في يوم ( 5 جمادي الأولى ) سنة ( 5 أو 6 هـ ) ، ولادة السيدة زينب الكبرى(عليها السلام) بنت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وأمها الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .ولدت بالمدينة المنوّرة.
عاشت مع جدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خمس سنوات ، وهي أصغر من أخيها الحسين ( عليه السلام ) بعامين .
وذكروا في تاريخ ولادتها ( عليها السلام ) غير ذلك ، فقيل أنه في أوائل شعبان سنة ( 6 هـ ) ، وقيل : في شهر رمضان ( 6 هـ )، وقيل في العشر الأواخر من ربيع الثاني في سنة ( 5 أو 6 ، أو 7 هـ ) .
وذكرها ابن حجر وابن الأثير فقالا :
زينب بنت عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمية ، سبطة ( رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أمها فاطمة الزهراء .
قال ابن الأثير : إنها ولدت في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكانت عاقلة لبيبية جزلة ، زوّجها ابن أخيه عبد الله بن جعفر ، فولدت علياً وعوناً الأكبر وعباساً ومحمداً ، وكانت مع أخيها لما قتل ، فحُملت إلى دمشق ، وحضرت عند يزيد بن معاوية ، وكلامها ليزيد بن معاوية حين طلب الشامي أختها مشهور يدل على عقل وقوة جنان .
قال بشير بن حذلم الأسدي : نظرت إلى زينب بنت علي ( عليه السلام ) يومئذ ( في الكوفة ) فلم أر خفرة أنطق والله منها ، كأنها تفرق من لسان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . . .
ومما ورد في ولادتها وتسميتها ( عليه السلام ) :
إنها لما ولدت جاءت بها أمها الزهراء ( عليها السلام ) إلى أبيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقالت له : سم هذه المولودة ، فقال ( عليه السلام ) : ما كنت لأسبق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ وكان في سفر له ـ ولما جاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسأله عن أسمها ، فقال : ما كنت لأسبق ربي تعالى ، فهبط جبرئيل يقرأ على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الله الجليل وقال : سم هذه المولودة ( زينب ) فقد اختار الله لها هذا الاسم ، ثم أخبره بما يجري عليها من المصائب ، فبكى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على أخويها الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
وتكنى ( عليها السلام ) بأم كلثوم ، وأم الحسن ، وتلقب بالصديقة الصغرى ، والعقيلة ، وعقيلة بني هاشم ، وعقيلة الطالبين ، والموثوقة ، والعارفة ، والعالمة غير معلمة ، والكاملة ، وعابدة آل علي ، وغير ذلك من الصفات الحميدة والنعوت الحسنة ، وهي أوّل بنت ولدت لفاطمة صلوات الله عليها .
ومن أقوال العلماء والأعلام فيها :
قال العلامة السيد جعفر آل بحر العلوم في كتابه ( تحفة العالم )
زينب الكبرى . . . يكفي في جلاله قدرها ونبالة شأنها ما ورد في بعض الأخبار من أنها دخلت على الحسين وهو يقرأ القرآن ، فوضع القرآن على الأرض وقام أجلالاً لها .
تحملت ( عليها السلام ) مسؤولية إدامة الثورة الحسينية مع ابن أخيها الإمام السجاد ( عليه السلام ) حيث ان الدور العسكري للثورة الحسينية انتهى في كربلاء وبقي الدور السياسي والإعلامي والثقافي وقد نهضت ( عليها السلام ) بمسؤوليتها في هذه المحاور الثلاثة أفضل النهوض .
كانت ( عليها السلام ) عالمة غير معَلّمة ، وفهِمة غير مفهمة ، عاقلة لبيبة ، جزلة ، وكانت في فصاحتها وزهدها وعبادتها كأبيها أمير المؤمنين وأمّها الزهراء ( عليهما السلام ) .
اتّصفت ( عليها السلام ) بمحاسن كثيرة ، وأوصاف جليلة ، وخصال حميدة ، وشيم سعيدة ، ومفاخر بارزة ، وفضائل طاهرة .
حدّثت عن أمّها الزهراء ( عليها السلام ) ، وكذلك عن أسماء بنت عميس ، كما روى عنها محمّد بن عمرو ، وعطاء بن السائب ، وفاطمة بنت الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وعَبَّاد العامري .
عُرفت زينب ( عليها السلام ) بكثرة التهجّد ، شأنها في ذلك شأن جدّها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وأهل البيت ( عليهم السلام ) .
وروي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قوله : ( ما رأيت عمّتي تصلّي الليل عن جلوس إلاّ ليلة الحادي عشر ) ، أي أنّها ما تركت تهجّدها وعبادتها المستحبّة حتّى تلك الليلة الحزينة ، بحيث أنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) عندما ودّع عياله وداعه الأخير يوم عاشوراء قال لها : ( يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل ) .
وذكر بعض أهل السِيَر : أنّ زينب ( عليها السلام ) كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء ، وأنّ دعاءها كان مستجاباً .
أم المصائب :
سُمّيت أم المصائب ، وحق لها أن تسمّى بذلك ، فقد شاهدت مصيبة وفاة جدّها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وشهادة أمّها الزهراء ( عليها السلام ) ، وشهادة أبيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وشهادة أخيها الحسن ( عليه السلام ) ، وأخيراً المصيبة العظمى ، وهي شهادة أخيها الحسين ( عليه السلام ) ، في واقعة الطف مع باقي الشهداء ( رضوان الله عليهم ) .
أخبارها في كربلاء :
كان لها ( عليها السلام ) في واقعة كربلاء المكان البارز في جميع المواطن ، فهي التي كانت تشفي العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين ( عليه السلام ) ساعةً فساعة ، وتخاطبه وتسأله عند كل حادث ، وهي التي كانت تدبّر أمر العيال والأطفال ، وتقوم في ذلك مقام الرجال .
والذي يلفت النظر أنّها في ذلك الوقت كانت متزوّجة بعبد الله بن جعفر ، فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها ، وزوجها راضٍ بذلك ، وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه ، فمن كان لها أخ مثل الحسين ( عليه السلام ) ، وهي بهذا الكمال الفائق ، فلا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها .
وروي أنّه لمّا كان اليوم الحادي عشر من المحرّم ، بعد مقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) حمل عمر بن سعد النساء ، فمرّوا بهنّ على مصرع الحسين ( عليه السلام ) فندبت زينب ( عليها السلام ) أخاها وهي تقول : ( بأبي مَن فسطاطه مقطع العُرى ، بأبي مَن لا غائب فيُرتجى ، ولا جريح فيُداوى ، بأبي مَن نفسي له الفدا ، بأبي المهموم حتّى قضى ، بأبي العطشان حتّى مضى ، بأبي مَن شيبته تقطر بالدما ، بأبي مَن جدّه رسول إله السما ، بأبي مَن هو سبط نبي الهدى ) .
https://telegram.me/buratha