شهد انتاج وصادرات العراق معدلات قياسية غير مسبوقة في تاريخ العراق.. فلقد بلغ الانتاج اليومي للعراق 4.775 مليون برميل/يوم، وذلك خلال شهر كانون الثاني الماضي، مقابل 2.980 كمعدل يومي في عام 2013.. اما الصادرات فلقد بلغت في شهر كانون الثاني 3.885 مليون برميل يوم، منها 3.285 من المنافذ الجنوبية و600 الف برميل/يوم من جيهان.. مقابل 2.391 مليون برميل/يوم في 2013، منها 2.127 من المنافذ الجنوبية و 264 الف برميل/يوم من جيهان. هذا وبلغت كميات النفط المعطلة من الحقول التي تشهد عمليات عسكرية اكثر من 50 الف برميل/يوم.. بواقع نينوى 16 الف برميل/يوم.. وعجيل 22 الف برميل/يوم.. وحمرين 8 الاف برميل/يوم، والقيارة 4 الاف برميل/يوم، والتي ستضاف الى الطاقة الانتاجية عند الانتهاء من طرد "داعش" وعودة العمل الطبيعي الى هذه الحقول وغيرها.
كيف تسنى تحقيق ذلك، والتطورات سارت كلها بالضد تماماً.. اذ قادت العمليات الارهابية، والفوضى الى خسائر الكثير من فعالياتنا ومنشآتنا وحقولنا.. ونتج عن تدهور اسعار النفط ازمة مالية خانقة، عطلت الكثير من المشاريع الضرورية.. وواجهنا تذمراً مستمراً من الشركات النفطية لتأخر دفع المستحقات؟ فالانجاز لم يكن بالسهولة التي يتصورها البعض، بل تحققت بفضل جهود جبارة، وخطط اعدت بواقعية واثمرت واعطت هذه النتائج.
لاشك ان الانجازات تحققت بالتعاون مع الشركات الاجنبية في اطار عقود التراخيص، ولكن تحقيق التعاون في ظروف الشحة المالية وانهيار اسعار النفط، وسلسلة من الاجراءات المعقدة، كسمات الدخول، والفحص الطبي والقضايا الامنية، وتطهير الاراضي من الالغام، وتوفير مياه الضخ اللازمة، والتهديدات الاجتماعية، لم يكن امراً حتمياً، ان لم نقل ان الاغلبية توقعت تراجع الانتاج.. لذلك عملنا بنشاط لاحتواء الازمات وتفعيل اجواء الثقة بحسن ادارة الازمة والبرهان العملي عن حسن النوايا، وزيادة منح الفرص بدل تقليصها، وترشيد وملاحقة الاختناقات اينما وجدت والسعي لحلها ميدانياً. لذلك ارتفعت قدراتنا الخزنية والتحميلية.. وارتفعت عمليات ضخ المياه.. ونشطت شركاتنا الوطنية للقيام بالكثير من الاعمال التي وفرت ديناميكيات جديدة ساعدت في قيام تعاون متبادل بين شركاتنا والشركات الاجنبية، والذي كان من ثماره تطور الانتاج سواء في الحقول الممنوحة لعقود التراخيص، او في الحقول الوطنية المدارة من قبل شركاتنا الوطنية.. وفصلنا بين "البصرة خفيف" و"البصرة ثقيل"، مما اوقف عمليات ايقاف الانتاج للحفاظ على نوعية "البصرة خفيف".. وهذه العملية بمفردها ساعدت بزيادة الانتاج عدة مئات من الالف من البراميل اليومية، واوقفت –عملياً- عملية تعويض الشركات، عندما نطلب منها وقف الانتاج، بسبب الحفاظ على نوعية النفط، او عند سوء الاحوال الجوية، او عند امتلاء خزناتنا، الخ.
والامر المثير حقاً الذي انجزه كوادر وقيادات الوزارة والشركات الوطنية هو ليس فقط ارتفاع الانتاج والصادرات، بل ايضاً تخفيض التكاليف والنفقات.. ففي عام 2014 تم تسديد حوالي 13.1 مليار دولار كمستحقات للشركات الاجنبية.. وفي عام 2015 سُدد حوالي 13.6 مليار دولار.. وفي عام 2016 قدرت الشركات التكاليف بـ 23 مليار دولار تقريباً.. لكننا دخلنا في مفاوضات معقدة، ودراسات شاملة.. وتقييمات تفصيلية لكل فقرة من فقرات النفقات، استطعنا بواسطتها تخفيضها الى اكثر بقليل من 9 مليار دولار، مع الحفاظ على خطط الانتاج والتطوير، مستغلين فرصة انخفاض الاسعار عموماً.. وقد وافقت معظم الشركات على خطط المراجعة والتخفيض، وبقيت قضايا اقل اهمية معلقة املين بحلها باجواء من التفاهم، مع الاصرار على طرح الافكار الراشدة والبناءة التي تحقق مصالح الجميع. ومن الخطوات المهمة، اعتماد شركاتنا الوطنية في اعمال، كانت تحال سابقاً لشركات مقاولة ثانوية.. وهو ما ساعد على تخفيض النفقات وتحويل شركات وطنية كانت خاسرة الى شركات رابحة.. وان "شركة الحفر العراقية" هي أحد الامثلة على ذلك.
https://telegram.me/buratha