المقالات

محمد باقر الصدر(رض) بوصفه منتجا للفكر الاستراتجي

734 11:48:00 2010-04-09

كريم الوائلي

يتمثل البعد الستراتيجي في شخصية الامام الصدر في اجتيازه مرحلة الاستنباط الفكري الى مرحلة انتاج الفكر ، فيكاد يكون المفكر الاسلامي الوحيد الذي انتج فكرا اسلاميا من خلال تفكيك الاواصر التي تشبك العقد الاشكالية في المشاريع المطروحة لأحداث التغير والاصلاح والتي اصطدمت بممانعة الواقع لها في التطبيق،وعلى الرغم من طرح المشاريع الاصلاحيه لبناء الدولة الاسلاميه الا انها لم تحدث التغير في المفاصل الالية لمنظومة الحكم والسلطة في العالم الاسلامي غير ان الامام الصدر بنى نظريته الاسلاميه وهو ماثل وسط الركام الذي احدثته فوضى التسلط والقهر في الحكم الشمولي ، بل كانت السلطه القامعة عامل ضخ ساعد على صيرورة البعد الاستراتيجي في فكر الامام الصدر . ولقد كان الامام في سبيله لأستكمال الرؤية التغيرية الجديدة بكل اتجاهاتها وجمعها ووضعها في النسق الكامل للنظرية الفكرية بغية وضعها موضع التطبيق غير ان استفحال النظام الدكتاتوري وتفاقم القمع وإتساع الدمار والخراب اجهز على كل الفرص المتاحة امام الشهيد السعيد لتجعل من منتجه الفكري قابلا للتطبيق الفعلي ، وبذلك فقد حرم العراق من رافد فكري تغييري بديل لكل المشاريع التي علاها الغبار وهي راقدة في رفوف الدكاكين . ان فشل المشاريع الاصلاحية المطروحة في العالم الاسلامي يعود لركونها الى الجمود والتنظير من خارج الاسوار التي تخفي داخلها اظطراب الواقع وخراب المنظومة الثقافية التي اعترتها صفرة المكوث في الماضي الذي تضائل في البعد اثناء ما كانت معطيات العصر تلون الواقع بصبغتها وهذا ما تنبهت له المدرسة الاستشراقية لفقه اهل بيت الرسول الاعظم (ص) وبشكل مبكر جدا ، فجاءت الومضاة الفكرية للأمام الصدر من تلك الجذوه المتوهجة دائما في فكر ائمة اهل البيت النبوه (عليهم السلام) فكان الامام الشهيد الوريث الثاقب الذكاء لمجموع الرؤى النابعه من المتغير النظري الذي اعتمد العقل البشري بوصفه رافدا مكملا لمصادر الشريعة المتمثلة بالقران الكريم والسنة النبوية المطهرة . ان استيعاب الإمام الصدر (رض) لمجمل العلاقة الجدلية بين الواقع المتغير والنظرية الاسلامية المحمدية الاصليه جعلته شخصية فكرية استراتيجية دشنت مرحله جديدة لمستقبل الفكر الاسلامي ليكون فكرا منتجا لكل جديد يبرز في الواقع ولذلك لانستغرب ان نقرأ فقه خاص بكل ظاهره جديده يفرزها العلم المعاصر، وقد عالج الاسلام ظواهر مستجدة مثل فقه الفضاء والاستنساخ وعلم الجينات وكذلك تاثير التقنيات الالكترونيه على وعي الافراد ، وبهذا المنظور يكون الامام محمد باقر الصدر (رض) قد مهد الطريق امام ظهور فكر استراتيجي مستقبلي لكل عصر، ولذلك اعتمد الامام في حركته وسائل اعلام وثقافة تعبويتان يؤسسان لقيادة عملية تغيير شامل فكان مدرسة استراتيجية جديدة في التنظيم المتطور والمتقدم في امة تعج بمختلف التجاذبات حيث كان المجتمع بامس الحاجة الى تنظيم يوظف قوى بشرية تختزن طاقات ثوريه غير محدودة ولكنها هلامية الحركة واقعة تحت نير الاستبداد والظلم وينخر في نظامها الفقر والاميه والامراض السارية ، وتطوف فيها افكار مختلفه ومتناقضة فمن جانب سادت افكار السحر والشعوذة والخرافة التي تظهر في المجتمعات المهمله والمتأخره، ومن جانب اخر ظهرت دعوات فكرية غريبة عن كامل المكون الثقافي السائد مغلفة ببريق (التحرروالعدالة) فكانت طعما مغريا للشبيبة التواقة للخروج من شرنقة الواقع الخانق ، وفي هذه الفوضى (1957) جاءت حركة الامام الصدر لوضع برنامجه الحركي الذي اشتمل على الفكر والتنظيم والارث الجهادي للشيعة وائمة البيت الرسالي الذين قادوا ثورات التغير والاصلاح دون هواده او كلل ، ولإول مره اصبح المنشور السري ينتقل في المدن والقرى النائية في الوسط والجنوب عبر الوفود التي تزود العتبات المقدسة في كربلاء وسامراء والنجف الاشرف وعبر معتمدي الحوزة العلميه فكان ذلك ردا مضادا ومعادلا للجهل السائد وللدعوات الفكرية المعلبة باجمل العلب والحاويات ، فالتنظيم الحزبي والخطاب التعبوي كان السمة الرئيسية لحركة السيد الشهيد(رض) وهي نوع من التكتيك الدافع للرؤية الستراتيجية القائمة على انتاج فكر إسلامي يؤسس لنظام دولة عصرية تقوم على انقاض قرون من التعسف والتخلف والتسلط ، فاستخدام الإمام للخطاب المباشر من خلال المنبر الحسيني والحديث الاذاعي والمنشور السري والمنتدى الادبي والمجلة الدورية ،والشعائر الاسلاميه ولاسيما مواسم الزيارات والمواكب الحسينية فكانت تلك وسائل فعالة في سريان الوعي في اوساط المجتمع فاحدث يقضة مفاجئة صاحبتها ردود افعال حركية شديدة احدثت زلزالآ في الوسط الراكد في داخل العراق وخارجه، وفي تلك الفترة التي تأجج بها الوعي الشعبي كان الامام قد نشر كتاب (فلسفتنا) وتبعه بكتاب (اقتصادنا) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك