نعيم الهاشمي الخفاجي ||
عندما نلاحظ حجم المنتجات الزراعية في أوروبا مثل اسبانيا والبرتغال وفرنسا وأمريكا وروسيا واوكرانيا والصين وإيران و نقارنها بالمنتجات الزراعية العربية فإننا نجد العرب حتى في الزراعة فاشلين، هناك بعض الدول العربية ربما تعيش في شحة مياه ولا توجد في أراضيها الأنهار مثل نهر النيل ودجلة والفرات، ربما الدول العربية التي لا تملك موارد مائية يمكن أن يتم عذرها، لكن الدول العربية التي لديها ثروات مائية هائلة وأرض زراعية خصبة وايادي عاملة معظمها عاطل عن العمل ويملكون موارد مالية كبيرة فهؤلاء اكيد حكوماتهم مقصرين بواجباتهم تجاه دعم القطاع الزراعي والصناعي لتطوير بلدانهم وتوفير العيش الرغيد لمواطنيهم، فلسطين مع الضفة وقطاع غزة وصحراء النقب لا تتجاوز مساحتها ٤٤٠٠٠ كيلومتر مربع، يعني محافظة واسط العراقية اكبر من مساحة دولة فلسطين بحدودها التاريخية، لكن لننظر لحجم المنتجات الفلسطينية المصدرة إلى أوروبا سواء من أراضي السلطة الفلسطينية أو من أراضي الدولة الصهيونية فنجد التمور الفلسطينية تحتل المرتبة الأولى في الجودة في الأسواق الأوروبية، مضاف إلى التمور أيضا وجود الفواكه الفلسطينية مثل المانجو والحبوب والخضروات …..الخ.
أين يكمن الخلل لو قارنا المنتجات الزراعية الفلسطينية والإيرانية والتركية والاسبانية والروسية مع المنتجات الزراعية في البلدان العربية التي تمتلك ثروات مائية هائلة وأرض زراعية خصبة وأيادي عاملة رخيصة بل ويوجد الملايين من العاطلين عن العمل، على سبيل المثال، لماذا يستورد السودان القمح والشعير من الخارج رغم أن السودان قادر أن يكون مصدر للحبوب والتمور والفواكه لكل الدول العربية، أحد الإعلاميين العرب يقول هذا السؤال سألته في جلسة خاصة ذات يوم لوزير عربي كبير،فقال لي: ذات يوم أرسلني الرئيس وارسل معي رسالة الى رئيس عربي آخر يطلب منه أن يرسل مليون عامل إلى السودان لاستثمار الأراضي لزراعة القمح وسنقوم بتجنيسهم
فقال له الرئيس، لا شك أنك تمزح، تريد مني ان ارسل لك مليون عامل، وهل تعرف ماذا تفعل بي امريكا لو ارسلت لك مليون عامل لزراعة القمح في السودان، هذا الإعلامي العربي أحد الأبواق التي تدعوا ماتبقى من العرب إلى الانبطاح والاستسلام هو قال جزء من الحقيقة، لكن العقل والمنطق يقول لماذا السودان تريد مليون عامل مصري، ولدى الحكومة السودانية ما شاء الله ملايين الناس العاطلة عن العمل، ان الزراعة الحديثة معتمدة على الآلات أكثر من العمال، بعد وصول محمد مرسي إلى السلطة في مصر، بخطاباته طالب دعم الزراعة والمنتج الوطني وفي استغلال مياه النيل وعدم تركها تصب في البحر الأبيض النتيجة لننظر ما حل بالرئيس مرسي حيث تم اعتقاله وإيداعه بالسجن إلى الموت بسبب إعلانه عن خطة اكتفاء غذائي ذاتي في مصر، رغم انني لست متأسفا على مرسي الذي استغلته دول الخليج الوهابية ليكون مطية لهم لحرق سوريا من خلال دعم القوى الإرهابية لقتل الشعب السوري خدمة للاستعمار والصهيونية.
الزراعة في البلدان العربية التي تملك موارد مائية مثل السودان ومصر والعراق تحتاج زراعة القمح الى ارادة وماكينات زراعية وبذور وأسمدة مدعومة من الحكومات متوفرة في السوق في أسعار مناسبة، ارض العراق صالحة إلى زراعة القمح والشعير وكل انواع الحبوب والقطن والفواكه، في البصرة تم زراعة موز وزيتون وأشجار الحنة ونجحت التجارب بشكل ممتاز، من قام بالتجربة مواطنين عاديين، بل بعد سقوط نظام صدام الجرذ فتح المجال للعراقيين في السفر إلى الهند والصين، الكثير من المسافرين العراقيين جلبوا معهم شتلات إلى أشجار فواكه وزرعت في بغداد والوسط والجنوب ونجحت نجاحا باهرا، الزيتون زرع بجنوب العراق ونجح، كان يفترض من الحكومة العراقية فتح معامل إلى تعليب الزيوت وإخراج الزيوت من الزيتون لتشجيع الناس على بيع الزيتون الذي تم زراعته او يزرع في مزارع المواطنين الخاصة او في مزارع الدولة العراقية.
الحاكم العربي الذي يخاف من دولة استعمارية بسبب دعمه للزراعة الوطنية في بلاده فهو اكيد فاسد ولص، لذلك يخاف من فتح ملفات فساده و قمعه لشعبه، لو كان الحاكم العربي حاكما صالحا مستقيما لكان قويا بشعبه و لما وجدت عليه دولة الاستعمار وناشرة الديمقراطية الكاذبة مستمسك لتحاسبه،
على رأي المثل الشعبي العربي (امشي عدل يحتار عدوك فيك).
راشد بن مسافر الهاجري دبلوماسي ومستشار ورئيس الأكاديمية الدبلوماسية القطرية كان أكثر واقعية من المهرج الإعلامي القرقوز الذي كذب بنقله لقضية طلب السودان من مصر عمال للزراعة في السودان ومنحهم جناسي سودانية، حيث كتب راشد بن مسافر الهاجري التعليق التالي( وجهت نفس السؤال للرئيس سوار الذهب رحمه الله رد الرجل بحزن شديد وقال عندما توليت السلطة في منتصف الثمانينات أمرت بفتح ملف زراعة القمح وتم الإعلان عن المشروع في الصحف الرسمية و تفاجأت بتصال ومقابلة السفير الأمريكيوأمرني بإغلاق هذا الملف فورًا).
العرب غالبيتهم يلقون أسباب فشلهم وتخلفهم على نظرية المؤامرة، وهل نظرية المؤامرة تعفي العرب من مسؤولية عدم دعم الزراعة الوطنية في بلدانهم، فلا أمريكا ولا اي دولة أخرى تستطيع منع الدول الاخرى من تطوير الزراعة والصناعة، لننظر إلى إيران وتركيا كيف دعموا قطاع الزراعة والصناعة، حكوماتنا العربية ومنها العراقية لم تكن لها يوما إرادة ولا خطط واضحة لتطوير القطاع الزراعي بل أهملوا المشاريع القائمة و اهدروا مليارات البترول ل١٠٠ عام للسرقة والحروب والقتل والابادة أعني بحكومات حقبة نظام البعث الساقط او الحكومات التي تلت سقوط نظام صدام الجرذ والتي تم استنزاف ثروات الشعب وقتل مئات آلاف المواطنين أيضا بسبب إرهاب دولة البعث الساقطة التي تبنت دعم الإرهاب بسبب خبث ولؤم وجبن ونتانة ساستنا الجدد الذين لا يميزون بين الصديق والعدو، روي عن الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) واصفًا جهلاء
الشيعة في آخر الزمان( مِن شيعتنا يكونون ذخرًا للفاسقين، وملاذًا للفاسدين،
وقطّاع طرق المؤمنين، إذ يُبالغون بِحُبّ مخالفينا والدفاع عنهم، ويكونون نحلة للملحدين ، الفاسق عندهم مُوقّر والمؤمن عندهم مُحقّر، لا يُميّزون بين الضأن والذئاب و بين المخلص والمرتاب ).
بحار الأنوار/ ج ٢ ص ٥، الأئمة عليهم السلام يرون بنور الله، يكفي لمن لايؤمن في امامة الحسن العسكري ع يقف أمام هذا الكلام الذي ينطبق على واقعنا بشكل كامل وتام.
سبب تخلف العراق بكل المجالات الزراعية والصناعية لأننا في بلد يعاني من صراعات مذهبية وقومية منذ يوم ولادة العراق الحديث، قبل عدة سنوات وبحكومة حيدر العبادي جائت مؤسسة خيرية كورية وزعت بذور لفواكه ومحاصيل زراعية إلى الفلاحين في قضاء الدجيل، وزير الزراعة منع المؤسسة الخيرية من العمل بذلك لكون أهالي قضاء بلد شيعة، طارق الهاشمي ابو صابرين كان يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية طلب من الحكومة اليابانية بعد تنفيذ مشروع مجاني في اعمار البصرة لأسباب طائفية.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
30/3/2022