عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
تشكل العمالة في القطاع الخاص غير المنظم او غير المسجل، مساحة كبيرة، وهناك اعداد غير قليلة من المؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة غير معروفة، ولكنها تستقطب الكثير من الايدي العاملة، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار حجم واعداد العاملين في هذه المؤسسات، اذ تترواح هذه الاعداد، بين ١-٣ عاملين على مستوى المؤسسة الصغرى الواحدة، وبين ٤-٩ عاملين في الصغيرة، وبين ١٠-٢٩ مشتغلا في المؤسسة المتوسطة.
ومثل هذه المؤسسات، غالبا ما تتأثر سلبا بالتقلبات الاقتصادية، وحدوث حالات من الكساد الاقتصادي، كما حدث خلال الموجات الاولى لجائحة كورونا عام ٢٠٢٠، الامر الذي تسبب بارتفاع نسب الفقر في العراق، وتُظهر المؤشرات ان النسبة الاكبر من الذين تضرروا من تداعيات كوفيد ١٩ كانوا من الذين يعملون او يديرون مثل هذه المؤسسات، ومن المؤكد ان القيمة المضافة من السلع او الخدمات المتحصلة من الانشطة التجارية والخدمية للمؤسسات الصغرى والصغيرة والمتوسطة، والتي تشمل الكثير من المفاصل الاقتصادية المهمة، من بينها، الزراعة، والبناء وتجارة المفرد والجملة، والمهن الحرفية الاخرى كالنجارة والحدادة والخياطة، والنقل، والمطاعم، وسوى ذلك، ستتأثر سلبا، وبالتالي يفقد الاقتصاد مثل هذه القيمة.
المشكلة ان المشتغلين في مثل هذه المؤسسات، والذين يبلغ تعدادهم اكثر من ثلاثة ملايين مشتغل، يواجهون ظروفا وتحديات صعبة، تجعلهم عرضة للفقر والبطالة، والاعم الاغلب منهم غير قادر على مواجهة مثل هذه التحديات، لذلك ينبغي ان تكون هناك سياسات واجراءات من قبل الجهات المعنية من اجل دعم وتمكين هؤلاء، لاسيما في ظل التوجهات الحكومية لتطوير القطاع الخاص، وتحقيق شراكة حقيقية معه، ويبدو مناسبا ان تتضمن سياسات الدعم والتمكين، ابتداءً، حث ارباب للعمل في هذه المؤسسات على ضرورة بل وجوب تسجيلها لدى الجهات ذات العلاقة، فعملية التسجيل هذه تمثل خطوة متقدمة، نحو رسم صورة واضحة عن واقع المؤسسات الصغيرة والصغرى والمتوسطة، وبالتالي فان الامر سيساعد كثيرا في امكانية تقديم المزيد من الدعم لها، مثل منحها القروض الميسرة، التي تساعدها على تطوير العمل وتحسين نوعية الخدمة او المنتج الذي تقدمه للزبائن، وهذه بدورها تمثل فرصة مناسبة للقطاع المصرفي، بممارسة دوره التنموي.
كما ان عملية التسجيل يمكن ان تتيح امكانية الاستفادة من التقنيات الحديثة، في الترويج والتعريف بالخدمات والمنتجات، فضلا عن خلق اصول ثابتة وتحسين هذه الاصول.
ومما لاشك فيه ان الاعلام يؤدي دورا مهما في عملية التعريف بهذه المؤسسات، وتقريب المسافات بينها وبين القطاع المصرفي، كما ان على الجهات الحكومية ذات العلاقة، ان توفر ظروفا افضل، واليات اكثر يسرا وسهولة، يمكن من خلالها تشجيع اصحاب المؤسسات الصغيرة والصغرى والمتوسطة على تسجيل مؤسساتهم، عدا ذلك يبقى القطاع الخاص غير المنظم يمثل مشكلة تنموية كبيرة، لان الصورة غير واضحة، مع التأكيد على الاهمية الاقتصادية الكبيرة لهذه المؤسسات ودورها في تحريك عجلة التنمية من خلال توفيرها للكثير من الخدمات وفرص العمل المضمونة.