باسم العلي
تعجبنا كيف للحكام العرب الذين اهينوا من قبل صدام والبعث والذين تهددت عروشهم ان يساعدوا على تقويض حكومة انهت حكم البعث وتحاول بناء عراق جديد لايتدخل في الشؤون الداخلية لدولهم... الجواب واضح فعدو عدوي صديقي... وصديق عدوي عدوي.
بمساعدة الارهاب عملت الدول المجاورة على الانقضاض على الحكومة الفتية وتحويل مسار الديمقراطية الجديدة في العراق. ولكن بعد ان ظهرت بوادر تدل على ان الدولة الجديدة اثبت قدرة على الاستمرار بل تقدمت في ميادين كثيرة واصبح لها وزنا دوليا, دق ناقوس الخطر مربكا لكل اعدائها وعلى راسهم السعودية وسوريا. وبدات المؤامرة الجديدة ترسم وتخطط ويرصد لها مالورجال.
ان الخطوط العريضة لهذه المؤامرة مرتكزة على التالي: تفتيت القوى الشيعة الحاكمة قبل وبعد الانتخابات, تغير عدد المقاعد المخصصة لكل محافظة, تزوير الانتخابات, جر الكتل الشيعية الفائزة للتفاوض على الفتات, المجئ بشيعي يقبل بتنفيذ المؤامرة والامتثال لاوامرهم مقابل حصوله على رئاسة الوزراء... تلك هي خطوط المؤامرة السعوديسوري الجهنمية....
* بحكم ان الشيعة هم الاكثرية وبالتالي وفي كل انتخابات سوف تحصل القوائح الشيعية على اكبر مقاعد البرلمان... لذلك يجب تنويع تلك القوائم وتشجيع اية قائمة جديدية تظهر على الساحة بالدعم المادي والمعنوي. بالاضافة الى العمل الجاد من اجل تفتيف الائتلافات الشيعية العاملة بالساحة وتشغيل الماكنة الدعائية البعثية للعمل على تشويه سمعة الاحزاب الدينية بصورة عامة وسمعة المجلس الاعلى ومنظمة بدر وحزب الدعوة بالخصوص من اجل تقليص حصتهم من المقاعد النيابية.
* مساومة الكتل الشيعية المصرة على اقرار قانون الانتخابات الجديد من اجل تقليل عدد المقاعد المخصصة للجنوب وتوزيعها بالدرجة الاولى الى الموصل (معقل البعثين منفذي المؤامرة) واذا عارض ذلك الكرد فلا ضر من اعطائهم بعض من تلك المقاعد... بالنتيجة زادت حصة الموصل عشرة مقاعد واقليم كردستان كم مقعد وعلى حساب الجنوب.
* تعاقبت الاتصالات السعودية والسورية مع علاوي والهاشمي والمطلك ومن وراءهم حزب البعث من اجل تقريب وجهات النظر واقناعهم بانه من مصلحة الجميع تشكيل ائتلاف بقيادة علاوي واعدينهم بدعم مالي ولوجستي كبيرين. وتمهيدا لتحقيق نجاحات لهذا الاتفاق وبالتالي تحقيق النتائج المتوخاة منه عمل البعث وعملاء المخابرات السورية والسعودية على تحيق نجاحات ارهابية نوعية وجديدة ومؤثرة ومتزامنة مع حملات دعائية مشككة بقدرة الحكومة على تثبيت الامن وتدعوا الناس وبصورة خاصة في بغداد الى الامتناع عن التصويت في الانتخابات القادمة مصحوبة بحملة مضادة لتشجيع السنة على التصويت في الانتخابات. وتعضيدا لهذا الجهد فلقد دفعت اموال طائلة لمن هم في خارج العراق من البعثين والسنة المتعصبين للرجوع الى بغداد للمشاركة في الانتخابات. اما في سوريا فلقد دفعت الهدايا من اجل دفع الناخبين لانتخاب علاوي.
لو تسالنا لماذا هذا التركيز على بغداد؟ نجد ان الجواب هو تحيد الشيعة في بغداد سوف يؤدي الى تقليل حصة الائتلافات الشيعية في البرلمان وبالتالي زيادة في حصة علاوي في البرلمان القادم.
ان الاسباب الموجبة لمثل هذا تكتل هي: بالنسة الى علاوي فتحقيق طموحه بدورة رئاسية ثانية وبالنسبة للبعث العودة من جديد لحكم العراق والغاء جميع القوانين التي تمنع البعث من العمل السياسي والرجوع للحكم مرة ثالثة وبالنسبة الى سوريا طموحاتها باستغلال موارد وامكانيات العراق من اجل الحقبة الاسدية اما بالنسبة للسعودية فمنع الشيعة من الحكم وكبح جماح وطموح الشيعة في المناطق الشيعية الخليجية. ومن اجل تحقيق هذه الطموحات يجب العمل على:
1. استغلال حالة عدم الثقة بين المشاركين في العملية السياسية لارباك عمل الحكومة وجعلها رهينة لصراعات داخلية في مجلس الوزراء والنواب ومجلس الرئاسة, كما ويجب التصعيد من شدة ونوعية وكمية العمليات الارهابية من اجل خلق حالة ذعر وعدم رضا وتشكيك في قابلية الحكومة على تحيق امن المواطنين وكذلك التصعيد من حملة التشهير بالكتل الحاكمة وتقديم علاوي على انه "شيعي","علماني",وطني"و"مقبول من الامريكان",و"مقبول من العراقيين ككل" وخاتمة المطاف العمل وبكل الوسائل من اجل تزوير الانتخابات.
2. بحكم ان سيطرة الحكومة المركزية غير كاملة في الموصل ومجئ حكومة محلية موالية لحزب البعث ووجود عناصر من الجيش السابق مازالت موالية للبعث فيمكن التحكم بنتائج الانتخابات فيها.
3. ان جذور البعث في المناطق الغربية قوي فبالضغط والاكراه وبالمحاباة الطائفية او العشائرية اوبالتخويف او الرشوة يمكن تشجيع الناس على التصويت لهذه القائمة.
3. دفع الرشاوى الى كل من يتقبلها من اجل الحصول على اعلى نسبة من الاصوات في معظم انحاء العراق (السعودية تعهدت بان لاحدود لميزانية التغير).
4. اقناع امريكا والامم المتحدة بان ضمان استقرار العراق مرهون بفوز قائمة علاوي لانها القائمة "العلمانية" "الغير مؤيدة لايران" الوطنية" و" الغير طائفية" مدعومة من "المقاومة الشريفة" لحثهم على قبول معادلة جديدة في العراق اساسها معادات ايران, قبول بالبرنامج الامريكي, وقف العنف والانفتاح على الغرب والمصالحة مع اسرائيل.
5. تحقيق اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية والطموح للوصول الى 51% من النواب وفي اسواء الاحوال التحول الى قوة نيابية يستحيل تشكيل الحكومة بدون التفاوض معها.
الحقيقة تحقق قدر كبير من هذه النتائج ولكن ادراك الكتل واصرارها على ان هنالك تزوير في العملية الانتخابية اربك تلك الخطة مما جعلهم يتعاملون بطريقة اخرى فلقد شطب من ناخبي كركوك عدد كبير من الاصوات الفاسدة ارضاء للكرد ولكن بقى هنالك اصرار على ان باقي العملية الانتخابية سليمة. ماسوف يتمخض عنه قرار المحكمة حول الطعونات المقدمة لها لانعرف نتائجها ولاكنهها بسبب عوامل كثيرة نحن لسنا بصددها في هذا المقال.
ان نتيجة التزويروالتسقيط وامتناع الناخبين عن التصويت كان له الاثر الكبير على النتائج التي حققها المجلس الاعلى ومنظمة بدر وبقية قوى الائتلاف ولكن رغم ذلك فان النتيجة مازالت مربكة ومعرقلة لطموحات قائمة علاوي واسيادها:
1. ان نشوة الانتصار وحصول تنافس على الاصوات بين التحالف الكردستاني والقوائم الكردية الاخرى انسى الهاشمي بان الكرد متوحدون في قضايا كردستان ولكن مختلفون في ادارة الاقليم فصعدت المطالبات بان رئيس الجمهورية يجب ان يكون عربيا.
2. ان مقاعد دولة القانون تكاد تكون مساوية لمقاعدهم, ومما عقد الامور اكثر صدور قرار من المحكمة بان الكتلة الا كبر تعني الكتلة التي ممكن ان تتشكل من كتلتين او اكثر حاصلة على اكبر مقاعد البرلمان... صدر الحكم ولايمكن لاي ضغط او رشوة ان تغيره.
3. ان النقطتين السابقتين اربكت وغيرت تقديراتهم, مما جعلهم يحاولون تدارك الامر بالطرق التالية:
* دعوات الى مجموعات في الائتلاف من قبل سوريا والسعودية لاقناعهم بانهم ليس ضد الشيعة وانما هم ضد المالكي مستغلين التناقض بين اعضاء الائتلاف وبين المالكي مؤكدين لهم انهم حريصين على العراق ووحدته ويدعوهم الى التلاقي مع علاوي وترك المالكي لكي يتمكن العراق من الخروج من عنق الزجاجة وينعم العراقيون بالامن والامان, وربما بوعود الغاء الديون المستحقة على العراق, ضانين ان هؤلاء مغفلون سوف يستغفلون وينسون كل ماسي الماضي والحاضر والذي كان سببه السعودية وسوريا... كم صدقوا من هذه الوعود وكم عززت ثقتهم بهاتين الدولتين الجارتين "الشقيقتين" لايعلمها الا الله وهم انفسهم.
* بالرغم من كل هذه الدعوات والوعود لم تنقطع مساعي التواصل بين الائتلاف ودولة القانون مما دعى علاوي الى عرض نصف عدد الوزراء في حكومته للتيار الصدري مقابل اصواتهم في البرلمان... فهل يرضى التيار بشق الصفوف من اجل وزراء لايقدمون ولايؤخرون في معادلة قيادة الدولة!!!!
في نظري ان التحالف البعثي مستعد ان يتخلى عن كل الوزارات والى اية جهة تعطيه الحق في تشكيل الحكومة ما دام رئيس الوزراء هو علاوي ورئيس الجمهورية هو الهاشمي لان مما رايناه في الحكومة المنتهية ولايتها ان القرار التنفيذي بيد رئيس الوزراء والقرار التشريعي بيد رئيس الجمهورية ونوابه . ففي هذه الحالة ان الادارة الحكومية بيد رئيس الوزراء فيمكن لعلاوي العمل بما يشتهي ولا يمكن لوزير ان يوقفه (في فترة حكم البعث شواهد كثيرة) ورئيس الجمهورية يوقف اي قانون لايرضى عليه وكما حصل في الفترة البرلمانية السابقة. التعطيل لمشاريع القوانين الذي كان سببه الهاشمي معروف للجميع.
ان تفتيت القوى الشيعية والتنازلات الى هذا وذاك والضغوط وربما حتى الاغتيالات سوف تكون سمة المرحلة القادمة من اجل حصول علاوي وعصابته على سدة حكم العراق. واذا لم يحصل ذلك فكما يروجون ويصرحون به بين اونة واخرى: بان العراق سوف يقع في دوامة عنف لها اول وليس لها اخر. هل استغرب من ذلك ! لا.... لان استراتيجية البعث مبنية على التخويف والترهيب ومنذ وجودهم ولحد الان . هلى نسى العراقيون ابو طبر عند بداية تسلمهم للحكم!!!.
الذي يطمنني شيان الاول ان قادة الائتلاف والصدريين عانوا من ظلم البعث قدرا كبيرا ولايمكن لهم ايفاء لمناصريهم ولشهدائهم ان يوافقوا على رجوع البعث وباي صورة او وجه اخر. لوكان علاوي غير متحالف مع البعثيين لكان الامر مختلفا.
الشئ الاخر ان الوطنيين من القادة العراقيين (سنة وشيعة) اثبتوا انهم لاتهزهم الهزات ولايخيفهم شئ ويعلمون انهم على حق وان قضيتهم على حق وان المنصفين من الشعب العراقي سنة وشيعة يرونهم مخلصين في طروحاتهم وعراقيتهم ولن يخافوا اموال السعودية او مفخخات سوريا او ارهاب البعث والقاعدة.
املنا في الله اولا وفي عدالة قضية العراق الوطنية ثانية وبانه لايحق الا الحق. وما دعوات تقاسم السلطة بين المالكي وعلاوي الا نتيجة الافلاس التي صارت اليه مؤامرة السيطرة على حكم العراق.
باسم العلي
https://telegram.me/buratha
