علي المالكي
التعويل على العسكر لضبط الوضع السياسي مغامرة خاسرة واسلوب بائس ويائس ولن يجدي نفعاً لسبب بسيط هو ان الجيوش والعسكر انشأت لحماية البلاد والعباد من العدوان الخارجي والتآمري الداخلي بينما اريد لها ان تكون معولاً لضرب الشعوب وحماية الحكام وفرض اجندتهم بالقوة والفرض والاكراه.العسكر في كل العالم يقف متفرجاً امام السجال السياسي والتنافس الانتخابي ويحمي الجميع ويدافع عن التجربة الديمقراطية من المخاطر الاجهاضية واذا شعر العسكر بان ثمة خطراً يداهم النظام السياسي ويقوض التجربة الديمقراطية فان تدخله يكون محدوداً في دفع الخطر ولن يتحول الى اداة لقمع الشعوب وضربها.ومن وظائف العسكر الدفاع عن الدستور والنظام السياسي والاطار العام للدولة ضمن صلاحياته وواجباته.ومن هنا فان الدولة المتحضرة والمتطورة لا تعين للوزارات الامنية الا شخصيات مدنية لكي لا تفكر القيادة العسكرية التخطيط للانقلابات العسكرية التي تقودها في الغالب جنرالات متمرسين في العقل التأمري والانقلابي.وفي العراق الجديد غادرنا والى الابد ظاهرة عسكرة المجتمع وتلون المجتمع باللون الزيتوني والـ (الخاكي) المزعج والمقزز.وانتهت الحقبة المؤلمة التي كان الشعب يستيقظ فيها صباحاً على اصوات الدبابات ووقع البساطيل ليستمعوا الى بيان رقم واحد من الاذاعة وانتهى زمن الاناشيد الحماسية التي تؤجج روح العسكرة والحروب والاجتياحات ولن تعود عقارب الساعة الى الوراء.وشعور رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بانه القائد العام للقوات المسلحة لابد ان ينطلق من قناعته المطلقة بالدستور فان الدستور هو الذي منحه هذا الحق واذا فكر مواجهة الدستور بقوة ما منحه الدستور نفسه كقائد عام للقوات المسلحة فانه يخطأ ويقع في اوهام قاتلة.الركن الاساسي الذي يمثل القوة الشرعية للمالكي كقائد عام للقوات المسلحة هو الدستور وعندما ينقلب على الدستور بقوة العسكر فانه يصادر اهم قوة اساسية وشرعية في العراق الجديد.هذه الايام نلحظ تحركات تبدو مشبوهة لتجيير العسكر لحسابات حزبية وانتخابية وهذا اكبر خطر يداهم التجربة الديمقراطية في العراق.
اقالة اللواء عبد الكريم خلف دون علم وزير داخليته جواد البولاني لاسباب حزبية ومزاجية وليس لاسباب مهنية وفنية يعكس التوجه الخطير للسيد المالكي بعزل وفصل كل من لم ينسجم مع توجهاته الحزبوية والائتلافية لدولة القانون. وعزل مدير الاستخبارات العسكرية وتعيين نفسه مديراً بالوكالة تعكس التوجه المشبوه لتحجيم وتقزيم دور القوات المسلحة وافراغها من محتواها الهادف وجعلها اداة لخدمة الحزب والائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء.عندما اصبح نوري المالكي قائدا للقوات المسلحة وفق ما قرره الدستور بان يتبنى رئيس الوزراء قيادة القوات المسلحة فان ذلك فضلاً للدستور وليس لشخص رئيس الوزراء نفسه فان القوات المسلحة ثابتة والحكومة متغيرة وليس من الصحيح اعتبار هذه القوات استحقاقاً حزبياً فان ذلك يعني قيادة البلاد الى الهاوية والسقوط.
سكوت البرلمان والقوى السياسية على السلوك الاستحواذي والهيمنة والسيطرة على القوات المسلحة يعني تقصيراً خطيراً ويتحملون مسؤوليته وليس صحيحاً التوهم بان أي محاولة لتنبيه رئيس الوزراء مسائلته ستصب لصالحه بظهوره مظلوماً امام الشعب فان هذه الاوهام ستشجعه على التمادي والامعان في التغييرات في القوات المسلحة لاسباب حزبية وتضع مجلس النواب امام خيارات صعبة امام شعبنا.
https://telegram.me/buratha