تقدمت بام وودال، محررة شؤون قارة آسيا في مجلة "ايكونومست" الاقتصادية، بما يشبه "النعي" للدولار الأمريكي ودور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي على حد سواء، و"بشرت" بنظام عالمي جديد، تلعب فيه آسيا دور المحرك للنمو العالمي. وودال، التي وصفت الفترة الحالية في الاقتصاد الدولي بأنها "فترة ثورية"، حذرت من التغييرات التي قد ترافق التحولات الراهنة، لتزعزع الاستقرار السياسي العالمي، إلا أنها ختمت بالدعوة لدخول "النظام العالمي الجديد،" الذي لن تحكمه أوروبا أو أمريكا، بل سيدار من قارة آسيا بقوة الفقراء.
وذكرت الخبيرة الاقتصادية، التي كانت تتحدث على هامش "منتدى القادة"، الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي الاثنين، أن الولايات المتحدة دخلت بالفعل مرحلة الركود بسبب أزمات الرهن العقاري الثانوي والائتمان، لكنها استبعدت أن يكون لذلك التأثير العالمي الذي يخشاه البعض، بسبب ظهور آسيا على الساحة الدولية.وقالت وودال إن الأسواق الناشئة مسؤولة عن 50 في المائة من الناتج القومي العالمي بفعل النمو في الصين والهند، وتوقعت أن يكون تأثير ما يجري حالياً في آسيا "أكبر من الثورة الصناعية نفسها"، باعتبار أن الأخيرة لم توثر سوى على ثلث البشرية، بينما ستطال الطفرة الحالية العالم أجمع.وحثت الخبيرة الاقتصادية على النظر إلى التاريخ بصورة كلية، فقالت إن الاقتصاد الدولي سيواصل النمو على المدى البعيد بعد تجاوز الأزمة الأمريكية، كما شددت على أن ظهور الهند والصين ليس غريباً على المستوى التاريخي، إذ أنهما كانتا المصدر الأساسي للإنتاج العالمي قبل نمو دور أوروبا والولايات المتحدة.وودال، التي اعتبرت أن آسيا تقوم حالياً بـ"إعادة تشكيل الاقتصاد الدولي"، ربطت بين ما يحدث في القارة الصفراء وأزمة الائتمان الأمريكية، التي قالت إنها ناجمة عن قيام الأسواق الناشئة خلال الأعوام الماضية بتخزين ثرواتها واستثمارها على شكل سندات أمريكية مما شكل ضغطاً على أسعار الفائدة، وانعكس على شكل فقاقيع في أسواق المال والعقار بالولايات المتحدة.واستعرضت وودال المخاطر التي يمكن أن تعترض استمرار النمو في آسيا، فاعتبرت أن تفاقم أزمة الاقتصاد الأمريكي لن تشكل عاملاً حاسماً في هذا الإطار، باعتبار أن الاقتصاد العالمي "لم يعد يعتمد على التصدير نحو الأسواق الأمريكية، مع ازدياد الاستهلاك في أسواق آسيا الداخلية."واستدلت وودال على صحة تحليلها باستعراض الأرقام التي تظهر أن معظم نمو الصين يأتي من زيادة الاستهلاك الداخلي، وهذا ما يثبته حجم مبيعات التجزئة ووتيرة إنشاء البنية التحتية، دون أن تستبعد تأثير أزمة الركود في الولايات المتحدة على دول القارة الأصغر، مثل سنغافورة وتايوان.غير أنها حذرت من الوضع الاجتماعي في الصين مع وجود الفوارق الطبقية والسياسية الحادة، ونقص الحريات في البلاد. وفي إطار تحديد المخاطر أيضاً، رأت وودال أن حجم القوى العاملة الصينية سيبدأ بالتقلص بعد العام 2010، وهو أمر رأت أنه بحاجة للمتابعة، وذلك إلى جانب تقدم قوانين الحماية في الولايات المتحدة، والتي تستهدف وضع حد للصادرات الصينية الرخيصة، وتقييد صناديقها السيادية.وتوقعت الخبيرة الاقتصادية أن يشهد العام 2030 "لحظة فريدة في التاريخ،" إذ ستكون الصين والهند آنذاك ضمن قائمة أول خمس دول لجهة حجم الاقتصاد، معلقة على ذلك بالقول: "سيدار الاقتصاد العالمي من دول يسود فيها الفقر."وفيما يتعلق بالدولار، فقالت إن العالم وصل إلى نهاية الفترة التي ستشكل فيها العملة الأمريكية أساساً للاحتياطيات المالية العالمية، وتوقعت أن يقود ذلك نحو المزيد من الضعف للدولار، وتصاعد الأصوات المطالبة بفك الارتباط عنه بسبب وضعه المترنح.وأبدت الخبيرة الاقتصادية قلقها جراء حالة التبدل التي تصيب النظام العالمي الحالي قائلة: "نحن في فترة تحول تاريخي قد يحدث خلالها الكثير، ففي نهاية القرن التاسع عشر، حينما كان العالم يسير نحو العولمة الأولى حدثت حروب عالمية، ونشأ الاتحاد السوفيتي، وتعرقل المشروع، ولا يجب أن نستبعد أي سيناريوهات مؤسفة في زمن التحول الجديد هذا.وختمت بملاحظة ملفتة قائلة: "العالم لن تديره أوروبا وأمريكا بعد اليوم، بل آسيا.. ولذلك أرحب بكم في النظام العالمي الجديد."
https://telegram.me/buratha