أثرت الأزمة المالية، في العراق جراء انخفاض اسعار النفط العالمية الذي يشكل أكثر من 90% من موازنته السنوية على أقتصاد البلد بل انسحبت حتى على مشاريع العتبات الدينية.
ويقول رئيس محكمة استئناف كربلاء القاضي محمد عبد الحمزة، في حوار مع صحيفة القضاء ان "الاستملاك القريب على الإمامين الحسين وأخيه العباس [عليهما السلام] غالبا ما يكون للعتبتين أو للوقف الشيعي ممثلا بالعتبتين الحسينية والعباسية، وليست هناك جهة أخرى استملكت، لكن الآن في ظل الأزمة المالية الأخيرة توقفت عمليات الاستملاك إلا ما ندر، عكس السنوات السابقة التي شهدت استملاك الكثير من الأراضي".
ولفت الى "تسجيل المحكمة الكثير من قضايا فساد مالي وإداري بحق مسؤولين في المحافظة، من هؤلاء مدير التسجيل العقاري اذ صدرت بحقه عقوبة وهو الآن يقضي مدة محكوميته في سجون الإصلاح، وهناك موظفون آخرون أدينوا وكذلك أحيل العديد من أعضاء مجلس المحافظة والمحافظة إلى محكمة تحقيق النزاهة وقسم منهم إلى الجنايات والجنح ولكن لم تثبت أدلة تشير إلى الفساد بحقهم بعد أن فتحت تحقيقات إدارية وتوسعنا في القضايا وانتخبنا خبراء وقمنا بجميع الإجراءات اللازمة".
وأكد أن "الأمن في محافظة كربلاء إذا ما قيس بالمحافظات الأخرى جيد جداً، أما بالنسبة للجريمة فلا يمكن القول أنها تتراجع، هي في زيادة دائمة بسبب استمرار النمو السكاني حتى أن 15-20 حيا سكنية شيدت خلال المدة الأخيرة تجاوزا على أراض حكومية وعشوائيات، ومعظم سكانها وفدوا من المحافظات حاملين معهم مشكلاتهم ونزاعاتهم".
ونوه القاضي حمزة الى، ان "ما يفاقم مستوى الجرائم أيضا الاكتظاظ الناس الذي يستغله المجرمون احياناً لارتكاب حوادث سرقة ونشل وتحدث أيضا حوادث مرورية ومشاجرات وقد تطرح أثناء ذلك عملات مزوّرة".
وتابع "في كربلاء يمكن ملاحظة ظاهرة جديدة وهي تجريف الاراضي والبساتين وتحويلها إلى عقارات سكنية فالأهالي اخذوا يراجعون ليحصلوا على اقرارات رسمية فيثقلون كاهل محكمة البداءة بدعاوى كثيرة جراء تفتيت مساحات زراعية لقطع صغيرة".
وبين، ان "المشترين يحركون هذه الدعاوى بينما البعض يستغفلهم ويعدهم بالحصول على إقرار من المحكمة لتصبح أراضيهم مثل الطابو وهو بالحقيقة ليس اقرارا فبعدها تظهر مشكلات اذ أن بعض العقارات مزورة وبعضها تم بيعها سابقاً".
ونوه الى ان "دعاوى الإرهاب بدأت وإن كانت بنسبة قليلة بعد احتلال محافظة الأنبار من قبل تنظيم داعش الإرهابي، فأصبحت محافظة كربلاء منطقة مواجهة، وحدثت حالات تسلل من محافظة الأنبار وحدث تعرضان على قضاء عين التمر المحادد للأنبار، فقد أصبحت محكمة عين التمر محكمة حدودية".
وكشف عن "تسجيل دعوى أو دعويين بعدما تورط متهمان من أبناء المحافظة في تفجير بمنطقة الحسينية وتم القبض عليهما وحكما بالإعدام وتنفذ بهما الحكم" مبينا ان "التحقيقات كشفت أن المدانين كانوا منضمين إلى داعش الإرهابي، وأظن أن انتماءهم كان من أجل الطمع والمال ولم يكونوا يؤمنون بفكرة أو عقيدة".
وأكد رئيس محكمة استئناف كربلاء "عدم ورود أي دعوى من النزاع العشائري" منوها الى ان "المجتمع الكربلائي مجتمع حضري يميل إلى التوجه للمحكمة في حل نزاعاته ولا يلجأ إلى العشيرة".
وعن كيفية تعامل المحكمة مع المتهم الأجنبي، أوضح القاضي حمزة "هناك قواعد موجودة يتم بها التعامل مع المتهمين الأجانب، فإذا كان تجاوز حدود تنظر قضيته بحسب قانون الإقامة النافذ إما إذا ارتكب جريمة فيعاقب بموجب القانون العراقي كونه ارتكبها داخل أراضي البلاد التي تحكمها القوانين العراقية بكافة موادها".
وحول مدى كفاية المحاكم الموجودة في كربلاء في استيعاب المساحة الجغرافية للمحافظة وتغطيتها قال "نعم أرى أنها كافية وتستوعب، إلا أننا نشكو من ضيق مكان مبنى الاستئناف الرئيس، لدينا أرض تابعة لمجلس القضاء لكن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في ظل الأزمة المالية لا تسمح بتشييد المبنى".
وأكد "هذا لم يوقفنا إنما لجأنا إلى حلول بسيطة كأن نقسم الغرف ونستغل المساحات الفارغة لنشغلها بكرفانات صغيرة، وحولنا مساحات إلى قاعات ولكن هذه الحلول تبقى ترقيعية ولا يمكن أن تصمد في المستقبل لأن الإقبال على المحاكم يزداد تبعا لزيادة الكثافة السكانية وزيادة الجرائم وزيادة الموظفين والقضاة والبناية المشيدة في السبعينات نفسها".
وبين رئيس محكمة استئناف كربلاء "لدينا محكمتا جنايات واحدة في المركز وأخرى في قضاء الهندية، وخمس محاكم للأقضية والنواحي خارج المركز في الهندية والحسينية والحر والجدول الغربي وعين تمر، وكل دار قضاء منها يحتوي على أربع محاكم، تحقيق وبداءة وجنح وأحوال شخصية، وفي مركز الاستئناف لدينا أيضا محاكم تحقيق وبداءة وجنح".
وأضاف كما "لدينا أربعة مكاتب تحقيق واحد في مركز المدينة والأخرى موزعة في الحر والحسينية والهندية، وتجربة مكاتب التحقيق مفيدة جدا لأنها خففت عن المواطن عبء مراجعة مراكز الشرطة حيث تبدأ دعواه وتنتهي في المحكمة، ونحن في صدد تطويرها وفتح المزيد منها في المستقبل".
وأستبعد القاضي حمزة "وجود مشاريع جديدة لاستحداث دور قضاء أخرى، في كربلاء مع استمرار الأزمة المالية.
وأشار "حتى الآن ليس في النية تشييد محاكم جديدة في ظل الحالة الاقتصادية الراهنة، لكن أجرينا عمليات ترميم على بعض المحاكم وكلها بجهود ذاتية، وهذه العمليات طالت محكمة تحقيق الهندية [البناية القديمة] تم صرف مبلغ قليل لكن تم تعديلها بجهود ذاتية للحراسات القضائية بعضهم قام بالطلاء وبعضهم في الكهرباء والماء وكافأناهم بإجازات بسيطة، وكذلك محكمة الجدول الغربي التي هي في الأساس دار سكنية طالتها عمليات ترميم لتبدو جاهزة لاستقبال المراجعين وبجهود ذاتية أيضاً".
وعند سؤاله بمدى كفاية أعداد الموظفين والقضاة في أداء مهامهم، قال أن "الأعداد مناسبة مقارنة بأعمالهم وإن كانوا يبذلون جهودا كبيرة".
واختتم حديثه بالقول ""بالنسبة لنا لا نستطيع أن نرى الرضا لدى المواطن الكربلائي ولكن نشعر بذلك من خلال ما يقدمه القضاة لهذه المحافظة الذين يستنفرون على الدوام جميع طاقاتهم لاسيما في أوقات الزيارات التي تشهد فيها كربلاء حوادث كثيرة بسبب الاكتظاظ البشري ولم أتلق كرئيس استئناف أية شكاوى تتعلق بالقضاة أو المحققين القضائيين إلا ما ندر، ولا توجد معرقلات للعمل الذي يسير بانسيابية عالية".
https://telegram.me/buratha