مالك العظماوي ||
تناقلت وكالات الأنباء ومنصات التواصل الاجتماعي خبرا مفاده: [ أن وزارة النقل أنهت العقد المبرم مع الشركة الكورية المنفذة لمشروع ميناء الفاو، بسبب مطالبة الأخيرة بإضافة تخصيصات مالية] (إنتهى).
وبقراءة متأنية نجد أن مشروع الفاو أكبر من حجم الحكومات التي تقود العراق، بسبب أن قدرنا جعل هذا المشروع مرتبط بمصالح الدول الكبرى والدول المجاورة، بل العالم بشكل عام، وإلا لِما حصلت مثل هذه الأحداث التي أدت إلى إفشال مذكرة التفاهم مع الصين والغائها نهائيا، وإسقاط حكومة عبد المهدي، ومن ثم حادثة موت مدير الشركة الكورية - التي جاء بها الكاظمي بدلاً عن الشركات الصينية - حيث توجد تسريبات تشير إلى أنه تعرض إلى تهديد من إحدى دول الجوار، وبعد أيام معدودات وجدوه (منتحراً) بغرفته.
وبعد تأكيد مديرها الجديد أنه هو وفريقه عازمان على المضي قدما في إكمال المشروع، وبعد فترة ليست بالطويلة عاد ليطرح مسألة الأموال الإضافية، وهدفه - وكما هو واضح - يريد التنصل وفك الإرتباط مع العراق بشأن هذا المشروع، ونحن على يقين بأنه سيترك العمل في الميناء حتى لو وافقت الحكومة العراقية بإضافة المبالغ المطلوبة، لأن الوقائع تشير إلى ذلك، وسنذكر منها على سبيل التوضيح للقارئ اللبيب وليكتشف بنفسه وقائع أخرى ترتبط بالتي سنذكرها:
١. تداخل المصالح الإقليمية في هذا المشروع الذي سوف يؤثر سلباً على بعض منها كميناء مبارك وموانئ الإمارات وغيرها.
٢. تأثيره على المصالح السعودية، وعلى قناة السويس في مصر، إذ سيترك أثراً بالغاً على اقتصاد هذه الدول.
٣. تزامن إلغاء العقد الكوري مع إبرام الاتفاقية العراقية - المصرية، وتعهد مصر بالقيام بمشاريع (كبرى) مقابل ضخ النفط العراقي لمصر ثمناً لمشاريعها (العملاقة) في العراق، وعلى غرار مذكرة التفاهم مع الصين التي لا تروق لبعضهم بحجة (رهن النفط العراقي) والتي أطاحت بعبد المهدي !!
٤. إعلان الحكومة العراقية - زورا - بأنها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها، وهي بالحقيقة تريد الإيحاء بأن العراق غير قادر على الرواتب فضلا عن الاتفاقيات الدولية، على الرغم من وجود الإيرادات الكبيرة من واردات تصدير النفط والمنافذ الحدودية وغيرها. وأنها لعمري تقع ضمن المخطط الخارجي ضد أبناء الشعب العراقي.
ولذا فعلى الجميع أن يكونوا على قدر المسؤولية التاريخية والتصدي للحكومة الحالية التي تحاول - على ما يبدو - تنفيذ بعض السياسات التي تضر بمستقبل العراق وحاضره، من أجل إرضاء هذا الطرف أو ذاك. وإلا كيف أصبح مشروع الفاو مقبرة لجميع المحاولات والاتفاقات، من إفشال الإتفاق مع الصين إلى موت مدير الشركة الكورية، إلى إصرارها على ترك العمل في المشروع نهائيا وبحجة الأموال الإضافية، فأين كانت الشركة عن دراسة كلفة المشروع؟ وهل الكوريون بهذه الدرجة من السذاجة والغباء بالدخول بمشروع لهم فيه خسارة تجعلهم يعيدون حساباتهم، أن هذه مجرد مسرحية هزيلة لا يصدقها العقلاء، فلابد من التصدي لهذه الألاعيب التي تسير بالبلد إلى المجهول.