اظهرت بيانات برامج تصدير نفط البصرة الخفيف ومعه شحنات النفط الخام استعدادات لصعود لافت شهر تشرين الاول القادم من الموانئ الجنوبي بنسبة 26%.
ويخطط العراق لزيادة صادراته الجنوبية بهذه النسبة خلال الشهر القادم فيما يستمر الانتاج بالصعود مترافقا مع الحرب الدائرة ضد تنظيم داعش ومشاكل التمويل الخاصة بموازنة اقليم كردستان العراق حسب معلومات حصلت عليها شبكة بلومبيرغ من مصادر مطلعة.
وتقول الشبكة إن العراق يخطط لتصدير ما مجموعه 81 شحنة من نفط البصرة الخفيف ومعه نفط البصرة الثقيل ليبلغ 114 مليون برميل من شهر تشرين الاول القادم حسب بيانات البرنامج. وحسب بيانات الشهر الحالي، فإن هذا الرقم يمثل قفزة من معدل الشهر الحالي المتوقع والبالغ 90.5 مليون برميل المعدة للتصدير، وذلك ضمن برنامج تحميل تم التخطيط له مسبقا.
لذلك، فإن برنامج شهر تشرين الاول سيكون بمثابة رقم قياسي جديد لصادرات العراق الخارجية للعالم، بحسب الشبكة الاقتصادية المتخصصة. لكنها تقول ان برامج التحميل والتصدير تبقى دائما عرضة للتغيير والتبدل، فضلا عن ان صادرات البلاد يمكن ان تختلف كثيرا وبعيدا عن الخطط الموضوعة مسبقا لظروف متعددة. وفي هذا السياق، فقد بلغ معدل صادرات العراق من النفط الخام شهر حزيران الماضي ما يصل الى 3.18 مليون برميل في اليوم حسب بيانات وزارة النفط الاتحادية العراقية، وهو رقم اقل بقليل مما كان مخططا له ان يصل الى 3.75 مليون برميل في اليوم حسب بيانات الشحن التي يفترض ان تكون قياسية بحجمها انذاك.
وبحسب الشبكة، فإن العراق الذي يتوفر على خامس اكبر احتياطي نفطي في العالم، يعيد بناء صناعة الطاقة لديه بعد عقود طويلة من الحروب والعقوبات الاقتصادية والاهمال وسوء الادارة، فيما يخوض حربا شرسة ضد تنظيم داعش الارهابي الذي استولى على مساحات واسعة من البلاد منذ مطلع الصيف الماضي. لكن حقول مناطق البصرة الغنية لم تتأثر بالصراع الدائرة في غرب وشمال البلاد، فيما سيطر اقليم كردستان شبه المستقل على مناطق الحقول النفطية حول كركوك. وقد قاد هذا الوضع المعقد الى خلافات بين حكومة الاقليم وحكومة بغداد بخصوص الصادرات والتمويل، غير ان ذلك لم يمنع من زيادة معدلات انتاج البلاد وصادراتها الى الخارج. وحسب بيانات جمعتها شبكة بلومبيرغ الاقتصادية، فان العراق تمكن من ضخ ما معدله 4.3 مليون برميل يوميا شهر آب الماضي، وذلك في زيادة تجاوزت انتاج شهر حزيران الماضي بشكل لافت. وحسب برنامج التحميل المعد للشهر القادم، يخطط العراق لشحن 55 حمولة من خام البصرة الخفيف الذي يشكل ما نسبته 86.2 مليون برميل، اي بمعدل صادرات للخفيف تبلغ 2.78 مليون برميل، وذلك في زيادة عن معدل تحميل الشهر الجاري المخطط له ان يكون 60 مليون برميل نفط خام خفيف من مجموع الانتاج الكلي للبلاد. كما ان التوقعات ذاتها للشهر القادم تشير الى ان خام البصرة الثقيل سيشكل 26 شحنة يفترض ان يبلغ مجموعها 27.8 مليون برميل، اي بمعدل افتراضي يبلغ 897000 برميل في اليوم، وهو ما يقل عن برنامج تحميل الشهر الحالي المتوقع ان يشكل الخام الثقيل منه ما نسبته 30.5 مليون برميل. من جانب آخر، تشير التوقعات الى انخفاض لافت في انتاج الدول خارج منظمة اوبك للعام القادم، وبوتيرة قياسية لم تتحقق منذ اكثر من عقدين من الزمن نتيجة لانخفاض الاسعار مقارنة بالكلفة العالية للانتاج التي حدت من امكانات انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، وذلك حسب ما خلصت اليه وكالة الطاقة الدولية.
فحسب مستشار مطلع من داخل المنظمة يعمل في فرنسا وساهم في وضع تقريرها الشهري الذي صدر قبل ايام، فان انتاج النفط الخام خارج دول منظمة الاوبك سوف ينخفض بحدود 500000 برميل يوميا، ليصل الى معدل 57.7 برميل في العام القادم 2016. و برغم ان الطلب على النفط الخام سجل اعلى مستوياته منذ العام 2010، الا ان مخزونات النفط التي وصلت الى معدلات قياسية في الدول النامية لن تبدأ بالانخفاض حتى منتصف العام القادم، فيما سيكون لعودة الصادرات النفطية مع رفع العقوبات عن طهران تأثير اكبر على زيادة الامدادات حسب تقرير المنظمة.
ويضيف التقرير ان تقلص امدادات الدول خارج منظمة اوبك بفعل استراتيجية السعودية الرامية الى المحافظة على حصتها السوقية نتيجة لانخفاض الاسعار انما تحدث التأثيرات المطلوبة منها. كما ان آفاق مستقبل سعر خام برنت الذي يمثل علامة فارقة في الاسواق العالمية تقهقرت الى ادنى مستوياتها منذ 6 سنوات ليصل هذا الخام الخفيف الى سعر 42 دولارا للبرميل في الـ24 من شهر آب الماضي. وحسب تقديرات مجموعة غولدمان اند ساكس المالية، فان الانتاج قد لا يتباطأ بالوتيرة الكافية لسحب الوفرة الموجودة في الاسواق العالمية حاليا، الامر الذي يهدد باحتمال وصول الاسعار الى عتبة 20 دولارا للبرميل.
وتقول منظمة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة لـ29 دولة في مجال سياسات الطاقة في تقريرها الاخير "ان الحدث الاكبر لهذا الشهر يتمثل في شد الانتاج". وتضيف كذلك "ان البيئة المنخفضة الاسعار تدفع السوق بطريقة توقف بعض المنتجين وتدعم الطلب". ومع آفاق تصاعد الانتاج العراقي وعودة الانتاج الايراني الى جانب السياسة النفطية السعودية، فإن من المتوقع ان ينخفض انتاج النفط الصخري الاميركي بمعدل 400000 برميل بحلول العام القادم نتيجة لآفاق العقود للعام 2016 في ظل اسعار اقل من كلفة الانتاج الاجمالية حسب الوكالة. يذكر ان انخفاض الانتاج للدول خارج اوبك المتوقع العام المقبل سيكون الاكبر من نوعه منذ ان تقلص ذلك الانتاج بواقع مليون برميل عام 1992 ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق.
ونتيجة للانخفاض المتوقع في انتاج الدول خارج اوبك العام المقبل، فان الطلب المقابل على النفط المنتج في دول اوبك، وهي سلة انتاج غير مكلفة في معظمها نسبيا، انما سيرتفع بحدود 1.6 مليون برميل، ليصل انتاج المنظمة المتوقع الى 31.3 مليون برميل يوما من اصل الانتاج العالمي. لكن هذا الرقم لا يزال اقل من مجموع انتاج دول المنظمة الـ12 الحالي والبالغ 31.57 ميلون برميل في اليوم حسب ما وثقت ارقام الصادرات لهذه الدول شهر آب الماضي. وكان انتاج مجموعة اوبك قد تقلص الشهر الماضي بمعدل 220000 برميل في اليوم جراء تراجع في الانتاج السعودي والعراقي والانغولي حسب التقرير ذاته. ولا شك ان المشاريع المكلفة في دول المنظمة تواجه التهديد ذاته كتلك التي تنتج من خارجها حسب تقديرات المنظمة الدولية. في سياق متصل، اكدت مجموعة غولدمان ان ساكس أن الانتاج الاميركي يتوجب عليه ان يتقلص بنسبة 585000 لبرميل في اليوم خلال العام القادم الى جانب تقلص بمقدار 220000 برميل اخرى من الدول المنتجة خارج سلة اوبك حتى يكون ممكنا احتواء وانهاء الوفرة النفطية العالمية بالمعروض بحلول الربع الرابع من العام القادم 2016. كما ان الطلب العالمي على النفط سيرتفع هذا العام بحدود 1.7 مليون برميل في اليوم، ليصل الى معدل 94.4 مليون برميل معززا بتراجع الاسعار التي تشجع على زيادة الاستهلاك، وذلك قبل ان يتراجع هذا الارتفاع الى نسبة 1.4 مليون برميل في العام القادم 2016.
يذكر أن الصين التي تعد ثاني اكبر مستهلك للنفط الخام في العالم ستبقي على مشترياتها بالوتيرة الحالية حتى مع اشارات تباطؤ الاقتصاد الصيني المفاجئة واعادة تسعير عملة البلاد الوطنية جراء مخاوف متعلقة بالاستقرار الاقتصادي.