محمد سعدون السعداوي
بما ان العراق حسب التوصيف العالمي يُعد ارضاً خصبة لإنشاء المشاريع الكبرى المهمة، التي تجعل منه بلداً حيوياً يستطيع ان يكون نهضوياً متقدماً في المنطقة ، وجميع المعطيات تؤشر الى ان هناك رغبات وطنية متمثلة باطياف الشعب على اختلاف مكوناته، كانت ولإزالت تطمح بحل هذه العقدة المستعصية وتُنفذ المشاريع التي يطلق البعض عليها ( بالحلم) ، لغرس بذرة أمل في ظل الأوضاع غير المتزنة والتي عاشتها البلاد قرابة ال 15 عاماً سببها التناحر السياسي والفوضى المؤسساتية والتحديات الأمنية، حولت البلاد الى كرة ثلج متدحرجة تزداد يوماً بعد اخر تعقيداً ، في الوقت الذي يؤشر الى ان هناك خزين طاقة تنموي يكمن في ثرواته الوطنية وزاده البشري الهائل بالإمكان الانطلاق من خلاله .
والسؤال ، ماهي الفترة الزمنية التي يحتاجها العراق كي يكون بلداً منتجاً تنموياً متحضراً ؟
الجميع يعلم بأن بلداناً مثل اليابان وألمانيا عانت من ويلات ودمار الحرب وعصفت بها الأزمات الاقتصادية وحولتها الى كيان عاجز ضعيف ، بعدها أخذت تنمو وتزدهر ليس بعصى سحرية ولا بمباركة ربانية ، بل هناك جهود تظافرت وعمل دؤوب حولتها الى دول عملاقة أصبحت في طليعة الامم المتطورة في كافة المجالات.
وتجارب اخرى كثيرة كسنغافورة وماليزيا وجنوب افريقيا، علينا التطلع اليها ودراستها وكيف استطاعت هذه الدول البسيطة ان ترتقي وتتسلق سلم التطور ، لينعم شعبها بالرخاء والازدهار . ليست طفرة مفاجئة ، لكن هناك إرادة بشرية بعقل يخلو من ترهلات الماضي وضغائنه المريرة ، الجميع يرفع شعار الوطن بالجهد والعمل دون ثرثرة إعلامية أو تسقيط سياسي، في سنغافورة المواطن اصطف مع حكومته وطبق قوانين بلاده ويعرف حقه جيداً ولا يتعدى على حقوق غيره .
العراق اليوم على اعتاب مرحلة مهمة حيوية ونادرة، تختلف عن سابقتها ، كل الدلائل تشير الى اننا نقف في الزمن المثالي كي ننطلق. الجهد الذي ضيعناه نعتبره خزين نتزود منه كتجربة قاسية لتحاشي الخطأ، لأنها فترة النقاهة فبعد ان عصفت بِنَا الظروف الأمنية طويلاً بمواجهة شذاذ الافاق وتنظيماتها المتطرفة بمسمياتها المختلفة ( القاعدة و داعش) ، عطلت مشاريعنا وأضعفت خزينتنا ، ونزفت البلاد دماً .
المشاريع المعطلة والمؤجلة بسبب الوضع الأمني من جهة وبسبب التناحرات والتجاذبات السياسية من جهة اخرى ، اذا أُريد لها ان تنمو وتنطلق ، علينا ان نقف على أساس قوي وأرض صلبة فلابد من تحرير العقلية العراقية من التبعية والخضوع والتزمت والسلطوية والتحزب المقيت والأنانية الفجة على مستوى السلطة، اما على مستوى الشعب فالتحرر ينطلق من الذات وعدم الانجرار لهوى الشعارات الفارغة والمحمومة بالسلطة والوعود الفارغة .
فترة الاستقرار الأمني التي تمر بها البلاد والحكومة المنتظرة التي يسعى من خلالها المكلف عادل عبد المهدي بأن تكون حكومة كفاءات بنسبة كبيرة، مدعاة ان تكون نقلة واقعية لعمل حقيقي للمرحلة القادمة لانعاش المشاريع المعطلة في قطاعات كالزراعة والصناعة والسياحة والصحة والتجارة ، بشقيها الحكومي والخاص ، والحد من فوضى القنوات الإعلامية المضللة التي عبثت بالمتلقي العراقي وحولته الى كيان محبط ببث سمومها لخدمة الاجندات السياسية الداخلية والخارجية. آن الاوان إخراس هذه الالسن بالعمل الجاد عن طريق نخبة سياسية فعالة تقود البلاد بالمرحلة القادمة بعيداً عن ضوضاء التصريحات والمؤتمرات التي لم نجني منها سوى التحريض والجهل المطبق.
اذا ما اريد للبلد ان ينمو ويقفز للأمام لابد من تبويب حجم المشاريع الملحة والضرورية ووضعها ضمن الأساسيات عن طريق تفعيل نظام الاستثمار الداخلي والخارجي، والاستعانة بكبريات الشركات العالمية لإنقاذ البلاد من الازمة الخانقة التي تحيط به، زمن الشركات الوهمية قد ولى وحجم الخسائر الفادحة التي تكبدت بها البلاد سببت تراجعاً ملحوظاً ونكبة حقيقية لدى المواطن الذي تحمل عبء واخطاء الحكومات السابقة ، نتطلع للقادم والجميع يرصد ويترقب ويتأمل المباشرة الحقيقية بالمشاريع الخدمية المعطلة.
https://telegram.me/buratha