خصص البنك المركزي العراقي قروضاً للشباب والخريجين بقيمة تريليون دينار (نحو 900 مليون دولار)، في خطوة تهدف إلى دعم المشاريع الصغيرة لهذه الشريحة، والحد من ظاهرة البطالة المتفشية فيها، وتفعيل دور القطاع الخاص. ورأى خبراء أن الحكومة «اتخذت هذه الخطوة وفقاً لبرنامجها الإصلاحي والمتضمن إطلاق القروض الميسرة للمشاريع الصناعية والزراعية».
ووضع البنك المركزي بالتعاون مع ممثلي المصارف الخاصة والجامعات، توجيهات تتصل بهذه القروض لتوسيع قاعدة المستفيدين منها من فئة الشباب، واعتماد التنسيق الحكومي مع الجامعات في بغداد والمحافظات، بهدف إعداد دراسات الجدوى وإنضاج الخطوات التي تسهّل آلية الإقراض.
واعتبر خبراء اقتصاد أن التسليفات «تشكل محركاً فاعلاً لاقتصاد السوق وتحديداً تلك المخصصة للخريجين». ودعوا وسائل الإعلام إلى «تبني حملة للترويج لهذه القروض، في ظل توافر المبالغ اللازمة لها وجاهزيتها للصرف، كي تساعد الشباب في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة».
وأعلن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الشباب علي العطار، أن «ثقافة العمل بالمشاريع الصغيرة لا تزال تجربة حديثة»، مشيراً إلى أن الحملات الإعلامية «تساهم في زيادة التوعية والتعريف بالفائدة منها وأثرها في الاقتصاد، وتقليص التوجه نحو الوظيفة الحكومية والتعيينات». ولفت إلى الطلب من كل المصارف الخاصة «التعاون لتسهيل الإجراءات وتخفيف البيروقراطية لضمان توفير أسرع للقروض».
ورصد العطار «زيادة في أعداد المستفيدين من هذه القروض، في ضوء ما يُقدم من معاملات وطلبات بالآلاف يومياً من خلال المصارف الخاصة مباشرة أو الجامعات في العاصمة وبقية المحافظات». وأوضح أن «الضمانات ليست معقدة كما في القروض الممنوحة لكبار السن أو المواطنين، وتتناسب مع إمكانات الشباب». وذكر أن اجتماعات البنك المركزي مع المصارف الخاصة «مستمرة لجعل الآلية أكثر فاعلية وتقديم تسهيلات للحصول على القروض». واعتبر أن «المشاريع فرصة للخريجين والشباب الذين لم تُتَح لهم فرصة التعيين في مؤسسات الدولة، ووسيلة لخفض البطالة، التي يختلف تعريف مصطلحها في العراق عن بقية الدول، لأن كل من لا يحصل على فرصة للتعيين في مؤسسات الدولة ينطبق عليه مصطلح عاطل من العمل». وقال «ما يعني أن هذا الرقم في تزايد لوجود أعداد كبيرة من الخريجين وغيرهم، ممّن يحتاجون إلى تأمين المعاشات لهم، وهو واجب الدولة وفقاً للدستور».
وتحدث العطار عن استراتيجية الدولة لتفعيل القطاع الخاص وتوفير فرص عمل للخريجين وهي من مسارين، الأول يتمثل بتوفير الحماية للمواطن العامل في القطاع الخاص ومستقبله، ووُضع قانون موحد يتيح الرواتب التقاعدية للموظفين والعاملين في القطاع الخاص والشركات والمعامل والمصانع استناداً إلى ضوابط معينة».
ويقضي المسار الثاني بـ «تأمين القروض الميسرة للمواطنين ورصد 3 تريليونات دينار، منها تريليون للشباب لمساعدتهم في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة وتفعيل دور القطاع الخاص والقضاء على البطالة».
وفي موضوع متصل، تشكل حاضنات الأعمال التكنولوجية تجربة رائدة بدأت تجد اهتماماً واسعاً لدى شريحة الشباب، وهي ترمي إلى انخراط الشباب من الخريجين في مشاريع تكنولوجية تحقق جدوى اقتصادية. وهي تعني أيضاً مؤسسات تنموية تدعم المبادرين من أصحاب أفكار المشاريع الطموحة الذين لا تتوافر لهم الموارد الكافية لتحقيق طموحاتهم، ومساعدتهم على تأسيسها بتوفير بيئة متكاملة.
ولفت نائب رئيس منتدى بغداد الاقتصادي باسم جميل انطوان في تصريح إلى «الحياة»، إلى أن هذه التجربة «سارية في دول كثيرة في العالم والمنطقة»، مشدداً على أن الاقتصاد الوطني «يحتاج إلى تعميمها لأنها تحقق تنمية مستدامة لارتباطها بتطوير قطاعات إنتاجية وخدمية، وتخلق فرص عمل وتوقف هجرة الشباب».
وأعلن أن الكلية «وفرت الإمكانات اللوجيستية لدرس الأفكار والجدوى الاقتصادية لكل مشروع وآليات التنفيذ وما يستوعبه من يد عاملة، في محاولة للتغلب على التحديات وتأسيس مشاريع من الخبرات الشبابية التي تحقق المنفعة للاقتصاد والخريجين الجدد».
وأكد ضرورة «الاهتمام بهذا التوجه الذي يحافظ على الشباب ويجعل منهم قوة مؤثرة إيجاباً في المجتمع، إذ يُعدّ العراق من المجتمعات الشابة، ما يمثل محوراً ايجابياً في عملية التنمية الاقتصادية».