المقالات

الكيل بمكيالين بعض السياسيين يرفضون الفيدرالية وإقامة إقليم الوسط والجنوب ويوافقون عليها لإقليم آخر

1600 20:02:00 2006-09-18

( بقلم : علي حسين علي )

أثار طرح مشروع قانون تشكيل الاقاليم على مجلس النواب جدلاً واسعاً داخل قبة البرلمان وخارجها..وقد اتسم بعض الجدل والنقاشات بشأن هذا المشروع بتشنجات سياسية وذهب بعض السياسيين الى أبعد من حقهم في الاعتراض داخل البرلمان والاحتكام إلى نتيجة التصويت عليه، إذ أن بعض السياسيين ممن ما زالوا ضمن مجرى العملية السياسية استعمل اسلوب التهديد بالانسحاب من البرلمان بينما راح آخرون الى أبعد من ذلك بما يفيد بأن مجرد مناقشة مشروع القانون سيعدم كل السبل المفضية الى المصالحة والحوار الوطني المطروحة على الوسط السياسي منذ اكثر من شهرين!

اننا مع من يقول بأن من حق النواب أفراداً وكتلاً أن يعترضوا على أي مشروع قانون يطرح على البرلمان، ولكن ما هو صحيح أيضاً أن لا يقطعوا الطريق على طرح أي مشروع قانون بوسائل غير ديمقراطية مثل التهديد بالانسحاب من البرلمان، أو التلويح بعرقلة أو افشال مبادرة المصالحة والحوار الوطني...واننا نرى في هذا المسلك استفزازاً للآخرين وخروجاً على الديمقراطية التي تعد أن الرأي الأخير، أي التصويت ونتيجته، هما ما يمكن أن يكونا الفيصل الحاكم بين الآراء المختلفة والمتباينة داخل قبة البرلمان.. وان النتيجة أيا كانت يجب أن تحترم ويلتزم بها..وإلا فما معنى وجود مجلس نواب إذا كان من يعترض على ما يطرح فيه لا يلتزم برأي الأغلبية في حالتي الرفض أو القبول لأي مشروع قرار؟!

لذا، فان ما ظهر من اصرار بعض أعضاء البرلمان على انهم سيقاطعون العملية السياسية والمصالحة الوطنية في حال طرح مشروع قانون تشكيل الأقاليم للنقاش في البرلمان يعد سابقة خطيرة تعود بنا الى ما قبل سقوط النظام الدكتاتوري البائد..وهي خارجة نصاً وروحاً على أي صيغة متعارف عليها للديمقراطية الحقيقية، إلا إذا كان بعض من هدد بالانسحاب يرى بأن الديمقراطية واحترام رأي الآخر والانصياع لرأي الأغلبية انما تعمل لصالحه، أما إذا كان الأمر غير ذلك، فمن حقه أن ينسحب أو يقاطع أو يشعل حروباً!! والحقيقة أن ما حصل من جدل بصوت عال في البرلمان وما تلاه من تشنجات وعصبية لا يشي بأن بعض أعضاء البرلمان على معرفة تامة باللعبة الديمقراطية، إن لم نقل على قناعة بها..فلقد استنتج الكثير من المراقبين السياسيين بأن هناك من يريد أن يستفيد من الديمقراطية إذا ما كانت تحقق رغباته ومصالحه، أما إذا كانت في الجانب الأخر، فهو لا يلتزم بها إن لم نقل لا يحترمها.

ثم أن اقراره لا يسرع من تطبيق الفيدرالية أو يستعجلها وكل ما في الأمر هو تنظيم العلاقات بين الاقاليم والمركز وبعض الاجراءات التنفيذية لوضع تلك العلاقات على الطريق الميسر والقانوني أيضاً..أما الفيدرالية التي يتخوف من تطبيقها البعض فهي أمراً لا جدال فيه او حوله، حيث جاء في الدستور ان نظام الدولة في العراق ديمقراطي أتحادي(فيدرالي)تعددي..وهذا بحد ذاته يعني أن الفيدرالية هي النظام الوحيد الذي يجب أن تسير عليه الدولة العراقية الجديدة، وهو نظام واحد لا يقبل التجزئة أو الالغاء..ومع هذا فالأمر كله متروك لرأي الشعب في التصويت على"متى يتم تطبيق النظام الفيدرالي؟ وكيف؟"..وهذا ما ورد في الدستور أيضاً.وإن التخوف من تطبيق الفيدرالية أو من سن قانون ينظم العلاقة بين الاقاليم والمركز يبدو مبالغاً فيه الى حد كبير، وكذلك قد تختفي وراء هذه المبالغة المرتفعة الصوت نيات رافضة للفيدرالية بأي صيغة كانت! ويعني كل هذا بأن من يبالغ في التخويف ويسلك مسلكا معرقلاً لأية خطوة على طريق تطبيق الفيدرالية انما يريد من وراء ذلك العودة الى النظام المركزي الشمولي الذي ساد العراق على امتداد ثمانين عاماً، وكانت أسوأ مراحله في عهد النظام الصدامي المنهار الذي كان ممثلاً حقيقياً لبشاعة وقسوة ووحشية النظام المركزي الشمولي الاستبدادي.

ولعله من أغرب ما يجري في العراق من مفارقات هو أن أعداء تطبيق النظام الفيدرالي هم الأكثر حرصاً على تطبيقه في مناطقهم، وأن مناطقهم الآن ليس لها أي ارتباط بالدولة العراقية وهي غير خاضعة لقوانينها، وغير ملتزمة بدستورها، وغير معترفة بشرعيتها..وهي أن استطعنا توصيفها بدقة فلن نقول غير أنها منفصلة عن العراق!! فأين هذا من ذاك؟!

من جهة يزعمون الحرص على وحدة العراق ويدعون بان الفيدرالية ستقسمه، ومن جهة أخرى فإنهم..يمثلون منطقة أو مناطق منفصلة تماماً عن العراق كما أشرنا!.

لقد ورد في تقرير لمدير استخبارات قوات المارينز في العراق ونشرته صحيفة الواشنطن بوست مؤخراً، بأن محافظة الانبار تعد خارجة تماماً عن سيطرة الدولة العراقية، وان القوات المتعددة الجنسية قد عجزت في أيجاد أي شخص من ابناء تلك المنطقة يقبل بدخول العملية السياسية الجارية في البلد لخشية اهلها من بطش الارهابيين.. وقد أشار إلى ذلك أحد أبواق صدام المدعو هارون محمد يلماز الذي قال بأن منطقة الانبار وشمالها تكاد تكون منفصلة عن الدولة، وأن(الخردة)من السياسيين من ابناء هذه المنطقة هم الذين انضموا الى العملية السياسية(قناة الديمقراطية-الساعة 12 ظهراً يوم 15 / 9 /2006)..ومع اننا نزدري هذا المرتزق السارق لأموال الشعب العراقي ونحتقره لاتهامه الوطنيين العراقيين الشرفاء الذين يمثلون الانبار وما جاورها..إلا اننا نعتقد بأن المنطقة المذكورة تكاد تكون منفصلة عن الدولة.

وبناء على كل ذلك، نعتقد بأن اللعبة الديمقراطية تفرض على الجميع بقبول رأي الأغلبية والانصياع له بعد اعلان نتيجة التصويت على أي قانون..ونعتقد أيضاً بأنه لا بد أن يوازن بعض السياسيين عندنا بين أفعالهم وأقوالهم فلا ينكروا على بعض العراقيين حقهم في إنشاء اقليم لهم في حين يوافقون بل يعيشون في ظل إقليم يكاد أن يكون منفصلاً..فالعراق واحد، وإذا ما كان بعض السياسيين حريصون على وحدته فعليهم أن ينظروا بكلتا عينيهم إلى اوضاعه لا بعين واحدة!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك