المقالات

الإمام علي (عليه السلام) والنصارى أفق القيادة...وسعة الإسلام الرحب..في بناء المجتمعات الإنسانية

5126 00:25:00 2006-10-07

( بقلم : جاسم فيصل الزبيدي )

*- كيف تعامل الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع الطوائف الأخرى ومع معارضيه؟؟*- ماذا قال الإمام علي(عليه السلام)حين مر على إحدى الكنائس؟جاسم فيصل الزبيديهل لابد من ضرورة الى ديباجة او مدخل؟؟اذا كانت فلتكن الى عليّ…ولتكن ركعتان …واحدة:ـ لليد التي أمتدت لترعى ذلك الرجل النصراني الكبير بعد ان أنهكنهُ الايام وسلبته اجمل لحظات الشباب ورونقها ..ليتم أدراج اسم ذالك النصراني في ديوان بيت المال والثانية:ـ لابتسامة الاحتجاج التي ارتسمت على شفتيّ علي المطعمتين بالصلاة وقداسة الزهد وجوهر التقوى …ابتسامة ارهقتها أماني العراقيين وشغب العرب وعناد المسلمينعلي بن ابي طالب(عليه السلام)…رجل لم يعرفهُ العرب والمسلمين سوى مولدهِ ..وكيف يعاشر السيف ،ويعقد مابين حقل ورمح…رجل كان بريئاً من شهوة السلطة الاان يقيم حقاً او يدفع باطلاً..رجل كانت الظروف اكبر من امانيه..كان حريصاً على عدم سفك الدماء..كان ملجماً بالورع والتقوى..ولذلك انتصر خصمهُ في حلبة السياسة التي لاتعرف الرحمة وتعتبر ان الغاية تبرر الوسيلة.علي بن ابي طالب(عليه السلام)…رجلٌ جمع الكون بكُلْيماتٍ..لإنهُ موقن بان عظمة الله تعالى في معرفتهِ…رجلٌ لم يحاسب أي إنسان بسبب تفكيرهِ أو عقيدتهِ…رجلٌ كان يبكي على أعداءهِ وهو يراهم صرعى مجندلين على الرمضاء وهو يقول:ـ انهم مسلمون؟

رجل تسلم زمام الحكم وكانت الدولة الإسلامية آنذاك تشمل أكثر من خمسين دولة بجغرافية اليوم، ثلثي الكرة الأرضية كانا تحت سلطته ..ولم تكن هناك منظمات حقوق الإنسان حتى يتخوف الحاكم من هجوم كاسح لمنظمات حقوق الإنسان عليه. لم تكن توجد دولة أخرى تخيف وتنافس ويلجأ إليها المعارضون لو ضغط عليهم، في هذا الجو وبتلك المقدرة والقوة أصدر الإمام مجموعة من القرارات في خلال فترة زمنية معينة، وبينما كان جالساً في المسجد وإذا به يسمع ضوضاء خارج المسجد، فسأل ما الخبر فقيل له: إن هنالك جمعاً خارجون في يتظاهرون ضد الإمام علي بن أبي طالب (ع). يحتجّون ويعترضون على قراركَ ما الموقف الآن؟

حاكم مطلق، ثلثا الكرة الأرضية تحت سلطته، في أوج قوته ولا توجد منظمات حقوق الإنسان أو أبواق إعلامية أو أي شيء من هذا القبيل هل يعتقل؟ هل يضرب؟ هل يفرق المظاهرة بالقوة؟ الإمام أجاب بكل بساطة: حسناً فليفعلوا ما يحلو لهم.

إذا كان الواجب أن أنهاهم عن المنكر - إلى هذا الحد - من الواجب على الإنسان أن ينهى عن المنكر لكن ما وراء ذلك؟ هل يعجبهم؟ فليفعلوا ما يريدون.

إذاً هذه القيمة من القيم، محرم من المحرمات من جهة ومن جهة ثانية أصالة الحرية الموجودة في الإسلام وقانون الأهم والمهم وملاحظة سائر تبعات القضية، إن الإمام (ع) فسح لهم المجال. إنه كواجب شرعي يجب إبلاغهم بأن ذلك ممنوع ومحرم ، لكن لو رفضوا الامتثال..فلا سجن ولا تعذيب لا تفريق للمظاهرة لا ملاحقة لا قطع للعطاء من بيت المال، بل العكس اتركهم على حريتهم.النماذج على ذلك ليست بقليلة في حياة الرسول الأعظم (ص) وفي حياة أمير المؤمنين (ع).نموذج آخر: الأشعث بن قيس هذا الرجل الذي ساهم في التخطيط لاغتيال الإمام علي (ع) وبنته جعدة هي التي سمّت الإمام الحسن (ع) وأبنه محمد هو الذي شارك في قتل الإمام الحسين (ع) فأية عائلة هذه؟

الأشعث بن قيس - بنى في داره مأذنة، والإمام علي (ع) كان شخصياً يرتقي مأذنة مسجد الكوفة ويؤذن، وهذا مستحب - لأن الأذان هو رمز ارتباط الخلق بالخالق، فالأفضل أن يكون القمة في الكمالات البشرية والروحانية هو ذلك الذي يحمل هذه الرسالة - نحن نتصور أن المؤذن ذو مرتبة دانية، ولكن الأمر بالعكس، فالأمير شخصياً كان يؤذن والأشعث بن قيس بنى في بيته مأذنة وكان يرتقي هذه المأذنة بمجرد أن يعتلي الأمير المأذنة ويبدأ بالهجوم اللاذع والسباب البذيء لأمير المؤمنين، فكيف كان تعامل أمير المؤمنين وهو الحاكم لبلاد المسلمين؟ حيث كان الأشعث يقول في إحدى عباراته:أيها الرجل إنك لكاذب فاجر، وفي مواطن أخرى كان يقول له: إنك لكاذب كافر وهذه تعد أسوأ مسبة في عرف المسلمين خاصة بالنسبة لحاكم المسلمين الأعلى.

والمأذنة في ذلك الوقت بمنزلة الإعلام المسموع في هذا اليوم. وهي تعني الأداة التي توصل صوتك إلى أكبر عدد ممكن من الناس، فكيف تعامل معه أمير المؤمنين (ع)؟ هنا نجد شيئين قيمة الحرية وقيمة ثانية، لا للتعدي.. إذ لا يحق لك أن تجرح شعور الآخرين، مع قطع النظر عن كونه حاكماً بل عن كونه أمير المؤمنين، أنت حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين. بالنتيجة فكما أن لهذا حق، فذلك له الحق أيضاً، وأنا لا يحق لي أن أهاجم كل واحد أو أسب كل واحد، هذه قيمة من القيم لكن كيف تعامل الأمير مع هذا الأمر؟

رجح جانب الحرية على هذا الجانب، الأصحاب يضغطون عليه إذ أنهم لا يتحملون ذلك إنه حاكمهم المحبوب أميرهم وإمامهم، وذلك عبّر عنه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم):(يا علي إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)،وغيرها من العبارات المختلفة. قيل له هذا يسب جهاراً وفي وضح النهار ولأيام طويلة، فضغطوا على الأمير لكي يعتقله فرفض الأمير، ضغطوا لكي يمنعه رفض، ضغطوا لكي يهدم مئذنته رفض الإمام وقال: أو ليس قد بناها في داره؟إذن الحرية قيمة من القيم، الأكثرية قيمة من القيم، العدل والإحسان قيمة من القيم، المحرمات والواجبات كلها قيم مختلفة، هذه القيم ينبغي أن تلاحظ بشكل مجموعي ثم نفرز المحصلة النهائية.عليّ بن ابي طالب(عليه السلام)…رجلٌ مر على خرِبة فقيل لهُ:ـ هذه كنيسة؟..قال:ـ بلى هي كنيسة فقيل لهُ:ـ لكم أُشركَ بالله هاهنا؟فانبرى بأفقه الواسع قائلاً:ـ ولكم عُبدَ الله هاهنا…انتم تنظرون من منظاركم انتم،لا بمنظار اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي والتنزيل.لاجل هذه النظرة تعشقت النصارى بِحُبِ عليّ وابناءُ عليّ وتغزلت بهم وصدحت حناجرُ شعراؤها هاتفتاً:ـيقولون:ـما بال النصارىتُحِبُّهم واهل النُهى مِن أعرُبٍ وأعاجمِفقلت لهم:ـ إني لأحسبُ حبهمُسرى في قلوب الخلق حتى البهائمِبقراط بن أشوط(الوامق الارميني)بقراط بن أشوط،الوامق الارميني،النصراني،كبير بطارقة أرمينية في القرن الثالث الهجري،كان عالما بفنون الحرب وشؤونها،وقائداً فذاً في ميادينها،عاش في زمن طاغية بني العباس(المتوكل)الذي منفك يطارد شيعة ومحبيّ أهل البيت(عليهم السلام) يُسمل عيونهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويلصبهم على جذوع النخل،حتى وصل بهِ الأمر إلى هدم قبر الإمام الحسين(عليه السلام)ويضيق الخناق على الإمام علي الهادي(عليه السلام)في أمور يفصلها أصحاب السير والمقاتل فليراجع من احب الاطلاع والزيادةتعشق بقراط بن أشوط بسيرة مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام)وانشد فيه الأشعار ضاع منها الكثير سوى ما نقلهُ الشيخ(عبد الحسين الأميني النجفي)في موسوعتهِ الرائعة(الغدير)يصف ابن شهرآشوب بقراط بن أشوط في كتابه(معالم العلماء)بأنهُ:ـ(من مقتصدي المادحين لأهل البيت)واعتقد كما يعتقد الكثيرين من الباحثين ان أحداث أرمينية والاضطرابات التي حصلت كانت نتيجة اعتقال بقراط بن أشوط سنة 237هـ وتسيرهِ مع ولده نعمة إلى المتوكل العباسي كما يذكر ابن الأثير في كامله واليعقوبي في تاريخه يقول بقراط بن أشوط في قصيدته:ـأليس بخُمًّ قد أقام محمَّدعليّاً بإحضار الملا في المواسمِفقال لهم:ـمن كنتُ مولاهُ منكُمُفمولاكُمُ بعدي عليّ بنُ فاطمِقال:ـإلهي كنْ وليّ وليّهِوعادِ أعاديه على رغم راغمِأما رد عمراً يوم سَلعٍ بباترِكأنّ على جنبيهِ لطخ العنادمِوعاد ابن معدي نحو أحمد خاضعاًكشاربِ أثلٍ في خطامِ الغمائمِوعاديتَ في الله القبائل كلهاولم تخشَ في الرحمن لومةُ لائمِوكنتَ أحقّ الناس بعد محَّمدٍوليس جهول القوم في حكم عالمِ

زينبا بن أسحق الرسعني الموصلي النصرانيبعض المؤرخين يذكر أسمهُ كذا(زبيتا)و(زينبا)وزينب بنت اسحاق ..يذكرهُ الشيخ المرحوم(عبد الحسين الاميني النجفي)(طيب الله ثراه الطاهر)في غديره:ـ(ذكر له البيهقي في المحاسن والمساوئ،والزمخشري في ربيع الابرار،وابو حيّان في تفسيره البحر المحيط،وابو العباس القسطلاني في المواهب اللدنية،وأبو عبد الله الزرقاني المالكي في شرح المواهب،والمقري المالكي في نفح الطيب،والشيخ محمد الصبّان في أسعاف الراغبين(ص117) نقلاُ عن الامام أبي عبد الله محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الشاطبي قولهُ:ـعديٌّ وتيمٌ لا أحاول ذِكرَهابسوءٍ،ولكنّي مُحِبٌّ لهاشمِوما تعتريني في عليٌّ ورهطِهِإذا ذكروا في الله لومة لائمِيقولون:ما بال النصارى تُحِبَّهموأهل النُهى من أعرُبٍ وأعاجمِ؟فقلت لهم:ـ إني لأحسب حبَّهمْسرى في قلوب الخلق حتى البهائمِ

ومن النصارى أيضاً أبي يعقوب النصراني الذي يذكره الشيخ عماد الدين الطبري في الجزء الثاني من كتابه(بشارة المصطفى)ويذكر مقطع من قصيدته نقتطف منها هذا البيت:ـإني بحبهم أرجو النجاة غداًوالفوزَ معْ زمرةٍ من احسنِ الزُمَرِعبد المسيح الإنطاكي المصريوهو من متأخري النصارى الذين مدحوا الإمام عليّ(عليه السلام)فقد نظم قصيدته العصماء التي بلغت حسبما ذكرهُ شيخنا المرحوم عبد الحسين الاميني النجفي(طيب الله ثراه(5595) نذكر منها قولهُ:ـكذا النصارى بحبّ المرتضى شُغِفَتألبابُها وشَدت فيهِ أغانيهافلست تسمع منها غير مدحته الــغرّاءِ ماذَكَرتهُ في نواديهافارجع لقُسّانها بين الكنائس معرُهبانِها وهي في الاديار تأويِهاإلى آخر القصيدة الجميلة الرائعة

وأخيراً وليس آخر فقد تحركت قريحة الأستاذ(بولس سلامة)لينظم حبهُ للإمام علي(عليه السلام) شعرا وملحمة اسماها(عيد الغدير)وهي مؤلفة من(3085)بيتاً .ولولا التطول لذكرنا المزيد من شعراء النصارى الذين مدحوا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة وتغزلوا بمولانا الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك