د. علي العمار
إذا أردنا أن نختصر مفهوم الإصلاح الإداري سواء بالمعنى الجزئي الضيق أو بالمعنى الشامل الواسع نستطيع أن نقول بان هذا المفهوم يتراوح بين تنظيم الجهاز الإداري في الدولة على أسس علمية سليمة تكفل تحقيق الأهداف المرجوة منه أي انه يعني تنظيم هذا الجهاز من حيث أساليب وطرق العمل فضلاً عن تنظيم شؤون العاملين فيه.
أما المعنى الواسع فهو يذهب إلى المدخل الذي ينظر إلى الحكومة أو المجتمع كنظام يتكون من هياكل مختلفة تؤدي وظائف متنوعة وان هذه الهياكل مترابطة ومتناسقة فيما بينها وبالتالي فان أي خلل في أحداها سيقود إلى اختلال في الهياكل الأخرى مما يعني إن المفهوم الشامل يتمحور حول إدخال أنماط تنظيمية جديدة بحيث تتلاءم مع أنواع النشاط الجديد مع ادخال نظم وقواعد وإجراءات للعمل داخل هذه الأنماط الجديدة بالإضافة إلى تحقيق العلاقات الإشرافية والإدارية والاستشارية بين هذه التنظيمات من ناحية وبين التنظيمات الجديدة والقديمة من ناحية أخرى فضلاً عن توفير القيادات النشطة والواعية المؤمنة بهذه السياسات وكذلك التركيز على أهمية الموارد البشرية باعتبارها العنصر الحاسم في تنفيذها وإحداث التغيير المطلوب والتركيز المكثف على أن تكون مخرجات منظمات الجهاز الإداري تتسم بالنوعية والجودة لتحقيق المساهمة الفاعلة في الارتقاء بمستوى الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية نستطيع أن نستنتج من المعنى السابق أن الهدف الأساسي لعملية الإصلاح الإداري هو نجاح المنظمة في تحقيق أهدافها بفعالية عالية وبالمحصلة النهائية تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للفرد والمجتمع.
ومن الملاحظ عليه فعلا نجد ان النظام الضريبي في العراق يعاني الكثير من التداعيات الخطيرة لا على مستوى الادارة والاداء فحسب بل ايضا على المستوى الاقتصادي والانمائي للبلد ككل.
حيث يعد الفساد المالي والإداري من اخطر المشكلات التي تعاني منها مؤسسات الدولة بصفة عامة ، وخصوصا الهيئات المعنية باستحصال وجباية الرسوم والضرائب في العراق , حيث يتمثل الفساد المالي والاداري بمجموع المكاسب والامتيازات التي يتم الحصول عليها بشكل غير مشروع ، والتي سيترتب عليها تحمل الشركات والعملاء والمجتمع برمته تكاليف إضافية تنعكس على أسعار السلع التي تنتجها المؤسسات الخاصة الخاضعة للضرائب أو حتى على مستوى الخدمات التي تقدمها ، مما يضعف قدرتها على التنافس والبقاء ، وبالتالي تآكل رأس المال بدلا من أن تكون هذه الشركات احد محركات الاقتصاد وعامل من عوامل النمو ، تصبح عبئا على الاقتصاد الوطني يتحمله المجتمع بأسره وتؤدي دورا مهما في معالجة المشكلات التي تعاني منها هذه والتي من أبرزها مشكلة الفساد المالي والإداري.
موضوع الضرائب وخصوصا في العراق يحتاج الى الكثير من القاء الضوء عليه وكيف يتم التعامل مع هذا الموضوع وخصوصا اذا ما علمنا ان الضرائب تعتبر اليوم مصدر من مصادر التمويل الرئيسية سواء في الدول المتقدمة منها او النامية لكن المشكلة في هذا الموضوع لا تتعلق في موضوع تفعيل النظام الضريبي وكيف جعله نظام مساهم بالتمويل وانما ايضا يتعلق بموضوع ان الضريبة او الرسوم أيا من التسميات تعتبر عائق امام الناس واحجامهم عن الدفع الضريبي وخصوصا عندما يشوب العمل الضريبي الكثير من النقاط والتساؤلات والفساد , في هذا الموضوع ومنها كيف يكون موضوع الشفافية في فرض الضريبة او موضوع الاستحقاق الضريبي والمكلفين به, ففي كثير من دول العالم تم التغلب عليه في الدول المتقدمة على اعتبار ان فرض الضرائب في الدول المتقدمة تفرض الضرائب اصبحت امرا اخلاقي و تترفع عنه الكثير من فئات المجتمع لما تحصل عليه لقاء دفعها للضريبة من (خدمات) كالخدمات البلدية او الصحية وخدمات التعليم و الخدمات البيئية عالية المستوى وحتى الامن والكثير من التسهيلات , على سبيل المثال على سبيل المثال لا الحصر اليوم نجد اي نظام ضريبي اليوم وفي اي دوله يسجل ويدون المستحصل واين يصرف اي هناك مسائله عن كيف تنفق هذه الموارد واين تنفق وكيف تتابع وما هي الفئات الاجتماعية المشمولة بالإعفاء الضريبي او تلك الفئات التي تكون الضرائب مرتفعة عليها؟ كما ان هناك تساؤلات مهمه لموضوع تعظيم الموارد وخصوصا ان الاقتصاد العراقي هو اقتصاد ريعي بامتياز ويعتمد على 90% او اكثر على صادرات النفط ,
واذا كنا نتحدث عن نسبة 10 % المتبقية من تمويل الاقتصاد العراقي فهي تتأتى عن بقية القطاعات ومنها القطاع الضريبي وهي مهمة ولكن التساؤل المنطقي هل مستوى الاداء الضريبي في العراقي بالمستوى الجيد ام الوسط ام دون ذلك؟
بشكل عام ولأي دراسة علمية منطقية نجد ان مستوى الاداء التنظيمي لهيئة الضريبة غير مسر بل هو نظام متخلف على الرغم من بعض اجراءات التحديث الا ان الامر لا يتعلق فقط عن كيفية رفد الخزين الاستراتيجي المالي بموارد الضريبة فحسب بل نعم توجد هناك وفورات مالية لكن التسربات اكبر منها, ولكن بشكل عام نجد الخلل واضح ومثبت ,و هناك مفاهيم حديثة بالإدارة تتعلق بالحوكمة وخصوصا عندما نجد الخلل موجود
نجد من الاهمية بمكان ان نلجأ الى الحوكمة في الهيكل الحالي لهيئة الضرائب الوطنية وهي عادة وسيلة يلجأ اليها عندما يكون الخلل واضح في اداء المؤسسة ونجد اليوم ان حوكمة هيئة الضرائب مهمة جدا في اعادتها للمسار الصحيح للاسباب التالية:
1- هناك اختصار في المنظور الضيق لمفهوم ادارة الضرائب في العراق.
2- الامر الثاني يتعلق بهيكل الادارة الضريبية وخصوصا اذا ما عرفنا بان الادارة هي مجموعة ممارسات وأدوات واساليب مادية وبشرية الا اننا نجد ان العنصر البشري في ادارة اي مؤسسة او اي قطاع هو الاهم , وخصوصا الموارد البشرية في ادارة الضرائب تحديدا حيث برأينا وبدون إجحاف , نجده مورد متخلف عن بقية المنظومة الادارية و فيها خلل كبير رغم الاهمية المعطاة له .
للأسف هو عنصر تشوبه الكثير من النقاط التي يجب الوقوف عندها....!!!
فهناك امور اولها : تتعلق بالأساليب و بالهيكل الاداري بل هناك تتعلق بالوسائل المتاحة او التي اتيحت للعنصر البشري لأداء العمل
اما النقطة الاخرى والاهم فتتعلق بعدم وجود نمط تنفيذي واضح وخصوصا في النشاط الاشرافي على اداء الموارد البشرية العاملة بالضرائب
هذه النقطة اثرت على شفافية العمل في مؤسسات الضرائب والى ظهور الكثير من التداعيات الخطيرة على مستوى الاداء والادارة حيث اصبحت ادارة المؤسسة الضريبية قضية جد مهمة وخصصوا عندما تتعلق بالفساد المالي والاداري والذي يعتبر اخطر المشكلات وخصوصا بما سيتحمله المجتمع من تكلفة وخصوصا اذا كانت هناك شحة في مصادر التمويل الرئيسة و خصوصا ان المورد الاقتصادي الرئيس للبلد سيكون غير قادر على تلبية متطلبات التنمية حينها نبحث عن مصادر تمويل اخرى مع تداعيات خطيرة وعدم امكانية القطاعات الاخرى كالزراعة والصناعة وغير اقادرة هي الاخرى على سد الفجوة المالية .
حينها يلجأ المجتمع الى فرض الضرائب ولكن كيف ذلك ؟
1- تبني مفهوم العدالة فمن هم المشمولين كيف يتم التصرف بأموال الضرائب ؟
2- هل المبالغ ستكون فعلا داخلة في حسابات الخزينة العامة ام تذهب الى جيوب العاملين في الضريبة فهناك تصور واضح لدى العديد من المكلفين بان مايدفعه هو اقل من المفروض لان المساومات تحول دون ذلك .
3- الدولة تفرض الضرائب هل تتم بعملية مناقشة مع ظروف التضخم او تناقش مع احوال المعيشة وظروف القطاعات المنتجة ام لا ؟ وخصوصا عندما الضرائب التصاعدية كالضرائب العقارية والتجارية والضريبة على المهنة على النشاط على الكثير من الناس .
على وفق هذه النقاط وغيرها سنصل الى تحليل واقعي للمشكلة وخصوصا عندما تفرض نجد ان النشاط الضريبي يفرض على عموم النشاطات وخصوصا ذات الانتاجية المتصاعدة منها ولكن هل هذه الاموال المتحصلة هل ستكون في مكانها الصحيح او سيكون لها دور محرك للاقتصاد او عامل من عوامل النمو فيه.
ام العكس , فمن دراسات ومؤشرات عن الحوكمة الادارية والتنظيم في النشاط الضريبي في العراق وجد ان الكثير من المشاكل التي تحدث الان هي بسبب الفساد المشرعن في القطاع الضريبي والتي تشكل عبئا تراكميا يشكل انموذج مهم في دراسة مؤشرات الاداء وهو جزء من التحليل الكلي للاقتصاد العراقي , فالخسارة في موارد قطاع ما ستنعكس سلبا على بقية القطاعات بل وتنعكس على الخدمة ونوع الخدمة وغيرها .
واستكمالا لهذا الامر نجد ان الاهم في موضوع الاصلاح الضريبي كيف ننظم مؤسسات الضرائب في العراق؟
فعلى الرغم من اهمية النظام الضريبي وخصوصا في الاقتصادات الريعية وكيف ان الاقتصاد يفقد جزء من موارده المهمة ستؤثر هذه المعضلة على باقي القطاعات الاقتصادية وسوف تساهم في حدوث متراكم لا يتعلق بقطاع محدد بل سيتسع هذا الخلل لبقية القطاعات فلو نظرنا الى الحكومة والمجتمع نجد هناك طبقات عديدة من الناس ستضرر وخصوصا تلك التي تقع تحت خط الفقر
وعليه عندما نفترض وجود خدمات عالية بمعايير متقدمة سواء معايير الاداء يجب تكون هناك موارد تتطلب بطبيعة الحال ومبرمجة بموضوع التمويل والسيطرة والشفافية .
اليوم كيف يتم اصلاح النظام الضريبي في العراق؟
كثير من المتخصصين يتفقون على مجموعة تداعيات خطيرة يعاني منه قطاع الضريبة في العراق خصوصا وان الوضع العام شجع على ذلك كما انه يعاني من التخلف الواقعي على الرغم من وجود بعض النظم الحالية كالحوسبة لكن لم تكن مفعلة بشكل واضح كما ان هناك العديد من مؤشرات التنظيم الاداري يشوبها الخلل لعدة اسباب منها :
1- الهيكل الاداري للضرائب يجب ان يكون مترابط
2- انماط الضريبة الجديدة يجب تتلاءم مع نوع النشاط
3- يجب ان تكون هناك شفافية في حوكمة الادارة الضريبة
المقترحات :
هذه ليست بالأمر الصعب فهناك نظام استخدام نظام الدفع المسبق حيث يمكن ادخال جميع المؤسسات الانتاجية والخدمية في نظام معلومات حوكمة متاح للمجتمع برمته مبرمج وبشكل واضح وان يكون المكلف او غير المكلف واضح امامه وسهل الاستخدام, في هذا قد يتحدث احد ما ان هذا النظام قد يجد البعض الحجج ولكن يمكن ان يتم ربط البطاقة الضريبية مع الرقم الوطني و يتم التحاسب عن طريق مكاتب الدفع المسبق لان كثير من الموارد المالية التي بمكن تدخل في الخزينة واقع الحال انها تتسرب قبل ان تدخل .............!!!!
هذا الامر لا يخص الادارة المحاسبية في هيئة الضرائب وكيف تتم عمليات الدفع .
بل يخص الاهم جدا وهم الاكثر نقاط الخلل اثارة في عموم هيئات الضرائب في العراق هم ( اعضاء لجان التخمين ولجان الكشف ) حيث عدم وجود اليات تنظم عملهم واعتماد اليات التخمين الشخصي والمظاهر العامة وغيرها , دون وجود منظومة واضحة تتيح للمواطن وبشكل واضح عن ماهية الاستحقاقات الضريبية المترتبة عليه تجعل الكثير من هؤلاء الموظفين العموميين كأنهم يعملون (لصالح وكالات ضريبية خاصة بهم وحدهم) ممن اثروا على الحساب العام دون الهيئات الحكومية وهذا امر خطير جدا ومثبت لدى الكثير من ملفات الفساد سوى في ديوان الرقابة المالية او هيئة النزاهة !!!!!!!
هذا الامر لا يجب ان ينحصر فقط بهيئة الضريبة وفروعها في المحافظات فقط بل بمؤسسات اخرى ذات تماس مباشر مع المستفيدين كدوائر المرور والجوازات والاحوال المدنية والبلديات والتسجيل العقاري والجمارك وغيرها ذات العلاقة مع المستفيدين والتي يجب ان يكون في صلب العمل الاداري لها كيفية حل المشكلة او الخلل بالمنظومة البشرية .
وخصوصا ان الفساد المالي والاداري في هذه المؤسسات سيكون عامل مهم في انخفاض التنافسية وفي تكوين او تآكل راس المال وفق المبدأ الاقتصادي الواضح نقول اذا هناك تراكم في راس المال وهو مهم عليه يجب ان تكون لدى متخذي القرار الاقتصادي رؤية واضحة بالموارد المالية التي يجب و التي لا تصرف بالكامل بل يجب ان يكون جزء كبير منها داخلا في تمويل صناديق الاجيال, فالمجتمع عندما يدفع يجب ان يكافئ بالخدمة له وللأجيال القادمة لا ان يتم حرق الموجود دون وعي اخلاقي , بل يجب ان تكون موارد حاضرة ومتاحة ايضا كما ان متطلباته وباي شكل ليس هناك ما يعوق لحصول عليها كالخدمات والسلع ومتاحة لأي مواطن وبشتى الطرق الشرعية وبالتالي فان عملية الحوكمة وادارة النشاط الضريبي يجب ان تكون خاضعة للمراجعة وخصوصا عندما يتعلق الامر بتمويل التنمية وفي مواضيع عديدة تتحدث عن كيفية تكوين راس المال المادي بل والبشري هذا الدور مهم يجب ان تتمثل بسبب انخفاض الانتاجية ولماذا هذا الانخفاض ؟ والمسائلة وخصوصا عندما نلاحظ هناك علاقة بين ترشيد حجم العمالة وبين تكوين رأس المال , عندما نتحدث عن وجود فائض في حجم العاملين وكذلك هناك ايضا فائض من الخريجين العاطلين, كما يجب ايضا ان تكون هناك مجموعة من الضغوطات وبشكل مستمر من العملاء او من دافعي الضرائب على مؤسسات الدولة الخدماتية ويجب ان تكون لدينا مبادرات في التغيرات المحتملة والتي نستطيع ان نواجها بحكمة وبدون ارتباك وبأفضل صورة و طريقة لإدارة الاصول المالية والتي تتعلق بتقليل الاعتماد على العنصر البشري في طريقة الإدارة لاستحصال عمليات الضريبة والتي ستكون بمثابة حل مستدام وهذا مهم جدا في ظل التحديات الحالية والتي ستكون مستدامة و متوقع لها ان تستمر لفترات طويلة وخصوصا ما بعد جائحة كورونا وانزواء الكثير من الاقتصادات الدولية وتخلف الكثير من مواردها والتي ستؤدي الى حدوث مشكلات حقيقية في التنظيم الخص بإدارة الاقتصاد بشكل عام وادارة اقتصادنا الترنح بشكل خاص , نتمنى ان تكون هذه الامور مهمة في كيفية تقويم هذا الجانب وكيفية الترشيد بين حجم العمالة والمزايا التنافسية على مستوى الاداء الضريب في العراق.
وفق ذلك نقول ان هذا الامر مهم في تمويل وتكوين راس المال الاقتصادي والبشري وخصوصا ان المجتمع عندما يطلب منه ان يمول التنمية يجب ان يكافئ بالمقابل .
https://telegram.me/buratha