المقالات

الدعاية الانتخابية وهدر المال العام

862 21:45:00 2010-02-22

علي محمد البهادلي

شهد ملف الانتخابات العراقية عدة عقبات بدءً بنقض قانون الانتخابات وإجراءات هيئة المساءلة والعدالة التي أسفرت عن استبعاد عدد من مرشحي الكيانات السياسية للانتخابات البرلمانية ، مروراً بطلب الهيئة التمييزية لتأجيل تطبيق مقررات قانون المساءلة والعدالة إلى ما بعد الانتخابات ، وانتهاءً بقرار الهيئة باستبعاد أغلب الأسماء التي رفعتها هيئة المساءلة والعدالة ، وبعد التي واللتيا حُسِم الموقف أخيراً ، وبدأت الحملات الانتخابية .

إن من يراقب سير الحملات الدعائية للانتخابات يلاحظ بوضوح حجم الأموال التي صرفتها الكيانات السياسية للترويج عن مرشحيها ، فبعض الكيانات دعاياتها كبيرة جداً ، وهو ما نراه من خلال الملصقات والصور التي لا يمكن رفعها إلا " بشفل كاو سكي " والظهور المكثف في وسائل الإعلام وإقامة الندوات والمؤتمرات التي تروج لهم في قاعات وصالات الفنادق ، فضلاً عن الولائم الدسمة ، والإعانات النقدية والهدايا التي يقدمها المرشحون للمواطنين أثناء تجوالهم في المدن والقصبات العراقية ، لا سيما المدن والقرى الفقيرة التي تقل فيها فرص العمل وتنتشر فيها البطالة ويكون مستوى الدخل فيها متدنياً ، وهذه الأعمال تتطلب من المرشحين وكياناتهم السياسية أموالاً طائلة ، أما بعض الكيانات ومرشحوها ففقر حملتها الانتخابية بادٍ بوضوح ، فتكاد تقتصر حملاتها الانتخابية على قطع من القماش يُكتَب عليها اسم المرشح وقائمته و بعض الملصقات المتواضعة والأوراق المنسوخة ، أما الدعايات في الفضائيات فـ" العين بصيرة واليد قصيرة " .

إن المقارنة الخاطفة بين الطرفين " الأغنياء في حملاتهم والفقراء " يشير إلى وجود بون شاسع في إمكانات الطرفين المالية ، ولا يعني بالضرورة إلى وجود مصدر مالي مشبوه يمول الطرف الأول ؛ لأن بعض الكيانات السياسية يتمتع الكثير من أعضائها بمواقع كبيرة في الدولة ، مما يتيح لهم الحصول على أموال ضخمة ، فكلنا يعلم حجم رواتب المسؤولين في مناصب الدولة والمخصصات والإعانات الاجتماعية التي يتقاضونها ، فلا غرابة في أن تكون حملاتهم كبيرة وقوية وتُصرَف فيها مبالغ ضخمة ، لكن الأمر لا يخلو من شبهة ، فالسياسيون الكبار يمكنهم ـ من خلال تسنمهم مواقع في السلطة ـ أن يستغلوا مواقعهم ومناصبهم تلك وأن يستعملوا المال العام في الحملات الانتخابية في ظل ضعف الشفافية التي يتمتع بها هؤلاء السياسيون ، فعلى الجهات المعنية بهذا الملف أن تكثف جهودها من أجل التأكد من سلامة الدعاية الانتخابية مما يشوبها من فساد سواء باستغلال المال العام أو استغلال مؤسسات الدولة للغرض نفسه ، وما قامت به هيئة النزاهة بتشكيلها فرقاً لمراقبة العملية الدعائية ؛ تجنباً لاستغلال المال العام للترويج عن القوائم والكيانات السياسية ومرشحيها شيءٌ مفرح ، ولا بد من تعاون الجهات الرقابية الأخرى كديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين ، فينبغي أن تفعِّل هذه المكاتب هذه الأيام حملتها في دوائر الدولة ومؤسساتها ؛ لأن ابتلاع الأموال واستغلال مؤسسات الدولة في الدعاية الانتخابية سيكون على قدم وساق، أما الرقابة المدنية والشعبية ، فلها نصيب من ذلك العمل ، فيجب على جميع المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام فضح الممارسات المشبوهة التي يحتمل أن يقع فيها هذا الكيان السياسي أو ذاك لا سيما تلك التي يُشَم منها رائحة أموال الدولة ومؤسساتها ، وإبلاغ الجهات الرقابية بذلك ؛ لأننا في طور تأسيس دولة تقوم على مبدأ الشفافية والحفاظ على المال العام وبدون تكاتف الجميع من أجل الوصول إلى هذا الهدف ، فالفاسدون سيتسلقون مرة أخرى إلى البرلمان والحكومة ، وسيجعلون من فقر المواطن وسذاجة البعض سلماً للوصول إلى غاياتهم الدنيئة ، ولا ننسى أن نذكر إخواننا الناخبين أن عليهم مسؤولية كبيرة تضاف إلى سلامة الاختيار والإدلاء لهذا المرشح أو ذاك ، وهي عدم الضعف أمام الإغراءات التي يقدمها المرشحون إليهم في هذه الأيام ، فكم من لذة عاجلة أورثت نقمة آجلة.

علي محمد البهادلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهراء محمد
2010-02-24
هناك بعض النواب اليوم صرفوا الملايين دولارات من غير وجع كلب ؟؟وليس هناك من يسالهم من اين لكم هذه الملايين اليس هذه الملاين هي من قوت العراقيين الفقره والمظلومين ام لا؟؟!والغريب بعض النواب له ميزانية والله لو صرفها على الفقراء والمحتاجين لكن احسن دعاية له مثلا لو تكفل برعاية الايتام والفقره والذين دمرهم صدام القذر ابان حكمه الدموي ؟؟لكن لانقول الا انه سوف تحاسبوا سوى في الدنيا او في الاخرة..ولااعتقد اجندات الغريبة عن العراق سوف تسعفكم ابدا"؟!
ابو محمد العبادي
2010-02-23
الكلام في عموميات الاشياء لا يجدي وما يفيد هو ان نقول وننبه وبصراحه فلا هيئة النزاهه تملك الجراءة ولا الجهات الرقابيه لها من الثقل ما يكفي لتقول الحقيقه فالدعايه الانتخابيه لقائمة دولة القانون مثلا دعايه ضخمه قد تحتاج القائمه لمئات الملايين كي تغطيها حيث خصص بيت لكل مرشح وفي احياء متفرقه من المدن علاوه على كثافه غير مسبوقه للصور الكبيره وهذا خارج امكانيات اي حزب في العراق او العالم وما يقال ان هذا من تبرعات المواطنين فهذا كلام لا يقنع حتى البسطاء فاين مفوضية الانتخابات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك