شرف الدين الموسوي) في كتابه (ثورة الحسين) حيث يعتبرها في التسلسل الأول لما يقصد به من معنى الثورة.
ان الشهيد الصدر صاحب هذه الذكرى العطرة دك اسفينا في نظام البعث في العراق وقوض بنيانه من خلال خطب علنية لم يقدر النظام على احتواءها رغم الزبانية وجواسيس النظام حتى ان المقبور ناظم كزار وهو يعد ثاني رجل بعد صدام عند البكر حيث اسهم هذا الرجل في تجنيد مرتزقة والبسهم العمائم ولازالت صورهم مجسدة في اذهان الشعب العراقي المظلوم.ان الشهيد الصدر جسد الواقع الحي لمقارعة الظلم والجور وجسد معنىللشهادة كما اشارت اليها الأيتين الكريمتين واضاف الى هذا الواقع بأن ارتدى الكفن الابيض ليضيف صورة جميلة لعشاق الحق بأن هذا الكفن الابيض هو رداء السلام لمن يريد ان يحيى حياة طيبة يمتد اثرها الى الحياة الآخرة حيث جسدت الآية من سورة البقرة المشار اليها والتي اتت بعد اية الاستعانة بالصبر والصلاة للازدياد في القوة بهما على الجهاد اكدت هذه الآية محل بحثنا ان الذي يقتل في الجهاد في سبيل الله ليس ميتا كما نعتقد بل هو حي يرزق الى ان تقوم الساعة وهو القول الصحيح في اغلب آراء المفسرين ومنهم العلامة الطبرسي في تفسيره مجمع البيان بل يضيف الى ذلك قول ابن عباس وقتادة ومجاهد وواصل بن عطاء واختاره الجبائي والرماني وجميع المفسرين.
ولهذا وبعد ان من العراق على اهل العراق بأزاحة كابوس كاد ان يخرج العراق من عالم الاحياء بدون شهادة ان يأخذوا من سيرة الصدرالثاني المجاهد( رحمه الله) الذي واصل مسيرة الصدر الأول في مقارعة الظلم والطغيان عبرا تجسد في الاقوال والافعال والا يترك لمن تهزهم اطماع الدنيا للتسلط على رقاب العباد في العراق وان يعيدوا الثقة لمريدي الحق بان يكون العراق بلدا آمنا تتناغم قومياته في نسج يعطي جمال الصورة كما ارادها الامام الشهيد الصدر.والله من وراء القصد.
https://telegram.me/buratha