عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
تُعد تجارة السيارات ، من اصناف التجارة الرائجة في العالم، وفيها تتسابق شركات صناعةالسيارات فيما بينها، للاستحواذ على اكبر مساحةممكنةمن الاسواق العالمية، وقد شجع تنامي هذه التجارة، دولا عديدة على الدخول في هذه الصناعة، فنجح بعضها، واخفق اخر، وقد لا يكون كلا الامرين ، النجاح والاخفاق، مؤشرين على جودة ومتانة المنتج او رداءته بقدر مايرتبط الامر ، برغبات وميول المستهلكين، لذلك حافظت اليابان على صدارة البلدان المصنعة للسيارات، برغم القلق الذي بدأ يتصاعد من تنامي قوة الشمشون الكوري والتنين الصيني.
اما اذا اردنا الحديث عن سوق السيارات في العراق، صناعةً واستهلاكاً، فهناك الكثير من التفاصيل التي تتعلق بالجانب الثاني( الاستهلاك)، اما الانتاج، فقد كانت هناك محاولات لتجميع السيارات ومنها سيارات "سكانيا"سويدية المنشأ، وغيرها ولكنها لم تستمر لاسباب وظروف معروفة ، وفي الجانب الثاني، الاستهلاكي، فقد تحول العراق، الى احد اهم الاسواق العالمية المستوردة للسيارات بعد عام ٢٠٠٣، وهذا الامر، وان كان يعكس تحسن المستوى المعيشي للفرد، الا انه في الوقت نفسه كانت له نتائج في غاية السوء على الانسان والبئية، بسبب دخول اعداد كبيرة جدا من السيارات، وبنسبة نمو سنوية تصل الى ٢٪ وهي نسبة قريبة من نسبة نمو السكان البالغة ٢.٦٪، حتى اصبحت لدينا الان اكثر من ٧ ملايين سيارة تسير في شوارع المدن العراقية، ثلثها في العاصمة بغداد، ناهيكم عن الدراجات النارية والستوتات والتكاتك التي تمثل قصة اخرى، هذه الارقام الكبيرة ادت الى ان تتزاحم كل ١١٨ سيارة فيما بينها على الكيلو متر الواحد، ولو صُفّ هذا العدد واحدة خلف الاخرى، ربما زادت المساحة التي يشغلها على الكيلومتر الواحد،
ومما لاشك فيه، ان ازدياد اعداد السيارات، مع ضعف مهارات السياقة ورداءة الشوارع، نتج عنه ارتفاع مخيف في معدلات الحوادث، اذ نشهد سنويا اكثر من ٨ الاف حادث مروري، تتسبب بوفاة اكثر من الفي مواطن والاف الجرحى والمصابين والمعاقين، فضلا عن الاضرار المادية الجسيمة.
وازاء هذا المشهد، هل ثمة حلول ومعالجات لهذه المشكلة المتفاقمة، يمكن من خلالها تحقيق نتائج ايجابية تخدم المواطن والاقتصاد والتنمية؟، لاننا عندما نتحدث عن هذه الاعداد الهائلة من السيارات، فمعنى ذلك ان مليارات الدولارات تذهب سنويا الى الخارج.
اما الحلول، فيأتي في مقدمتها، عملية تقنين الاستيراد، ووضع معايير وضوابط صارمة في هذا المجال، بالاعتماد على مواصفات السلامة والمتانة والامان، وبلد المنشأ، وحاجة السوق، والسماح بعدد محدد من السيارات المستوردة كل سنة، وكذلك وضع معايير مشددة على عملية تسجيل السيارات، ومنح رخصة السياقة، كما ان الامر يتطلب ايضا تشجيع النقل العام، من خلال توفير باصات حديثة وسريعة، وبتوقيتات زمنية محددة، مثلما هو عليه الحال في بلدان العالم، وهذا الامر يتطلب، تخصيص مسارات خاصة للباصات وعدم السماح للاخرين بسلوكها، وقبل هذا وذاك، ان واقع الحال يستدعي توسيع الشوارع، واكسائها وفتح شوارع جديدة، وانشاء المجسرات والانفاق، عدا ذلك فإن علينا ان نعد العدة للبقاء في الشارع بما لايقل عن سبع ساعات يوميا، فتصوروا حجم الخسارة التي سيتكبدها الاقتصاد.