حافظ آل بشارة
تعتبر الانتخابات معيارا تقيس به الاحزاب الوطنية شعبيتها وحيويتها وقدرتها على التجدد ، في العراق هناك احزاب كارتونية ليس لها غطاء جماهيري وتقف وراءها حقائب ثقيلة من الدولارات الزاحفة عبر الحدود ، وهناك احزاب حقيقية كتبت تاريخها بدماء الشهداء وارتبطت باسماء مقدسة ، الانتخابات كشفت تراجعا لبعض الاحزاب عن مستوى التوقع ، وتقدم احزاب اخرى ، والتزوير ان ثبت له تأثيره ايضا ، في كل الاحوال هناك مخاوف لدى الشعب من تآكل الاحزاب الوطنية العريقة التي قادت حركة التغيير في العراق ، وتصنف التحديات التي تواجهها الى تحديات ذاتية داخلية وتحديات موضوعية ، والحزب مثل الفرد اعدى اعداءه نفسه التي بين جنبيه فالحزب اذا قدر على نفسه فهو على غيرها اقدر ، ولمعرفة نوع التحديات الذاتية لابد من مقارنة النماذج التنظيمية القائمة مع النموذج المثالي للحزب او الحركة في العالم ، فالحزب تجمع لمواطنين لديهم اهداف سياسية وفكرية مشتركة ويسعون للوصول الى السلطة ثم الاحتفاظ بها لتطبيق رؤيتهم التنفيذية ، وقد يكون الحزب نخبويا او جماهيريا ، ويغلب على الانظمة الديمقراطية النظام الحزبي التنافسي اما بين حزبين كما في امريكا وبريطانيا او اكثر كما في فرنسا وسويسرا والمانيا وغيرها و لابد من تحالفات لتشكيل الحكومة ، البعض عندنا يذم وجود الاحزاب ويلعنها ويعتبر صراعاتها من علامات الساعة وذلك لجهله بأهميتها في الحياة السياسية ، فالديمقراطية لولا وجود الاحزاب تبقى حبرا على ورق ، الاحزاب تستقطب الناس وتوفر لهم آلية للمشاركة في صنع القرار ، وتقوم بتعبئة الشعب وتطوير وعيه ، وتعطي فرصة لظهور جميع الاراء والتوجهات بحرية وبشكل منظم ، اضافة لكونها اسلم اسلوب لممارسة الرقابة على المؤسسات والسلطات ونقدها وتوجيهها ، كما تبلور الموقف العملي من الحكومة واي سلطة في البلد وتمنحها الشرعية او تحجبها عنها بالمشاركة او الاعتزال ، و تنظم اساليب المطالبة بالحقوق المشروعة وقد تضطر احيانا الى قيادة عمليات العصيان والمواجهة ومقاومة العدوان الخارجي . كل حزب بامكانه ان يقارن اوضاعه باستخدام المعايير التنظيمية المعروفة عالميا ، ثم يدرس ما اصابه من تراجع لمعرفة اسبابه ، وفي الخطوة الثانية يتخذ قرارات جريئة للتصحيح وان ادى ذلك الى جراحات مؤلمة ، هناك قانون تنظيمي مفاده ان الدولة ثمرة عمل الاحزاب ، لذا يفترض اولا اجراء الاصلاحات التنظيمية في الحزب والتي تشمل الاهم كالدائرة السياسية والاعلامية والفروع ، واعادة صياغة الرؤية الاديولوجية والنظام الداخلي ثم الانصراف الى تشكيل مايسمى دولة الظل أي تشكيل هيكلية دولة افتراضية صغيرة داخل الحزب فيها كل الوزارات والسلطات وان كانت كل وزارة ممثلة بعدد من الاشخاص المختارين بدقة ، وكذلك برلمان ظل ، هؤلاء يحضرون اجتماعات منتظمة ليدرسوا اداء الوزارات المناظرة في الحكومة كلا حسب اختصاصه مع التأكيد على الاسلوب التكنوقراطي التخصصي في ادارة وزارات الظل اما برلمان الظل فيضم المرشحين المقبلين للبرلمان والمجالس المحلية ويمارسون عملا تشريعيا ورقابيا تجريبيا ، وجميع هؤلاء يدخلون دورات علمية تخصصية في مجال عملهم حتى اذا بدأت دورة انتخابية جديدة وجد الحزب نفسه وقد هيأ جميع الملاك القيادي المطلوب زجه في البرلمان والمجالس المحلية والحكومة ، وعند اكتمال هذه التدابير يصح القول ان الدعاية الانتخابية تبدأ الآن ، دعاية تمتد لاربع سنوات يصلح فيها الحزب الجسور التي تقطعت بينه وبين مؤيديه فيقدم اداء حكوميا جيدا من خلال ملاكه الوزاري والبرلماني ، وتدريبا جيدا من خلال حكومة الظل وبرلمان الظل وهما يتحركان في اوساط الناس ويحققان حضورا متواصلا وتفاعلا مع قضايا الناس وهي افضل دعاية لمن يريد الترشيح في دورة مقبلة .
https://telegram.me/buratha