المقالات

قبل الأنتخابات : التزوير إنتاج للشرعية المعطوبة

691 17:00:00 2010-02-23

قاسم العجرش

الانتخابات هي آلية ديمقراطية وهي محطة من المحطات السياسية الهامة في تاريخ ومسار أية هيئة سياسية سواء كانت سلطة حاكمة أو أحزاب سياسية بل إن أهميتها تتعدى هذه الدوائر لتشمل كل مكونات الرأي العام لكونها تعكس إرادة الشعب وتوجهات المجتمع وطموحاته وتتعلق بكيفية إدارة الشأن العام وترتسم على ضوئها خيارات الوطن ومستقبل البلاد، وهذا لكون الشعب هو مدار السلطة حسب منطوق الدستور وهو الذي يعيد إنتاجها حسب معايير الشأن العام ولهذا أيضا تعتبر الانتخابات حدثا بالغ الأهمية على الصعيدين السياسي والإستراتيجي للدولة ويشكل أحد المدخلات الرئيسية التي تساهم في تحديد وتقنين شكل التوجهات والتحولات القادمة، وهي بهذا أيضا آلية ومؤشر على كيفية بناء مؤسسات الدولة تهدف إلى حل مشكلة الحكم وذلك بجعل الحكام خاضعين إلى إرادة المحكومين أو مضطرين للخضوع لها خضوعا متقنا ومنظوما.والانتخابات التي تجري بانتظام قد تكون الوسيلة الرئيسية لإشراك الجزء الكبير من المجتمع وتفاعله مع الحكومة، بل إن الدول التي تحترم نفسها وشعبها وميراثها أصبحت تعود إلى الشعب في كل قراراتها المصيرية وتتلمس منه الرؤية وتقرأ رسالته بعمق وجدية.إن مشهد جريان الانتخابات والكيفية التي تجري بها والظروف التي تنظم فيها هي دليل إثبات على نجاح التجربة بالديمقراطية وترقية العملية السياسية كما قد تكون وفي نفس الوقت دليل إثبات على التزوير والتلاعب بالعملية الانتخابية والإرادة الشعبية وبالتالي إجهاض التجربة والالتفاف حولها وتشويهها.إن نزاهة الانتخابات مؤشر قوي على ربط مسار الدولة وممارسة الحكم وإدارة الشؤون وضبط إيقاعها مع مطالب واحتياجات المواطنين حيث تكسب التجربة نموا مطردا وتقدما متواصلا على طريق تحقيق الأهداف المسطرة، وتساهم الانتخابات النزيهة بشكل إيجابي وتؤدي دورا محوريا في تعزيز المشاركة والمساءلة والشفافية وهي صفات يقر الجميع أنها من مواصفات إدارة الحكم الراشد.وإذا كانت الانتخابات تشكل جزء من الحل ، فإن التزوير الانتخابي يعتبر بمثابة تأجيل الحل أو تمديد في فترة التأزيم ومن ثم فهي إهدار للفرص التي تتاح من حين لآخر للأنظمة السياسية، فعوض التحضير والدخول لمرحلة ما بعد الأزمة وفق ما تقتضيه هذه المرحلة والدفع بالبلد خارج خطوط الأزمة فإن تزوير الانتخابات من شأنه تكريس التأزيم والركود السياسي وإنتاج الشرعية المعطوبة ، وأيضا تعميق وتوسيع الهوة بين المجتمع والسلطة وقتل لروح الأمل في نفوس المواطنين والدفع للتيئيس وانسداد الأفق وشيوع ممارسات الطفيليات والانتهازية والفساد المالي والأخلاقي واضطرابات القيم والمعايير وتمييع للعمل السياسي والانتخابي وانتشار ممارسة وأسلوب الاحتكارية وسياسة الهروب إلى الأمام والقفزات الطفراوية، لأن التزوير في مفهومه العام هو إقصاء للمجتمع أو لجزء معتبر منه من الشأن السياسي العام وسد للأفق السياسي من إمكانية التغيير والتداول السلمي على السلطة وبالتالي هو إفساح المجال للفكر المتطرف بالظهور والامتداد ودفع للتهميش والإقصاء وهي كلها مؤشرات تؤدي إلى نمو أفكار وممارسات عنيفة ومتطرفة تعتبر بمثابة فتائل ملغومة قابلة للانفجار في أي وقت فهل يعقل أن تعمد السلطة أو أية جهة من الجهات إلى تلغيم المستقبل وهل تقبل أن ترهن الأجيال في ممارسات عفى عليها الدهر وباتت عنوان للتخلف والاحتكارية الأحادية والاستبداد بل هي في أقل تقدير تظهر السلطة التي ما تزال تمارس هذه الممارسات في صورة كاريكاتورية وكأنها ما تزال لم تعرف بعد ظاهرة الشريك السياسي في وقت تشكل فيه المشاركة السياسية جوهر العملية الديمقراطية.إن الانتخابات المزورة تمثل المأساة الكبرى للديمقراطية والخطر الكبير الذي يتهددها، فالتزوير يمكن أن يبدأ من تغيير المواعيد السياسية، كما أن أشكاله وأنماطه قد تعددت وتباينت فهذا تزوير مفضوح وآخر تزوير ذكي وآخر تزوير مبرمج.. إلخ، ويمكن أن يمس كل الاستحقاقات السياسية ومعظم جوانب العملية الانتخابية من قوائم ومحاضر ومراقبة والصناديق والأرقام وغيرها،..

إن مساوئ التزوير وتداعياته باتت بادية للجميع وإشارة ما فتئت في التوسع والخطورة من موعد سياسي لآخر لأن هذه المخاطر لا تتعلق بالأرقام كأرقام فقط بل تمتد لتفقد الفعل الانتخابي والفعل السياسي محتواهما الحقيقي وتدفع الشعب إلى الاستقالة من العلمية السياسية وتشوه سمعة مؤسسات الدولة وتهز الثقة بين المجتمع والدولة ومعظم مخاطر هذه التداعيات لا تحتاج إلى توضيح أو برهنة، وبالتالي فإن التأكيد على الإصلاح هذا الاختلال لا يمكن لأحد أن يعتبره مجرد إصلاح تقني بل هو إصلاح جوهري يمس كيان الدولة ويرتبط بمستقبل مؤسساتها لاسيما في ما يتعلق بإدارة الشأن العام والعلاقة مع المواطنين.وعلى ذات الشأن كان قد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في إحدى مواده بالقول عن إدارة الشعب هي مناط السلطة ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو إجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت .أن الانتخابات تستمد مصداقيتها بنزاهتها وروحها الديمقراطية ونظافتها من كل تلاعبات أو ضغوطات أو تحيزات وكذا بمدى المشاركة الشعبية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك