عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
لسنا الوحيدين، لكننا الافضل، في التمور ، اذ تؤكد المصادر التاريخية، ان بلاد مابين النهرين تعد الموطن الاصلي للنخيل ولأجود انواع التمور في العالم، ويتضح ذلك من خلال العلامة المسمارية التي تُكتب فيها النخلة، التي وردت في عصر فجر السلالات، وقد اتخذ منها العراقيون القدماء سقوفا لبيوتهم، وضلالا لمزروعاتهم، ومصدرا لغذائهم، في مناطق وسط وجنوب العراق.
والى عقود قريبة ، كان العراق يحتل المركز الاول عالميا في عدد نخيله، الذي كان ينوف على الثلاثين مليون نخلة، وفيه من اصناف وانواع التمور والارطاب، مما لذ وطاب، فضلا عن الاصناف النادرة والمتميزة، ولذلك كان التمر العراقي ومازال مفضلا ومطلوبا في جميع الاسواق العالمية، وهذا الامر دفع عددا من بلدان المنطقة الى نقل فسائل النخيل العراقية وتكثيرها في بلدانهم، لذلك بدأنا نشاهد في اسواقنا المحلية تمورا مستوردة من بلدان لم تكن تعرف حتى شكل النخلة!!.
في العقود الاخيرة، شهدت اعداد النخيل، انخفاضا واضحا، كما انخفضت غلة النخلة الواحدة بنحو ملحوظ، فأُزيح العراق من صدارة العالم في نخيله.
ولعل ثمة اسباب ادت الى هذا التراجع، من ٣٠ مليون نخلة الى ما يتراوح مابين ١٦-١٧ مليون نخلة، ومن بين الاسباب التي ادت الى هذا التراجع، الحروب التي شهدها العراق، وما نتج عنها من تجريف لبساتين النخيل، وكذلك هجرة المزارعين لبساتينهم وزحفهم نحو المدن، التي زحفت هي الاخرى بنحو غير منظم على الريف، نتيجة ازمة السكن، ما ادى الى تحويل مساحات واسعة من بساتين النخيل الى مناطق سكنية.
وإزاء هذا المشهد، وفي ضوء تنويع مصادر الاقتصاد، ولما للتمور من اهمية كبيرة واستثنائية في امكانية ان تكون موردا اقتصاديا مهما، بلحاظ انها السلعة الثانية، بعد النفط التي يمكن للعراق ان يصدرّها الى الخارج، وتحقيق حالة من التوازن في ميزان الصادرات مقابل الواردات.
ولتحقيق هدف مهم مثل هذا، فإن الامر يتطلب وقفة جادة امام مشهد النخيل في البلاد، تساهم فيها جميع الجهات ذات العلاقة( مجلس الوزراء، وزارات الزراعة، الموارد المائية، التجارة، الصناعة، التخطيط، الهيأة الوطنية للاستثمار،القطاع الخاص، الفلاحون والمزارعون)، وعلى كل جهة من هذه الجهات القيام بدورها، فتتكامل الادوار، لتسهم في، ادامة النخيل الموجود، وزيادة اعداده، وتحسين غلة الانتاج، والاهتمام بالجانب التجاري، الذي يمثل حلقة مهمة في انتشار التمور العراقية في العالم، لان الذائقة اختلفت اليوم كثيرا، فشكل المنتج، وطريقة تعبئته تؤثران كثيرا في عملية الاستهلاك، وبصراحة، لدينا في هذا الجانب مشكلة، اذ مازلنا نفتقر الى الاساليب الحديثة في الترويج لمنتجاتنا وفي مقدمتها التمور، وبالامكان الاستعانة بالخبرات العالمية لتحقيق التطور المنشود في عملية الترويج التجاري للتمور.