المقالات

بالموازنة وحدها لايكون الرفاه /

721 14:50:00 2010-02-06

حافظ آل بشارة

بسرعة انتشر خبر تصويت مجلس النواب على موازنة 2010 التي يسيل لها اللعاب ، 70 مليار دولار ليس مبلغا هينا ، وربما تصل الى 100 مليار بسبب تدوير اموال من السنوات الماضية ، كنا في سيارة عالقة في الازدحام في قلب بغداد عندما اذاع المذياع خبر التصويت على الموازنة حتى ان المذيع كان صوته يتهدج وهو يذكر الرقم ، من زجاجة السيارة العالقة في الازدحام يمكن متابعة مسرحية تراجيدية كاملة على الرصيف المقابل تعرض مجانا وبشكل يومي ، المسرحية ذات علاقة بالموازنة التي تساوي عشر اضعاف موازنة بلد مجاور للعراق! المسرحية ابطالها عشرات من عمال البناء الذين يقفون صفوفا بانتظار صاحب عمل لتدبير رزق هذا اليوم ، بعضم يحملون الفؤوس والمجارف والمعاول والخيط والشاهول والمالج هؤلاء هم جيوش البطالة الوطنية ، وبشكل متداخل يعج المكان ايضا بنخبة من الشحاذين والشحاذات ، من الرجال والنساء والاطفال بعضهم يجلس على الرصيف وينظر في فراغ وبعضهم يقتحم رتل السيارات العالقة في الازدحام طالبا المعونة ، عندما كان المذيع يذكر الرقم (سبعون مليار) عبر الراديو قاطعته شحاذة شاحبة الوجه تحمل طفلا كالشبح يهيمن على كيانه الذبول اطلت علينا براسها قائلة ( لخاطر هليتيم هاذ ) وجاءت كلمتها الاخيرة ممتزجة مع كلمة المذيع (سبعون مليار) ، فلم تعد لدينا قدرة للتمييز بين المذيع والشحاذة ، فهل ان الشحاذة هي التي ذكرت الرقم ام ان المذيع هو الذي كان يحمل طفلا شبحيا عبر الاثير ، ماذا تغير في العراق مع مجيء الموازنة رقم 7 ضمن موازنات مابعد نظام صدام ، ابسط قواعد الاقتصاد تقول ان الاموال وحدها لا تكفي لمكافحة الفقر والبطالة وتحقيق الرفاه بل ان قيمة النقود اعتبارية وتتوقف على ماتختزنه من قدرة على توفير السلع والخدمات ، فقد تستثمر النقود في شراء السلع والخدمات وقد تستثمر في انتاجها والفرق كبير بين الحالين وهو فرق بين من تجعله النقود مستهلكا كسولا ومن تحوله الى منتج مثابر ، وعندما يكون الانسان منتجا ومستهلكا في الوقت نفسه سيكون ايضا مدخرا ومستثمرا ليقدم اداء اقتصاديا متكامل العمليات فيتوقع ليس فقط تحقيق الرفاه بل التحول الى قوة اقتصادية تؤثر في التوازن السياسي ، لن تكون ميزانية العراق مفيدة حتى وان اصبحت ترليون الا اذا تحولت الى وسيلة لتنفيذ تنمية اقتصادية حقيقية كثمرة للتنمية السياسية التي نجحت في بلدنا الى حد بعيد ، لكن التنمية لاتنفذ الا من خلال دوائر الدولة اولا قبل تدخل القطاع الخاص والشركات في مرحلة لاحقة ، أي الاجهزة الادارية القوية والمنظمة وذات الاطار الثقافي الملائم الذي يجعل العاملين يتحملون مصاعب العمل لاجل قيم واهداف معنوية ، وليس لدى العراق اجهزة ادارية وطنية موالية للشعب والتجربة السياسية الجديدة ، كيف يتحمل اعباء التنمية جهاز اداري موروث من النظام البائد هيمنت عليه روح الفساد والرشوة واللاابالية ؟ من يراجع دوائرنا الان يشعر فورا انه امام مجتمع اداري مفكك ومنهك ومحبط ، بعض الموظفين هم عبارة عن صدام صغير باستعلاءه وانانيته وفساده وانعدام دوافعه للعمل وهو زعلان دائما ولا نعرف ماذا يريد ، بل ان البعض حاقد على من يراجعه بدون أي مقدمات وبلا سابق معرفة ، هذه القاعدة الادارية الفاسدة لا تصلح كجهاز تنفيذي للتنمية ، كما ان محاولات تعيين عناصر نزيهة لتصلح الفساد فشلت اغلبها لان النزيه عندما يدخل الى هذا المحيط الفاسد يحاربه الجميع فاما ان يعزل او يصبح مثلهم بعد حين ، مشكلة العراق ليست مشكلة اموال ، بل هي مشكلة خطة تنمية مناسبة وجهاز اداري جيد لتنفيذها ، الغرب علمونا كيف نستخرج النفط وعلمونا كيف نبيعه وعلمونا كيف نضع خطط التنمية الاقتصادية فهل سنطلب منهم ان يعلمونا النزاهة وفي جنسياتنا مكتوب (مسلم) وفي جنسياتهم مكتوب (بلا دين ) ، البلا دين يعلم المسلم النزاهة اليست هذه من علامات الظهور ام من علامات القيامة ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك