فهد الجبوري ||
· الاقتصاد العراقي لن ينهض الا بوجود خطة اقتصادية وتنموية كاملة ، واستقرار سياسي وامني ، وبيئة استثمارية شفافة ، ونزاهة وطنية
تتحدث الأنباء عن تحقيق العراق وفرة مالية كبيرة في العام الجاري ، وقد توقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العراقي بنسبة ٩،٥ ٪ خلال العام الحالي لتكون الأعلى عربيا .
وفي هذا السياق ايضا ، قال وزير المالية العراقي علي عبدالامير علاوي أنه من المتوقع ارتفاع الاحتياطات النقدية للبلاد الى أكثر من ٩٠ مليار دولار نهاية العام الحالي ٢٠٢٢ .
ويرى المتابعون للشأن العراقي ، وبالخصوص في جانبه الاقتصادي ، أن هذه الطفرة في الاحتياطات النقدية لم تكن بسبب وجود قطاع إنتاجي فاعل ، واستثمار حقيقي ، وخطة تنموية طموحة ، وإنما تحققت بسبب الارتفاع الكبير الذي حصل في أسعار النفط الخام ، مما ساهم في تراكم أموال إضافية جراء تصدير العراق لحوالي ٤ ملايين برميل نفط في اليوم .
وقد أيد هذا الاتجاه الخبير الاقتصادي ، ومستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح حيث قال في حديث مع قناة الجزيرة أن ارتفاع حجم الاحتياط النقدي في البلاد يعزى لارتفاع أسعار النفط عالميا بزيادة تقدر في المتوسط بين ٤٠ ٪ و ٤٥ ٪ عن العام الماضي .
ويعتمد العراق منذ فترة طويلة على ايرادات النفط في موازنة الدولة العامة ، وحسب بعض التقديرات فإن مساهمة القطاع النفطي في موازنة البلاد تصل الى نسبة ٩٠٪ ، وهذا مؤشر خطير على وجود خلل كبير في التخطيط السليم ، حيث تسعى كل الدول ومنها الدول النفطية الى تنويع مصادر الدخل القومي ، وتشجيع الاستثمار في قطاعات اخرى ، تمهيدا لتحرير البلاد من هيمنة النفط ، السلعة الوحيدة التي توفر للبلاد السيولة النقدية .
إن هذه القضية تشكل الخطر الأكبر على مستقبل العراق ، لأن النفط وحسب الدراسات العلمية من السلع التي سوف تفقد قيمتها تدريجيا مع المساعي الحثيثة التي تجري على المستوى العالمي لتنويع مصادر الطاقة النظيفة ، ومنها الطاقة الشمسية ، وهناك بعض الدول مثل امريكا وكندا تسعى للتقليل من استخدام النفط كوقود للسيارات ، واستبدال ذلك بالسيارات التي تعمل بالطاقة الكهربائية ، حتى كندا على سبيل المثال حددت عام ٢٠٣٥ موعدا نهائيا للاستغناء عن السيارات التي تعمل بالبنزين .
العراق تتوفر لديه بدائل كثيرة لتنويع مصادر الدخل القومي ، ويمكن تحديدها بقطاعات الزراعة ، التعدين ، السياحة ، الموانئ ، وشركات الطيران ، والتجارة ، والإنتاج الصناعي لمختلف السلع ، ولكن كل هذه القطاعات حاليا شبه معطلة أو مغيبة بسبب السياسات الخاطئة ، وغياب التخطيط الاستراتيجي ، والمناكفات السياسية ، والفساد المستشري ، والتنافس غير الشريف بين القوى السياسية التي فشلت حتى الآن في تقديم برامج وطنية للإصلاح المالي والاقتصادي .
وما يشهده العراق من جمود وانسداد سياسي ، وغياب الإجماع الوطني على تشكيل حكومة وطنية ، بالرغم من مرور اكثر من سبعة أشهر على الانتخابات البرلمانية ، مؤشر واضح على أن من يدعون الإصلاح ، ويرفعون شعارات الوطنية وخدمة الشعب ، هم بعيدون كل البعد عن مطالب وغايات الشعب وفي مقدمتها الاستقرار السياسي ، الذي بدونه لن تشهد البلاد أي تطور وتقدم في المجالات الحيوية مثل الاقتصاد ، والصحة ، والتعليم ، والأمن ، وتوفير فرص العمل للخريجين والعاطلين، ودعم الطبقات الفقيرة والمحرومة
اذا توفرت مقدمات النهضة الاقتصادية ، والاستثمار الناجح المدروس ، فإن ذلك سيعود بالنفع على الشعب ، وهناك فرصة لتوظيف ايرادات النفط الجديدة ، والمبالغ الكبيرة المترتبة على زيادات أسعار النفط في مشاريع تنموية حقيقية وفي مختلف القطاعات ، وتعظيم موارد البلاد ، ولكن كل ذلك يتوقف على وجود حكومة وطنية مخلصة قادرة على خدمة الشعب ، وتوفير مستلزمات الحياة الكريمة له .
ــــــــ
https://telegram.me/buratha