يدور حديث كثير حول انشاء ميناء الفاو الكبير, حديث يشوبه كثير من اللغط, وكثير من الاتهامات والتخوين, وفيه كثير من التهويل والتهليل والتطبيل. يسأل كثير من الناس عن حقيقة ميناء الفاو, وهل سيكون طوق النجاة لانتشال العراق من واقعه المزري؟ وما حقيقة ما يصرح به بعض المسؤولين والذين وصل بأحدهم ان يقول ان الميناء سيحقق واردات بمقدار 400 مليار دولار سنويا. بداية نقول ان مشكلة ميناء الفاو كباقي مشاكل العراق, اصبح ساحة للمساومات والمزايدات, يشرق فيه بعضهم ويغرب اخر, بل الادهى من ذلك ان الحكومة وعلى لسان رئيس مجلس الوزراء قد دخلت على خط الشعارات في هذا المجال في حين انها معنية بإنجازه لا ان تستعرض به. الحقيقة التي يجب ان يعلمها كل الناس ان ميناء الفاو سيسهم في التنمية الاقتصادية العراقية, وانه سيكون منفذ ومورد مالي جديد للعراق, كما وانه سيكون نقطة جذب للقوافل التجارية القادمة عبر البحر, لكن كل هذا سيتحقق في الظروف الطبيعية وفي ظل بلد متطور فقط. مشكلة ميناء الفاو وعوامل فشله موجودة في الواقع العراقي, فكل ميناء يعد نقطة بداية للصادرات ونقطة نهاية للواردات, وهذه الواردات تحتاج الى منظومة نقل متكاملة, فالميناء وحده لن يكون فعالا ان لم يرتبط بشبكة واسعة وفعالة وكفؤة من السكك والطرق, كما ان المرافق الخدمية الساندة للميناء وآلية وسرعة التفريغ والتحميل ان لم تكن متطورة فلن تسهم في حالة الجذب التجاري, كما ان الادارة وتجاوز البيروقراطية وغياب الفساد سيكونان عاملان فعالين في انعاش الميناء, كذلك يلعب الامن دورا كبيرا في عملية اختيار وجهة البضاعة من قبل الموردين. المشكلة إن ما ذكرناه اعلاه غائب عن بلدنا, فشبكة طرقنا بائسة, وسككنا منهارة, وإدارة النقل لدينا متخبطة, وتخضع للمحاصصة, والتعيين فيها في أغلبه خاضع للمحسوبية, كذلك المشهد الامني المتردي غير خافٍ عن المتابع . من جانب اخر فان الوضع الجيوسياسي والمتغيرات الدولية ستكون عامل مهم في اختيار وجهة القوافل التجارية, وهناك اعتبارات في التبادل التجاري, فالدول مستعدة للتضحية في جانب في مقابل الكسب في جانب اخر, فمثلا نقل بضاعة اذا مر من دولة يتم تحميله سعريا الا ان الدولة الموردة ستتحمل هذا التحميل مقابل مصالح اقتصادية اخرى كالاستثمارات مثلا. ما يدور حول ميناء الفاو يجب ان يُقرأ بهدوء, بعيدا عن مزايدات السياسيين وتحليلات غير المختصين, والاستماع الى اراء الخبراء الموثوقين والمخلصين بهذا الشأن, ودراسة المواضيع المحلية والدولية جنبا الى جنب لتتضح الصورة كاملة.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha