المقالات

تصريحات البابا ضد الإسلام حرب صليبية في سياقها التاريخي

1501 18:53:00 2006-09-24

( بقلم : د. علي عظم )

يبدو إن الحرب الصليبية التي بدأت أواخر القرون الوسطى وبداية العصور الحديثة تلك الحروب التي باركتها الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية لم تنته بعد, لكن الظروف السياسية تملي على العالم المسيحي أساليب تختلف من فترة زمنية إلى أخرى, ولكن دوافعها واحدة هي الهيمنة على العالم الإسلامي سياسياً وسلب مقدراته الاقتصادية, فعندما فشلت الحرب العسكرية سابقاً ودحرت الجيوش الصليبية في العصور الوسطى, لجأت إلى أسلوب إقامة الأحلاف فحاول الاوروبيون التحالف مع المغول ضد المسلمين , غير إن الحضارة الإسلامية استوعبت الموجة المغولية و فشل العالم المسيحي من تحقيق أهدافه, ثم حاولت الكنيسة إثارة العالم المسيحي ثانيةً والقيام بحملات صليبية عندما اخذ العثمانيون في السيطرة على الدولة البيزنطية بإسم الإسلام وهذه الدعوة هي الأخرى فشلت بسبب أطماع الكنيسة الكاثوليكية بأملاك الدولة البيزنطية مما أدى إلى انهيار تلك التوجهات فجاءت المحاولة الأخرى بضرب الإسلام في اسبانيا والقضاء على الوجود الإسلامي ومن ثم احتلال العالم الإسلامي وساندت الكنيسة هذه السياسة وحدثت المذابح ضد العرب و المسلمين هناك وفي أوائل القرن السادس عشر ناشد البابا الدول المسيحية والمسيحيين احتلال العالم الإسلامي و من يُقتل هناك فهو شهيد, وبذلك ساندت الكنيسة التوجهات الاستعمارية للغرب كما هو الحال في مساندة الاستعمار البرتغالي, غير إن مجرى الأحداث و الصراع قد تغير نتيجة ظهور الدولة القومية في أوربا وتراجع العامل الديني في حركة السيطرة والاستعمار الحديث, ولكن هذا لا يعني بان الكنيسة قد انتهت آمالها في تدمير العالم الإسلامي بل ساهمت في دفع الحكومات الأوروبية إلى فرض قوانين تضمن هيمنة المسيحيين غير المشروعة على اقتصاد العالم الإسلامي , ثم برز ما يعرف بالمسالة الشرقية وهي الصراع بين الدولة العثمانية ذات الصبغة الإسلامية والدول الأوروبية المسيحية ومن مخلفات ذلك الصراع دولة لبنان القائمة على أساس حكم الأقلية المسيحية, ثم تطور الصراع في القرن العشرين يأخذ شكلاً آخر خاصة بعد بروز  قطبين دوليين مسيحيين هما الولايات المتحدة والغرب والاتحاد السوفيتي الأول يدعو الى احترام حرية الأديان, والثاني ذو توجه مادي يعتبر الدين مرحلة متخلفة في حياة الشعوب.

وهنا نلاحظ بان الطرف الاول قد سخر الفكر الإسلامي لمقارعة الطرف الثاني باعتباره ملحداً ويهاجم العقيدة الاسلامية, ويلاحظ هنا المراقب مخاطبة الكنيسة العالم الإسلامي والمسلمين بكل احترام كما أملته الظروف السياسية, حيث أقامت الكنيسة علاقة ودية مع الدول الإسلامية لاسيما ذات العقيدة السلفية مثل السعودية وبنفس الوقت تحالفت الكنيسة مع الحركة الصهيونية ومساندة دولة إسرائيل من جهة ثانية وأصبح الحلف الصهيوني – المسيحي حلفاً استراتيجياً وصل إلى حد تبرئة اليهود من شنق النبي عيسى (ع).

وبمجيء القرن الحادي والعشرين فان الهجوم المسيحي قد غير إستراتيجية دورة كاملة لاسيما وان العالم يشهد القطبية الأحادية في السياسة الدولية وعلى شكل حلقات خاصة بعد أحداث الحادي عشر من ايلول, ووصف الإسلام بالإرهاب بحيث أصبح أي طرح إسلامي فكري هو طرح إرهابي وصرح بعض القساوس الأمريكان بان محمد(ص) إرهابي. وان أي حالة دفاع عن النفس هي عمل إرهابي كما هو حاصل في النزاع العربي- الإسرائيلي أو الصراع بين إسرائيل وحزب الله, وفي هذا السياق التاريخي تأتي تصريحات بر لسكوني رئيس وزراء ايطاليا السابق إن الحضارة المسيحية تتفوق على الحضارة الإسلامية,وتلك التصريحات التي جوبهت بالرفض من الشارع الإسلامي فأعلن برد سكوني بأنها زلة لسان, ثم جاءت الرسوم السيئة للنبي محمد في الصحف الدنماركية والنرويجية وبعض الصحف الاوربية باسم حرية الصحافة واليوم تأتي ملاحظات البابا حول الإسلام ونبي الرحمة من اجل تعايش الأديان, والحقيقة إن هذا الحديث يأتي في السياق التاريخي للحرب على الإسلام بعد أن أصبح المسلمين قوة وهنالك دول تعتمد على الإسلام نظرية حكم مثل إيران, أو إن الحركات الإسلامية أصبحت جزءاً من القرار السياسي في بعض البلدان الإسلامية مثل فلسطين والعراق.وفي الوقت الذي ندين فيه البابا ونتهمه بأنه غير موضوعي ولم تكن لديه ثقافة واسعة بالأديان علينا ان نعترف بان المسلمين فيهم الكثير من القصور وعدم الوعي لواقعهم السياسي فكثير من القيادات الإسلامية عدوها الاول بعض الفرق الإسلامي كما هو الحال بالنسبة للحركات الإسلامية التي تتخذ العنف والقتل وسيلة لضرب معارضيهم كما هو الحال في العراق, حيث تدعم بعض القيادات الاسلامية والانظمة السياسية التي قتلت الشعب العراقي لاسيما أبناء الطائفة الشيعية بحجة إنهم مساندون للوجود الامريكي وهذا بعيد عن الواقع , وان أعمال العنف تخدم الأمريكيين ولا تخدم العراق مطلقاً, فالامريكي هو محتل ويجب انهاء احتلاله بأية وسيلة ولكن متى ما توحد الشعب العراقي,

 غير ان الواقع تجد قيادات دينية سعودية ومصرية وأردنية وفلسطينية تؤيد الزرقاوي وهو الذي يصب ناره على العراقيين اكثر مما يصب على الأمريكيين وهذا ما يؤدي إلى هوة بين عامة الشعب العراقي في الوسط والجنوب وإبعادهم عن روح المقاومة كما حرموا مساعدة المقاومة في لبنان واعتبروا إن الانضمام إلى المقاومة حرام لان تلك المقاومة شيعية ولا يجوز مساندة الشيعة كما هو الحال في السعودية فبالله عليك أي فتوى هذه تحرم القتال ضد الاسرائيلين على الرغم من انهم يحتلون ارضاً إسلامية, والانكى من ذلك إن بعض الحركات الإسلامية من صنع المخابرات الأمريكية نفسها مثل حركة طالبان.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك