وصف خبير اقتصادي موازنة 2013 المزمع اقرارها، بأنها موازنة نفقات طارئة ولا تعبر عن توجه تنموي، مؤكدا انها لا تصلح لأن تكون خارطة طريق للاقتصاد الوطني، بسبب اعدادها بطريقة البنود التقليدية بدلا عن طريقة البرامج المعتمدة في الدول المتقدمة.
وأكدت اللجنة المالية النيابية ان اعتماد طريقة البرامج في اعداد الموازنات، كما هو الحال في دول الخليج، أدق، ويفضي الى رقابة حقيقية على مصير التخصيصات المالية الواردة في الموازنة، مشددة على ان اعتمادها ليس صعبا، لكن المفسدين سيعيقون تبنيها لأنها لن تسمح بمرور اختلاساتهم المالية.
وفي الوقت الذي اعترفت وزارة التخطيط بأن طريقة البرامج اكثر تطورا من طريقة البنود التي تعد موازنة الدولة على اساسها، استدركت بأن تطبيق الأولى بحاجة الى تهيئة مستلزمات فنية وتدريب ملاكات قادرة على تنفيذها.
وقال ماجد الصوري، الخبير الاقتصادي، ان "موازنة 2013 هي موازنة نفقات طارئة، ولا تعبر عن توجه تنموي جدي بقدر ما تعبر عن صيغ لتوزيع كعكة البلاد". وتابع انها "لا تصلح ان تكون خارطة لمسار البلاد على الصعيد الاقتصادي، لأنها لا تزال موازنة بنود وليست موازنة برامج، لذا يتم انفاق الايرادات من غير ارتباط حقيقي مع مؤشرات الاقتصاد الكلي". وأردف "كما لا يوجد اي انسجام بين الموازنة والخطط التنموية المعلنة سواء خطة 2010 - 2014، او الخطة الجديدة، التي لم تعلن بشكل رسمي حتى الآن".
وتمثل صيغة البنود التقليدية بحسب مختصين، أقدم صورة من صور الموازنة، وتمتاز بالسهولة والبساطة في اعدادها وتنفيذها والرقابة عليها، حيث تبوب بشكل اجمالي يتفرع منها تصنيفات ثانوية وأحيانا فرعية. وقد تم تطوير الموازنة العامة للدولة في اغلب البلدان عن طريق اعتماد، موازنة البرامج والأداء، التي تربط بين جميع عناصر المدخلات (المالية والبشرية والمادية) والمخرجات المراد الوصول اليها (المردودات المطلوب تحقيقها وأثرها في المجتمع)، وتترجم العمليات المخصصة في الموازنة الى برامج محددة قابلة للتطبيق ما يساعد على متابعتها.
وذكرت ماجدة التميمي، عضو اللجنة المالية النيابية، ان "اعداد الموازنات السنوية يتم بطريقة كلاسيكية، حيث يجري تبويبها على وفق صيغة البنود، أي تخصيص مبالغ لكل قطاع من القطاعات". وطالبت بـ"اعتماد اسلوب البرامج والاداء في اعداد الموازنة، كما هو الحال في دول الخليج، ما يعني ان على الحكومة تحديد تخصيصات لكل مشروع من المشاريع، حينئذ ستكون المتابعة أدق من بداية المشروع حتى نهايته".
ولا تزال موازنة 2013، قيد المناقشة في مجلس النواب منذ اعلان رئيسه اسامة النجيفي في 15 من الشهر الحالي، بدء الفصل التشريعي الثاني من السنة التشريعية الثالثة دون أخذ المجلس عطلته من اجل استكمال مناقشة مشروع قانون الموازنة المالية للبلاد لعام 2013.
وبررت التميمي دعوتها الى اعتماد طريقة البرامج بالقول "حتى تكون لدينا رقابة حقيقية، على مصير التخصيصات المالية". وبينت ان "الأمور الآن ضائعة بسبب عمومية التخصيص الوارد في الموازنة للوزارات والمحافظات". كما طالبت بـ"اعتماد معايير الاستجابة للنوع الاجتماعي في اعداد الموازنات، بحيث يتم تحليل الموازنة وفق مؤشرات تبين مدى استفادة الشرائح الفقيرة والمهمشة من الموازنة، وكم هي مساحة الطفل العراقي في الموازنة مثلا". وأكدت ان "الموضوع ليس بالصعب ولا يحتاج سوى دراسته بعد توفير البيانات والسجلات اللازمة، لأن العراق يمتلك كفاءات مالية قادرة على ادارة الموازنة بشكل أفضل، والامر متوقف على توفير الارادة الحقيقية".
لكن التميمي استبعدت الموافقة على اعتماد الاسلوب الجديد لأن "الفساد سيقف عائقا امام اعتماد اسلوب البرامج في اعداد الموازنة، وان الفاسدين يقظين لهذه المسألة ويحرصون على تمرير فسادهم بحيث ينجون من الرقابة، وهم يعرفون ان موازنة البرامج افضل، لكنهم يصرون على اسلوب البنود من اجل مصالحهم". واعترف سامي متي، وكيل وزارة التخطيط، بأن "طريقة البرامج اكثر تطورا من طريقة البنود التي تعد موازنة الدولة على اساسها حاليا". ونوه بأن "العراق يحتاج لبناء قدرات وتوفير مستلزمات، ليحولها من موازنة بنود الى موازنة برامج".
وأكد في حديث مع "العالم" امس "نحتاج لتهيئة مستلزمات فنية، وتدريب الكوادر اللازمة وتمكينها"، متمنيا "اعتماد الطريقة الجديدة في الموازنات المقبلة".
https://telegram.me/buratha