د بلال الخليفة ||
ان العلاقة بين الاقتصاد والسياسة علاقة وثيقة , احداهما تؤثر وبشكل كامل على الاخرى , بالسلب او الايجاب, وكما تستخدم احداهما للوصول للأخرى ايضا.
الامثلة كثيرة, لكن اناتي بمثال من التاريخ, وهو الخلاف الحاصل بين الحكومة السورية وشركة النفط البريطانية (بي بي). في 12-7-1966 , اعلن رئيس الوزراء السوري آنذاك الدكتور يوسف زعين للصحفيين ان مجموعة الشركات البريطانية قد ابلغت بقرار فسخ العقد المبرم معها, للعلم ان قيمة العقد كانت 20 مليون جنية استرليني لمد انبوب نفطي بين حقول قرتشو في الجزيرة ومرفأ طرطوس على البحر الابيض المتوسط.
بالمقابل تم التوصل الى اتفاق مع شركة سنام بروجيتل الايطالية لتنفيذ المشروع بمبلغ اقل بكثير عن البريطانية وهو 2.5 مليون جنية استرليني.
البريطانيون لم يسكتوا عن فسخ العقد لشركتهم, فوجهوا تهديد الى الحكومة السورية بأسقاطها, وعن طريق مقال نشرته في يوم 31-8-1966 جريدة (فاينانشيال تايمس) اللندنية في تعليقها, (لاحظ جيدا) ان شركة نفط العراق (شركة النفط الوطنية-سابقا) سوف توجه من الان اما اختيار:
1- مقاومة اي مطلب بزيادة حصة سوريا من عوائد النفط , والتوقع بتوجيه ضربة من الحكومة السورية بمنع تصدير النفط عن طريق اراضيهم.
2- محاولة التساهل بقدر ما, وبذلك تقدم سابقة خطيرة. وربما تطلب من لبنان ايضا ان تحذو حذو سوريا وموقف الدكتور يوسف زعين, للعلم ان لبنان يمر في اراضيها ايضا انبوب نفطي تابع لشركة النفط العراقية.
3- سقوط الحكومة السورية , وهو امر لا يقل احتمالا عما سبق ذكرة.
الغريب ان الشركة كانت تماطل وتماطل لتبطئ سير المفاوضات وبالتالي كسب الوقت, لانها كانت تمتلك معلومات اكيدة عن نجاح محاولة انقلاب ستحدث في سوريا, والتي حدثت بالفعل وقام فيها سليم حاطوم وزمرتة اليمينية للاطاحة بالحكم السوري وبالتالي بحكومة زعين والنتيجة الغاء قرار استبعاد الشركة البريطانية.
· النتيجة
ان العقود الكبيرة ومنها عقود النفط والكهرباء وميناء الفاو وغيرها, تحتوي من الخطورة الكبيرة على النظام او الحكومة الموقعة او المنفذة لها.
ولدينا امثلة حيه وواقعية لعقود الصين وعقد سيمنس للكهرباء وميناء الفاو ولا داعي لذكر تفاصي اكثر لذلك .
الحل هو احالة عمل بنسب ترضي الجميع كحال الحكومات العراقية ونسب المحاصصة بينهم لكن الامر مختلف الان هو ان ترضي الدول العظمى بإعطائها عقود كبيرة. هذا اذا فرضنا وجود حكومة ضعيفة تريد ان ترضي الجميع.
اما في حال وجود ارادة قوية مع حكومة قوية, فلا داعي لذلك.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha