أمست أم الربيعين، التي كان يسكنها نحو مليون شخص يعيشون في وضع اقتصادي جيد وانفتاح على العالم الخارجي، تعاني الآن من شح الموارد وقلة الوظائف وتزايد نطاق العقوبات القاسية والعلنية. كذلك فإن التواصل بين سكان المدينة ومع العالم الخارجي أمسى في غاية الصعوبة ويحمل اخطاراً كثيرة.
انهيار المعنويات والانكسار النفسي الذي تعاني منه قطعان «داعش» الإرهابية، نتيجة الضربات المتلاحقة والانتصارات التي تحققها قواتنا الأمنية، على عناصره التي باتت موقنة أن نهايتها أضحت قريبة جداً مع التقلص المستمر لمساحة الأراضي التي تحتلها، أدى إلى لجوء قيادات مغول العصر إلى تحويل أم الربيعين إلى ثكنة عسكرية كبيرة ومخازن سلاح وأعتدة.
وبحسب موصليين، فان تنظيم «داعش» استولى على أغلب المعامل والمصانع المنتشرة في المدينة بذرائع وحجج مختلفة وحولها إلى مخازن للسلاح والعتاد أو معامل لصنع العبوات وتفخيخ العجلات، لافتين إلى أنه مع الحصار المفروض على المدينة وتوقف هذه المعامل فان البطالة تفشت بصورة شبه كاملة فيها وتلاشى النشاط الاقتصادي، ولم يعد أحد يرى حركة في أسواقها التي خلت من المتبضعين.
وتؤكد مصادر أن «الدواعش» أغلقوا نحو (402) معمل ومصنع موزعة بين عموم محافظة نينوى ومركزها الموصل باوامر من قبل قيادة التنظيم الظلامي.
المصادر تشير إلى أن بعض هذه المعامل والمصانع يملكها صناعيون وتجار من الاقليات والمكونات الاخرى وصودرت بدعوى أنها تعود لـ»كفار» وأصبحت من ضمن «أملاك الدولة»، لافتين إلى أن اغلبيتها تحولت إلى مخازن للاسلحة والاعتدة ومعامل لصناعة العبوات الناسفة بعد سرقة كافة محتوياتها.
يقول السيد داود سعيد، الذي يمتلك ستة معامل للراشي والألبان والحلويات موزعة في المنطقة الصناعية والجهة الشمالية من الموصل، إن «أفعال عناصر الجريمة أنهكت أهالي الموصل وتسببت بخسائر مادية كبيرة لهم بعد مصادرة المصانع والمعامل التي كانت تحرك الاقتصاد المحلي وتنتج مواد غذائية توزع بين محال الموصل وتغطي حاجة أسواقها فضلا عن أنها كانت توفر مهناً لعدد كبير من أبناء المحافظة».
وتتصاعد حالة من القلق والتذمر بشكل كبير من قبل أهالي الموصل نتيجة انهيار الجانب الاقتصادي بعد أن احتلتها قطعان داعش المتوحشة والانقطاع الاداري التام عن بغداد. وشكا عدد كبير من أهالي المدينة من تردي الاوضاع المعيشية وانعدام الخدمات بشكل شبه تام ما ادى بهم الى اتباع اساليب بدائية لتسيير حياتهم كيفما اتفق, فيما ينتظرون التحرر من تلك العصابات قبل ان تتعاظم مأساتهم الانسانية.
ويعتقد كثير من المراقبين بضرورة التحرك بسرعة من أجل تحرير المدينة وانقاذ سكانها المحاصرين، خصوصاً أن قواتنا المسلحة التي ارتفعت حالة أفرادها المعنوية قد استعادت زمام المبادرة في مقابل حالة الرعب والانكسار التي يعاني منها «الدواعش» بعد تلقيهم ضربات قاصمة وخسائر كبيرة في جبهات القتال.
https://telegram.me/buratha