توقع بعض الخبراء ألا تكون واقعة تجوز أسعار النفط حاجز المائة دولار مطلع العام الجاري مجرد حادث عابر، بل يرجحون أن تتضافر جملة عوامل سياسية واقتصادية في ارتفاع الأسعار إلى حدود 120 دولاراً، والثبات عندها خلال الأشهر المقبلة.كما ألمحوا إلى أن الدول العربية المنتجة للنفط لم تضخ ما يكفي من الاستثمارات لزيادة إنتاج هذا القطاع، وركزت بالمقابل على شراء الأصول في الشركات والمصارف الغربية المتعثرة جراء الأزمة العالمية والاستثمار في البنية التحتية مما يرشح الأسعار للمزيد من الصعود
وكانت أسعار النفط قد واصلت صعودها حتى حدود المائة دولار طوال العام 2007، مدفوعة بالنمو المتواصل في الصين والهند، وقد راوحت الأسعار حول هذا الرقم طوال أيام، قبل أن تُدفع لتجاوز هذا الحاجز بعد توتر الأوضاع الأمنية في نيجيريا، أكبر منتج للخام في القارة السمراء.وفي هذا السياق، يرى البعض أن هذه المستويات السعرية مبررة، ويستغربون كيف لم يتم تسجيلها من قبل، ويقول إيرا اكستون، رئيس شركة "إيريا انترناشيونال لتجارة النفط: "هناك نقص في الإمدادات، يضاف إليه التوتر في نيجيريا والأزمة الإيرانية المتواصلة، وهناك الكثير من الأخبار في هذا الإطار وأنا مندهش لأن الأسعار ظلت منخفضة خلال الأسابيع الماضية.وفيما تبدو هذه الأخبار غير مشجعة بالنسبة للدول المستهلكة للنفط، فإنها بمثابة بشارة للشركات منتجة بكون خزائنها مقبلة على ازدياد في الأرباح.وشرح جوليان لي، كبير محللي شؤون الطاقة في مركز دراسات الطاقة العالمي عن تأثير بلوغ الأسعار هذه المستويات القياسية على الدول المنتجة في الشرق الأوسط.فلدى سؤاله عن تأثير تدفق الأموال الناجمة عن بلوغ النفط مستويات تتراوح بين 90 و100 دولار على الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط قال لي: "أعتقد أن التأثيرات ستكون متنوعة، فنحن نرى تحولات كبيرة تستخدم فيها السيولة من تلك الدول في عمليات شراء أصول في شركات قد تكون مقيمة دون سعرها الحقيق في الغرب."وأضاف لي: "تبدو المصارف الغربية في هذه المرحلة مرشحة بقوة لتشهد مثل هذه العمليات.. كما نشهد في الوقت عينة توجهاً نحو الإنفاق على مشاريع البنية التحتية في المنطقة، فالمملكة العربية السعودية تبني مدناً اقتصادية في هذه الفترة، وهناك طرقاً جديدة وشبكات لسكك الحديد، وهذا يحصل على امتداد المنطقة ككل."وتابع: "غير أن الأمر الذي لا نشاهده حالياً هو تدفق الاستثمارات مجدداً نحو قطاعات النفط والغاز لزيادة القدرات الإنتاجية وهو أمر يحتاجه العالم بشدة."وعن التباين الكبير بين تقديرات شركة لي لمستقبل مستوى الطلب على النفط خلال العام 2008 وبين تقديرات منظمة الطاقة الدولية أكد لي أن شركته دأبت على إطلاق تقديرات متحفظة حيال مستقبل الطلب على النفط خلال الأعوام الثلاثة الماضية.وقال خبير الطاقة الدولي: "لقد شاهدنا أن زيادة الطلب لم تتجاوز واحد في المائة عام 2006، ونصف هذه النسبة خلال العامين 2005 و2006، واعتقد أن هذا الأمر سيتكرر عام 2008 بحيث لن تتجاوز زيادة الطلب معدل الواحد في المائة، مع تراجع قدرة الدول على دعم هذه المنتجات كما كانت الحال عليه في السابق."واعتبر لي أن التحديات الكبرى التي تواجه أسواق النفط خلال العام المقبل على مستوى الأسعار ستتمثل في وجود معطيات غامضة حتى الساعة، خاصة بما يتعلق بالدول المنتجة للنفط من خارج منظمة "أوبك" حيث فشلت في زيادة الإنتاج استجابة لحاجات السوق الإستراتيجية.وأشار إلى أن التوترات الأمنية حول العالم ستظل تشكل عاملاً حاسماً في تحديد اتجاه الأسعار، وخاصة الأوضاع في نيجيريا، حيث قد تؤدي الاضطرابات إلى تراجع إنتاج البلاد من النفط، وذلك إلى جانب التطورات في العراق، والذي اعتبر لي أنه نجح في زيارة صادراته خلال الأشهر الثلاث الماضية من خلال حقول الشمال التي باتت تعمل بفعالية تفوق ما كانت عليه عام 2003.
https://telegram.me/buratha