الصفحة الاقتصادية

بوادر الحرب الاقتصادية المتبادلة بين روسيا والغرب...روسيا سترد على العقوبات الغربية بحرب اقتصادية شاملة

2001 07:13:41 2014-03-18

 

صوفيا ـ جورج حداد

نقلت وكالة ريا نوفوستي بيانا عن وزارة التنمية الاقتصادية الروسية تقول فيه ان موسكو تستعد للرد باتخاذ إجراءات جوابية في حال قامت اميركا والاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب الازمة الناشبة في اوكرانيا.

وفي وقت سابق كانت رئيسة البرلمان الفيديرالي الروسي  فالنتينا ماتفيينكو قد اعلنت ان روسيا تجري محادثات مع اميركا والاتحاد الاوروبي لاجل ايجاد حل سلمي للازمة الاوكرانية. وقالت "اننا نتابع بقلق كبير وألم تطور الاحداث في اوكرانيا". واشارت الى أن الاحتجاجات السلمية التي بدأت في "الميدان" (ساحة تجمع المعارضة في كييف) كانت "مفهومة"، لان الناس كانت مستاءة من  الفساد والبطالة، ولكن "الميدان" لم يكن له الحق في قلب النظام الدستوري بالقوة.

ماتفيينكو لفتت إلى ان مشكلات القرم، حيث غالبية السكان هم من الروس، لا يمكن حلها بدون روسيا. وان الاستفتاء في القرم يطابق بدقة الاعراف والقوانين الدولية. وحذرت من ان الوضع غير المستقر في اوكرانيا يمكن ان ينتقل الى المناطق المحاذية لروسيا.

من جهة ثانية، حذرت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل من انه اذا لم تعمل روسيا على حل الازمة في اوكرانيا والقيام بخطوات لتخفيض التوتر هناك، فإن الاتحاد الاوروبي سوف يتخذ قرارا بتطبيق عقوبات ضد روسيا. وهذا ما اعلنته ميركيل امام البوندستاغ (البرلمان الالماني) كما نقلت عنها وكالة ايتار ـ تاس الروسية.

بوادر الحرب الاقتصادية المتبادلة بين روسيا والغرب

واشارت ميركيل انه اذا لم تظهر نتائج في هذا الاتجاه، في الايام القريبة، فإن مجلس الاتحاد الاوروبي الذي سينعقد في 17 اذار الجاري، سوف يقرر اتخاذ عقوبات تشمل ليس فقط فرض قيود على سفر الاشخاص، المسؤولين عن زعزعة الاستقرار في اوكرانيا، بل وكذلك تجميد حساباتهم، ورفض عقد اجتماع القمة بين الاتحاد الاوروبي وروسيا.

كما اشارت ميركيل إلى انه اذا استمر عدم الاستقرار ورفضت موسكو المشاركة في المحادثات، فسوف يتم فرض عقوبات تمس التعاون الاقتصادي بين الجانبين، واكدت ميركيل "لا احد يتمنى ذلك"، واضافت انه بالرغم من ذلك فإن بروكسل هي على استعداد لتحقيق هكذا عقوبات، اذا كان ذلك لا مفر منه. واضافت انه يجب ايجاد حل سلمي للازمة. "فهذه الازمة لا ينبغي حلها عن طريق الحرب. هذا ليس خيارنا".

وتشير الدلائل إلى انه في اجتماع مجلس الاتحاد الاوروبي في 17 اذار الجاري سوف يتم الانتقال الى المرحلة الثانية من فرض العقوبات على النخبة الروسية. وبعد ذلك يمكن ان تطال العقوبات قطاع الاعمال وقطاع الطاقة. وهذا ما ذكره القسم الروسي في اذاعة دويتشي فيلي الالمانية.

ولاحظت الاذاعة ان الاتحاد الاوروبي وروسيا هما على عتبة "حرب عقوبات"، التي يمكن ان تتحول بسرعة الى "حرب اقتصادية" واسعة النطاق.

ومنذ اجتماع قادة الاتحاد في 6 اذار بدأت بروكسل بتطبيق عقوبات خفيفة: بدأت بقطع العمل ببعض الاتفاقات الثنائية. وفي 17 اذار يمكن الانتقال الى المرحلة الثانية، القائمة على تشديد العقوبات. وفي هذه المرحلة يتوقع تشديد القيود على نظام التأشيرات للموظفين الروس الكبار وتجميد ارصدتهم خارج روسيا. ولم يتضح حتى الان فيما اذا كانت هذه التدابير ستشمل فقط السياسيين، الموظفين والعسكريين الكبار، ام انها ستشمل ايضا المتمولين المقربين من الكرملين. وليس من الواضح حتى الان ما هي الاسس القانونية التي سيستند اليها تجميد ارصدة كبار رجال الاعمال الروس.

وسيتم الانتقال الى المرحلة الثالثة من العقوبات في حال "عمدت روسيا الى اتخاذ خطوات جديدة موجهة نحو زعزعة الاستقرار في اوكرانيا". ويقصد بذلك القيام بعمليات عسكرية روسية في شرقي اوكرانيا. وفي هذه المرحلة سيتم اتخاذ "مجموعة واسعة من التدابير الاقتصادية"، كما تؤكد المستشارة الالمانية ميركيل. ولكن بروكسل لم تحدد بعد طبيعة هذه التدابير. وتقول وكالة رويترز انه توجد احتمالات مختلفة لهذه التدابير. مثلا: وضع "لوائح سوداء" باسماء الشركات الروسية التي يمنع فيها على المؤسسات الاقتصادية في الاتحاد الاوروبي ان تقيم معها علاقات اعمال.

في المقابل تهدد روسيا "بمصادرة الاملاك، والارصدة والحسابات البنكية للشركات الاميركية، وشركات البلدان التي سوف تطبق عقوبات ضد روسيا". وهذا ما اعلنه منذ 5 اذار الجاري رئيس لجنة التشريع الدستوري في الهيئة العليا للبرلمان الفيديرالي الروسي أندريه كليشاس، الذي صرح لوكالة "انترفاكس" انه قد جرى تحضير مشروع قانون في هذا الخصوص. ولاحظ مراقبون المان امام دويتشي فيلي انه حتى لو أقر مثل هذا القانون، فإنه سيتم تطبيقه بشكل انتقائي، وليس بشكل عشوائي.

كما ان روسيا يمكن ان تتخلى عن عقود كبيرة مع شركات اوروبية، مثلا: عقود شراء القوارب الفرنسية حاملة الهيليكوبترات. "ان العقوبات ضد روسيا هي سيف ذو حدين. ففرنسا تنتظر الحصول على 3،1 مليار يورو مقابل اثنين من هذه القوارب من طراز "ميسترال". فهل ستضحي فرنسا بهذه الصفقة من اجل حكومة مخيبة للامال في كييف؟". هذا ما كتبه في تويتر رئيس لجنة الشؤون الدولية في البرلمان الروسي الكسيي بوشكوف.

ومثل هذا الرفض يمكن ان يوجه ضربة الى الشركات الفرنسية بانية السفن المعنية والشركات الحربية (وكذلك الى مورّديها الاوروبيين)، وفي الوقت ذاته يمكن ان يضمن توفيرا كبيرا بالمدفوعات بالعملة الاجنبية للخزينة الروسية. وكذلك ستحصل روسيا على توفير كبير فيما اذا انتزع منها حق اجراء مباريات كرة القدم العالمية سنة 2018، كما تقول دويتشيه فيلي.

ولفت ميخائيل فوكس ـ نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الدمقراطي المسيحي، حزب ميركيل، لجريدة "فرانكفورتر الغيمينيه تسايتونغ"، إلى انه لا يستبعد حدوث مثل هذا التطور للاحداث.

ولا يجري في اوروبا حتى الان البحث على نطاق واسع في هذه الشؤون. ولكن مجلس النواب في الكونغرس الاميركي دعا الفيفا في 12 اذار الجاري الى اعادة النظر في قرار استضافة روسيا لمباريات البطولة العالمية لكرة القدم في سنة 2018.   

ولكن جميع الاجراءات المذكورة حتى الان، ومهما كانت مؤلمة لبعض الشركات والشخصيات، ولكنها تأخذ اهمية ثانوية، متى بدأت "حرب العقوبات" تشمل قطاعين رئيسيين هما: الطاقة والمالية. فإمدادات النفط والغاز الروسية الى الاتحاد الاوروبي ينظر اليها حتى الان من وجهتي نظر متعارضتين تماما. فالبعض يبدي تضايقه من انه متى غضبت روسيا من العقوبات يمكن ان "تغلق الانابيب". وآخرون، بالعكس، يريدون ما يلي: ان يتم تقليص حاد لمشتريات الطاقة من روسيا وحرمانها بذلك من مداخيل حيوية هامة من العملات الصعبة، التي تشكل اساس ميزانيتها.

وينتمي الى الفئة الثانية رئيس الوزراء البولوني دونالد توسك، الذي دعا في 10 اذار الجاري الى "اعادة النظر في السياسة الطاقوية للاتحاد الاوروبي"، واتهم المانيا بأن تبعيتها للغاز الروسي يمكن "ان يحد بشكل جدي من سيادة اوروبا". ولا شك ان الاتحاد الاوروبي يسعى في المدى الزمني المتوسط لان يخفض تبعيته لمصادر الطاقة الروسية. ولكن القسم الروسي في دويتشي فيلي يتساءل: هل يمكن للاتحاد الاوروبي ان يتخذ على هذا الصعيد اجراءات قريبة الأجل؟

لقد تم بالتأكيد بحث ذلك حينما التقت ميركيل وتوسك وجها لوجه في فرصوفيا في 12 اذار الجاري. فبولونيا هي ايضا مستهلك كبير للطاقة المستوردة من روسيا، وهو ما اشار اليه المحللون من البنك الاميركي "مورغان ستينلي". وفي الوقت ذاته ذكـّر هؤلاء المحللين بالتبعية الفعلية الكاملة لفنلندا، استونيا، لاتفيا وليتوانيا لامدادات الطاقة من الشركة الروسية العملاقة "غازبروم"، ولكنهم اكدوا في الوقت ذاته ان العديد من بلدان اوروبا الغربية اما انها لا تشتري ابدا الغاز الروسي، او انها تشتري كميات ضئيلة جدا. وبكلمات اخرى فإن جزءا وحسب من بلدان الاتحاد الاوروبي يمكنه ان يتخلى فورا عن التعاون الطاقوي مع روسيا، بخلاف الجزء الآخر.

بوادر الحرب الاقتصادية المتبادلة بين روسيا والغرب

وتلاحظ بعض التغييرات على هذا الصعيد. وقد اعلن مفوض الطاقة الاوروبي غيونتر يوتينغر امام جريدة "دي فيلت"، انه اوقف المحادثات مع الجانب الروسي فيما يخص مشروع خط انابيب الغاز المسمى "السيل الجنوبي". ولم يفته ان يذكـّر بأنه في اعقاب الشتاء الحالي المعتدل جدا، فإن مستودعات الغاز في الاتحاد الاوروبي هي مليئة جدا. كما ان احتياطات النفط في الاتحاد الاوروبي تكفي لـ126 يوما.

وفي الحقل المالي تبدو التبعية المتبادلة بين روسيا والغرب كما يلي: ان ديون الشركات والبنوك الروسية، بما فيها شركات الدولة "غازبروم"، "روسنفط"، سبيربنك وVTB، للمقرضين الاجانب، حسب المعطيات التي قدمتها وكالة رويترز، تبلغ 650 مليار دولار. وهذا المبلغ يزيد بشكل ملحوظ عن احتياطات العملات الاجنبية للفيديرالية الروسية، التي هبطت في شهر شباط الماضي الى 493 مليار دولار.

ووفق مسار "حرب العقوبات"، في حال عمدت الشركات والبنوك الروسية الى إيقاف، او على الاقل أبطأت، خدمة ديونها، فإن البنوك وشركات الاستثمار الاميركية، الاوروبية واليابانية سوف تتحمل خسائر جسيمة.

وبنتيجة ذلك فإن بعض اركان قطاع الاعمال الروسي سوف يتم الاعلان عنها بأنها مفلسة، في المفهوم المعمول به عالميا ومنذ سنوات طويلة، وسيتم شطبها من اسواق الرساميل العالمية. وفي هذه الحالة يمكنها بكل بساطة ان تشطب جميع مشاريع الاستثمارات الاكبر او الاصغر في روسيا، وكذلك التوظيفات في الخارج، كما جاء في خاتمة تحليل اجراه القسم الروسي في دويتشي فيلي. وباختصار فإن على اميركا، اوروبا واليابان ان "تودّع" التوظيفات التي كانت تعول عليها في روسيا او بواسطة الشركات الروسية، والبالغة أكثر من 650 مليار دولار. وربما تقوم الدولة الروسية بتوظيف هذه المئات المليارات في شبه جزيرة القرم التي عادت الى روسيا.

14/5/1403018 تحرير علي عبد سلمان

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك