محمود الربيعي
إن إختيار رئاسات وحكومة من المستقلين ليس بالأمر المستحيل، وأن المشاكل المستعصية في العراق تقتضي إنهاء كل أنواع المحاصصة والمشاركة المبنية على الإصطفافات والمساومات غير المسؤولة، وعلى هذا الأساس فإن إختيار عناصر كفوءة وأمينة وحريصة ومستقلة بات ضرورياً للحكم والمسؤولية في العراق في المرحلة القادمة بعد إنتهاء عملية الإنتخابات.
كما إن تحقيق الإستقلالية للإدارات الحاكمة في العراق وأستقرار قراراتها الوطنية هو الحل الأنسب للنظام الديمقراطي في العراق، وهو الطريق الأسهل للحد من محاولات التدخل الأجنبي والإقليمي، وأسلوب ناجح لإنهاء تشويش البعثيين على االتوجهات الديمقراطية، ويمكن أن يعتبر منهج راحة لجميع الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية داخل البرلمان والتي يمكن لها أن تؤدي أدوار بناءة ومفيدة في مجال تحقيق الوحدة الحقيقية، وإندماج يساعد على إتخاذ القرارات المصيرية الصعبة التي تتعلق بأمن البلاد وإستقرارها.
إن التطور الحاصل في العملية الديمقراطية يدعونا اليوم الى تطوير آليات هذه العملية، ومحاولة إيجاد فهم جديد يساعد على التخلص من آليات المحاصصة المذمومة، أوالمشاركة غير المبنية على إستحقاقات حقيقية، ويجب أن تستبدل آلية المحاصصة هذه بإختيار عناصر قادرة على أن تتخذ قرارات وطنية ذات أبعاد تتسم بالإستقلالية وتمنح الكتل فرصة تحقيق تقدم ملموس في المجالات الأمنية والإقتصادية.
ولابد للمشاركات المبنية على الأبعاد الطائفية والعنصرية أن تنتهي لتتخذ الحالة السياسية أبعاداً وطنية جديدة تكون أكثر ملائمة للحياة الديمقراطية يمكن أن تمكنها من تحقيق الإستقلال في العمل المهني والإداري، وتكون في نفس الوقت قادرة على أن تبعد شبح الدكتاتورية الفردية أو أية دكتاتوريات سياسية حزبية أخرى، ومن هذا المنطلق يمكن لنا أن نعبر الحواجز التي تحول دون تحقيق مشروع وطني حقيقي.
كما أن آلية إختيار الرئاسات الثلاث يجب أن تتم بمعزل عن التدخلات الحزبية، وعلى الأحزاب أن لاتتدخل في عملية التعيين، لأن ذلك يعتبر من الظواهر السلبية التي يمكن أن تؤثر بوضوح على سير العملية السياسية، ومن الضروري أن يخضع طريق الإختيار الى المواصفات الإدارية والمهنية، وأن تتشكل لأجل ذلك لجان من الخبراء والمستشارين الإداريين والمهنيين تساعد على إختيار هياكل متقدمة لإدارة البلاد، وكلما كان الإختيار جيداً وصائباً كان أفضل .
لقد أدرك الشعب العراقي بأن مخاطر المحاصصات والمشاركات غير المجدية والمستندة الى إرادات وأهواء حزبية هو هدم للأصول الديمقراطية، وطريق سئ لوصول وزراء غير لائقين، وإن هذا المخاطر ستلحق الضرر البالغ بالإستحقاق الديمقراطي وبالإرادة الشعبية.
إن إختيار حكومة مهنية وادارية بعيداً عن حركات الإلتفاف كفيل بإنجاح الدولة وإدارة شؤونها، وكفيل بالقضاء على كافة التوجهات العنصرية والطائفية، ويساعد في فسح المجال أمام السياسيين لتغليب المصالح الوطنية العليا للبلاد على جميع أنواع المصالح الضيقة، ولقد أصبح واضحاً بأن الإدارة المهنية للبلاد أجدى وأنفع من كل انواع المحاصصات والمشاركات التي تقوم على مبدأ المساومة.
إن الإستمرار في توزيع الرئاسات والوزارات على أسس طائفية وعنصرية لايخدم الأبعاد الوطنية الستراتيجية، ولابد من إحداث تحول في آليات تلك الإختيارات وإعتماد المهنية والكفاءة والإستقلال لإبعاد تركات الماضي التي زرعتها الحكومات السابقة، وإيقاف كل أنواع التدخلات الخارجية.
إن الشعب العراقي قادر على رفد العملية السياسية برجال أكفاء يتمكنون من إدارة الدولة من دون حاجة الى خيارات طائفية وعنصرية، وقادرين على تحقيق النجاح وفق مبدأ العدالة وإحترام حقوق الإنسان، ولقد أثبتت الظروف أن المحاصصات والمشاركات المبنية على أسس المساومة كانت دائما ماتتم على حساب مستقبل هذا الشعب المظلوم.
وأخيراً وبعد أن حقق الشعب العراقي إرادته في إختيار نظام القائمة المفتوحة والإعلان عن أسماء المرشحين قادر على أن يطالب بحقه في إختيار عناصر تتميز بالإستقلال والكفاءة والأمانة والحرص على أن يلتزم الحاكم والمسؤول بهذه الإلتزامات خصوصاً بعد أن أسهمت المرجعية الدينية وبشكل كبير بدعم هذه المطالب الشعبية وعلى رأسها المرجع الديني الكبير آية الله العظمى سماحة السيد علي السيستاني، وكذلك بقية المراجع العظام حفظهم الله.
https://telegram.me/buratha