✒️ عمر الناصر *||
لابد لنا اليوم جميعاً من تحمل المسؤوليات واخذ الخطوات الحقيقية والشجاعة من اجل تقييم المواقف ولا بد لنا ان نتقبل نتائج الفشل والاخفاقات بمهنية وبروح رياضية عالية ومحاولة عمل مراجعة شاملة لجميع الخطوات والقرارات السابقة واللاحقة لاعادة تقييم وتحسين جودة الاداء من جانب والسماح لمن هو اهلاً للكفاءة بأخذ زمام المسؤولية طبقاً لفقه النظام السياسي العصري من جانب اخر ولاجل ثبات مؤشر بوصلة الايمان المطلق بدولة المؤسسات التي تؤمن ببسط سلطة القانون على جميع مفاصل الحياة السياسية لتحقيق طفرات نوعية في السياسة الاقتصادية.
اذا اخذنا مفهوم الاقتصاد السياسي والغوص بأعماقه فذلك يعني اما معرفة اسرار وشفرات رفاهية البلدان وتقدم المجتمعات او تأخرهم وبقائهم بعيداً عن مواكبة التطور والتنمية بكافة مفاصلها فيستحقوا ان يطلق عليهم مصطلح الدول النامية او دول العالم الثالث ولن نقول المتخلفة لكونها علاقة طردية ما بين نجاح سياسة الدولة والاخذ بمخرجات افكار ونصائح خطط تطوير الاقتصاد الهادف لزيادة حجم النمو والانتاج او الفشل والانكسار الناتج من القيادة الاوتوقراطية المتسلطة التي لاتكترث بمفهوم دعم العقول والطاقات الخلاقة الذين هم عنوان في غاية الاهمية ووجوده وديمومته يعني نجاح السياسة الاقتصادية بحذافيرها التي تم رسمها لتفرض نفسها بقوة كلاعب محترف ورقم اقتصادي يصعب الوصول اليه .
الدولة هي تتكفل بتهيئة اجواء وفرص عمل مناسبة لابناءها كونها الجهة الوحيدة التي تتمتع بميزانيات عملاقة تستمد مصادر دخلها من ثرواتها او عن طريق دور المؤسسات الحكومية والاهلية اذا ما فكرنا بتفعيل دور الضرائب ، وهي الجهة الوحيدة المسؤولة عن توفير وظائف لمواطنيها فيطلق عليها مفهوم الدولة الحارسة او الدولة الحامية ، لان حركة السوق تعتمد على دفع الرواتب للموظفين ليقوموا بانفاقها داخل السوق فتكون هنالك حركة للاموال ودوران لعجلة الاقتصاد والابتعاد عن الكساد وذلك يتأثر قطعاً بالظروف السياسية والعوامل الاقليمية وذلك يعني وجود عمل انجز ادى الى حدوث انتاج قام به العاملين فجاء بثمار الارباح وزاد انتعاش الاقتصاد .
حسب الاحصائيات كان يشكل حجم الاقتصاد لدينا ٢٢٣ مليار دولار عام ٢٠١٥ وهذا الرقم كبير جداً بسبب ارتفاع اسعار النفط انذاك ويعد ٩٥٪ من اجمالي دخل العراق من العملة الصعبة من هذا الحقل ، وبنفس الوقت تكمن قوة الدولة في تعدد مواردها وامكانياتها وان عوامل قوة الاقتصاد السياسي فيها تتبع دراسة الإنتاج والتجارة وعلاقاتهما بالقانون والعادات والحكومة وهو الطريقة المثلى في توزيع الدخل القومي والثروة وقد يشير الاقتصاد السياسي ببساطة إلى اخذ المشورة او النصائح التي يقوم باعطائها الاقتصاديون المختصون عن طريق تقديم مقترحات لمراكز البحوث والدراسات الاقتصادية والاستراتيجية إلى الحكومة أو البرلمان للارتقاء بما بسلك السياسة الاقتصادية العامة الى سلالم الجودة والنمو الصحيح كالمقترحات التي يطورها مختصون تجعل الاقتصاد هو السلاح الفتاك ومفتاح التنمية وازدهار الدولة .
التأثر بظاهرة مد وجزر الازمات السياسية يعني تأرجح وترنح الاقتصاد وعدم استقراره وخصوصا لدى تلك الدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي وعدم وجود مصادر بديلة لديها للدخل القومي وهو مايعيشه العراق اليوم كونه معتمد اعتماداً كلياً على انتاج وتسويق النفط نتيجة ضعف الارادة السياسية وتوحيد القرار الذي ينبغي ان يعلي من شأن بقية قطاعات موارد الاقتصاد وادارته وعملية تفعيل بقية القطاعات التنموية الصناعية والزراعية والتجارية كي لا يكون من ضمن تلك الدول التي ستنهار كلياً او قد تعرض نفسها للبيع او الايجار او حتى الاستثمار في حال نفاذ النفط منها في السنوات القادمة وانذاك لن يكون لديها الامكانية للاستمرار او بقاءها قطباً مؤثراً في السياسة الاقتصادية العالمية .
حقل الاقتصاد اهم وتر وهو الخيار المفضل لدى الكثير من الدول الكبرى بل بالامكان القول انه اخطر واغلى من أرواح البشر في اغلب الاحيان والحروب والازمات السياسية بين الدول العظمى شاهداً على ذلك وما اثبته لنا ايضا فايروس كورونا والدليل هو تفضيل بعض دول العالم للاقتصاد اكثر من حياة مواطنيهم لكي لايتاثر وينهار ، وعليه اذا ما اردنا اعادة تأسيس نظام سياسي اقتصادي نموذجي بعيداً جداً عن ما الت اليه نتائج العملية السياسية المتهرئة التي لا تقوى على لعق جراحها فعلينا اولا العمل بجدية لاعادة تقييم مستويات القائمين والمتحكمين بزمام ذرات وايونات القرار السياسي لدى جميع السياسيين الذين فشلوا في ادارة الدولة منذ عام ٢٠٠٣ والعمل على تهيئة الاجواء بقرار جاد ونوايا سليمة من صناع القرار لاعادة استقطاب عقول وقامات السياسة الاقتصادية العراقية في المهجر التي استفادت من خبراتها الدول المتقدمة المؤمنة بأن جودة التقدم يأتي بتكثيف العمل الجماعي .
انتهى …
عمر الناصر / كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha