توسعت دواعي الاقتراض لكن بشكل مختلف، إذ أن "بحرا من الديون" قد ظهر واحاط بالعراق، يهدد بغرق البلد في مخاطر اقتصادية جمة.
وثمة من يرى، أن هذه المسألة "مقصودة" من أجل إلزام العراق بتنفيذ برنامج تقضي الغاء البطاقة التموينية وتحرير الأسعار، في حين تشير الآراء الخبيرة الى أن الموازنة الاتحادية تضخمت بدون تحقيق أي زيادة تنموية، وفي خضم ذلك يطرح تساؤل هل بإمكان وزارة المالية التحرك كما يحلو لها في هذا المجال ولماذا هي "مولعة" بهذا الاجراء؟
بحر من الديون
أستاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي كشف، عن وصول الدين العام للعراق إلى 100 تريليون دينار بواقع 66 تريليون دين داخلي و34 تريليون دين خارجي حتى نهاية عام 2020، فيما تتوقع وزارة المالية وصول الحجم العام للديون إلى 144 تريليون حتى نهاية العام الحالي 2021، منها 102 تريليون دين داخلي و 42 تريليون دين خارجي ومن المتوقع ان تصل نسبة الدين العام الى الناتج المحلي في نهاية هذا العام إلى 65% وهذه مستويات خطيرة للدين العام.
ويقول المرسومي لموقع IQ NEWS، "على السلطة الاقتصادية في البلاد الابتعاد عن الديون سواء أكانت داخلية أو خارجية، وعدم إغراق البلد في بحر من الديون"، موضحا أن "موازنة العام الحالي فيها عجز كبير مقداره 71 تريليون دينار، منها 70 تريليون تمول من خلال الاقتراض الداخلي بمعدل أكثر من 56 تريليون دين داخلي وأكثر من 13 تريليون دين خارجي، منها قرض من صندوق النقد الدولي لتمويل عجز الموازنة بمقدار 5 تريليون و900 مليار دينار".
ويوضح المرسومي، أن "وزارة المالية ورغم كل هذه المديونية الكبيرة للعراق تجري مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على مساعدات عاجلة بمقدار 6 مليار دولار"، مبينا أن "المساعدات العاجلة لا تعني أنها قرض بسعر فائدة متدن قد يصل الى 1% وبآجال طويلة، وتهيئ أيضا إلى قرض آخر مع صندوق النقد الدولي بمقدار 4 مليار دولار مقابل تنفذها لبرنامج محدد وهو برنامج أجندة صندوق النقد والتي أشارت إليها الورقة البيضاء".
ويؤكد المرسومي، أن "وزارة المالية من الناحية القانونية ليس باستطاعتها عقد مثل هذه الاتفاقيات للاستدانة الخارجية من دون أن تتضمنها الموازنة لأنها غير مدرجة فيها، وعليها أن تلجأ إلى تشريع قانون خاص في البرلمان".
وتسأل المرسومي عن أسباب ولع وزارة المالية بهذه المديونية؟، مرجحا أن "تكون هذه المسألة مقصودة من أجل إلزام العراق بتنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي الخاص بتحرير الاقتصاد العراقي واستكمال إجراءات الصندوق من خلال خصخصة المشاريع العامة أمام الاستثمار الأجنبي ومن خلال الغاء البطاقة التموينية وتحرير الأسعار، وبالتالي ربط العراق بالمنظومة الرأسمالية العالمية".
ويبين، أن "الموضوع بدأ يسير في هذا الاتجاه لأن الوضع المالي في العراق بدأ في التحسن خاصة مع بدايات العام الحالي بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، وبالتالي فإن عائدات النفط العراقية ستتجاوز الخمسة مليارات دولار شهريا، وربما سيصل إجمالي عائدات النفط في العراق خلال هذا العام إلى ما يزيد عن 60 مليار دولار، وهذا أكبر بكثير من ما حققه عام 2020 حيث لم يصل إلى مستوى 42 مليار دولار".
قروض مشروطة
الكاتب والخبير الاقتصادي الدكتور صادق البهادلي، يقول، إن "الغاية من اقتراض العراق من البنك الدولي هو سد العجز المالي في الموازنة العامة للدولة، لاسيما وأن قروض وتمويل البنك الدولي بفوائد قد لا تتجاوز ١.٥% ولآجال طويلة".
ويقول البهادلي لموقع IQ NEWS، إن "القروض لا تخلو من المشروط، خاصة وأن العراق بعد عام ٢٠٠٣ وقع وثيقة العهد الدولي التي تخرجه من العقوبات الدولية والاقتصادية المفروضة عليه بسبب الالتزام بالشروط والأحكام التي يضعها البنك الدولي بشأن الواقع الاقتصادي وعملية التكييف الاقتصادي".
"عجز فلكي"
يقول الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي لموقع IQ NEWS، إن "العراق سيقترض من أكثر من 20 جهة ضمنها البنك الدولي والبنوك الأوربية بضمانات سيادية، لسد عجز الموازنة الفلكي"، مشيرا إلى أن الموازنة الاتحادية تضخمت بدون تحقيق أي زيادة تنموية، وهذا ما نصت عليه بنودها".
وكان وزير المالية علي علاوي قال في وقت سابق، إن العراق يجري محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 6 مليارات دولار لدعم "اقتصاده المتعثر".
ويتوقع العراق ثاني أكبر منتج للنفط بين دول منظمة أوبك، عجزا في موازنة 2021 ببلغ 71 تريليون دينار (9 مليار دولار)، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
ونقلت "بلومبيرغ" عن علاوي قوله، إنه "بمجرد موافقة البرلمان على الميزانية وخطة الإنفاق يمكن للعراق التقدم بطلب للحصول على ملياري دولار في شكل تمويل سريع من آلية خاصة أطلقها صندوق النقد الدولي لمساعدة الاقتصادات التي تعاني من أزمة كورونا".
https://telegram.me/buratha