قال نواب وخبراء عراقيون في مجال الطاقة، ان الوضع الأمني المتأزم وتهالك البنى التحتية لأنابيب نقل النفط، وتقليص عمالقة البترول لاستثماراتهم، من الممكن ان تؤدي الى انخفاض الإنتاج النفطي في البلاد، وهو ما سيزيد من العجز الذي تعاني منه الموازنة الاتحادية والذي يقدر بـ 19 مليار دولار.
وتشير توقعات الحكومة الى ان الإنتاج سيحافظ على معدل 2,9 ويرتفع، وعلى ضوئها تم تحديد موازنة الدولة للسنة الحالية، لكن وكالة رويترز نشرت امس الاول تقريرا ينطوي على تقديرات مخيبة للآمال، أفاد ان إنتاج العراق وصادراته من النفط انخفضت في تموز للشهر الثالث على التوالي. إضافة إلى ان شركات النفط العالمية التي وقعت عقودا لاستغلال احتياطيات العراق، أوقفت خططا لزيادة الإنفاق نظرا لعدم وجود خطوط أنابيب كافية ومنشآت في الموانئ لزيادة الصادرات.
وتراجعت الصادرات النفطية هذا العام بالفعل حسب رويترز، لما دون متوسط العام الماضي البالغ 2.4 مليون برميل يوميا، وهبطت في تموز إلى نحو 2.25 مليون برميل يوميا. كما ستفقد الصادرات من خام البصرة الخفيف نحو 500 ألف برميل يوميا في أيلول عندما تبدأ أعمال صيانة في هذا المرفأ الجنوبي الحيوي لتصدير النفط.
ورفضت وزارة النفط على لسان المتحدث باسمها عاصم جهاد، التعليق على المعلومات التي تفيد بتراجع الإنتاج النفطي في البلاد خلال الشهور المقبلة، لكنها لفتت في تصريح لـ"المدى" الى ان هذه المعلومات أحيلت الى لجنة فنية ستقوم "بدراسة المعلومات وإعطاء موقف فني وفق النتائج".
ونفت شركة نفط الجنوب في البصرة حدوث اي خلل في الأنابيب المصدرة للنفط، وقللت من اهمية التأثيرات المناخية، مؤكدة استقرار انتاج النفط من حقول البصرة.
وذكر مدير قسم العلاقات في الشركة ثائر ياسين في اتصال مع "المدى" امس انه "لايوجد خلل في عملية انتاج وتصدير النفط من حقول وموانئ البصرة "، مؤكدا استقرار عمليات الانتاج ولايوجد اي تراجع، مقللا في الوقت نفسه من تاثير المناخ او الاصلاحات في الانابيب، واوضح ان الخزين المتوفر في الشركة يبلغ من 3-4 ملايين برميل، ويكفي لضخ النفط بالمستويات الطبيعية لمدة اسبوع كامل.
ونقلت "رويترز"، اول من امس عن مصادر مطلعة إن الحالة السيئة لمعدات التصدير في الجنوب وتقلبات الطقس خلال الربع الأول تسببت في خفض إنتاج الرميلة الذي تديره بي.بي عملاق النفط البريطاني، مضيفة أن طاقة التخزين في العراق مازالت غير كافية لذا عندما تتوقف صادرات خام البصرة الخفيف أو تنخفض بشكل حاد فإن إنتاج الحقول يتراجع كثيرا أيضا وفي حالة الرميلة يكون التراجع بنحو 200 ألف برميل يوميا. وفور إغلاق الحقول فإن إعادة تشغيلها تتطلب وقتا طويلا لذا لم يرجع حقل الرميلة بعد إلى معدلاته المرتفعة.
وقال عضو لجنة النفط والطاقة النيابية النائب قاسم مشختي في تصريح الى "المدى" ان انخفاض الإنتاج النفطي ستكون له تأثيرات سيئة على الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في العراق، فضلا عن انخفاض الميزانية العامة التي تعاني في الأصل عجزا بمليارات الدولارات.
واضاف ان ميزانية العراق لعام 2013 اقرت على اساس تخمين إنتاج النفط بمليونين و900 الف برميل يوميا، مؤكدا خطورة تراجع نسبة انتاج النفط على الوضع الاقتصادي والاوضاع العامة في البلاد، كاشفا ان موازنة العراق للعام الحالي تعاني "عجزا بـ19 مليار دولار"، مشددا ان اي نقص في كمية انتاج النفط سيزيد من العجز في الميزانية.
وتوقع عضو لجنة النفط في مجلس النواب حدوث انخفاض في انتاج النفط، مع تقادم البنية التحتية للانابيب، والظروف الامنية، مبيناً في الوقت ذاته امكانية معالجة هذه المشكلة بالاتفاق مع اقليم كردستان، وأضاف ان "حصول اتفاق بين اربيل وبغداد على دفع مستحقات شركات النفط سيوفر للعراق 250 الف برميل يوميا"، مؤكدا ان "الكمية القادمة من اربيل ستسد النقص الحاصل في انتاج النفط".
بالمقابل توقع الخبير في مجال النفط والطاقة جمال الجواهري تراجع انتاج العراق من النفط الى مادون المليونين و800 الف برميل يوميا، لأسباب تتعلق بالخلافات بين الاقليم وبغداد وباستهداف انابيب النفط، وقال ان الخلاف بين اقليم كردستان والحكومة المركزية كان سيوفر 250 الف برميل يوميا يضاف الى الانتاج الوطني الاجمالي.
واضاف الجواهري ان "تعرض خط جيهان التركي بشكل مستمر لأعمال تخريبية يؤثر بشكل كبير على انتاج النفط"، مؤكدا ان " تصدير النفط من هذا الخط يتوقف كثيرا ودائما يتعرض الى هجمات ارهابية".
وقال مسؤول اجنبي لرويترز "يمضي التطور في الجنوب بوتيرة بطيئة للغاية.. فقدنا الزخم .. نأمل أن يكون الربع الأخير من العام أكثر نشاطا." وقال مسؤولون نفطيون عراقيون إن حقل الرميلة العملاق وهو أكبر حقل منتج في العراق، يعاني من تناقص الإنتاج من الآبار القديمة إضافة إلى تأثير إصلاحات كبيرة في محطات فصل الغاز المتهالكة وهو ما أدى إلى تراجع إنتاج الحقل.
وقالت المصادر أن طاقة التخزين في العراق مازالت غير كافية لذا عندما تتوقف صادرات خام البصرة الخفيف أو تنخفض بشكل حاد فإن إنتاج الحقول يتراجع كثيرا أيضا وفي حالة الرميلة يكون التراجع بنحو 200 ألف برميل يوميا.
لكن الجواهري قلل من اثر الأسباب الأخرى التي قد تؤثر على نسبة إنتاج النفط، مثل الظروف المناخية وتصليح بعض أنابيب نقل النفط، وذكر الجواهري ان "حدوث توقفات في بعض انابيب النفط لاجراءات الصيانة والتطوير، يحتاج في بعض الأحيان الى توقف الانتاج"، مؤكدا ان "الإجراءات لا تأخذ وقتا طويلا، ولاتشمل كل المنظومة".
https://telegram.me/buratha