محمد شريف أبو ميسم ||
يبدو أننا الآن ازاء مجموعة من المعطيات التي يجب أن تحدد فيها الأولويات لتجاوز الكبوة الناجمة عن الإرباكات التي شهدتها البلاد بفعل العوامل السياسيّة الداخليّة والخارجيّة وتدخل الإرادات الدوليّة على مدار سنوات .
نحن الآن حيال واقع اقتصادي ما زال يعاني من اختلالات هيكليّة، وعقد مستدامة ناجمة عن كونه اقتصادا ريعيّا أحادي الجانب، وغير قادر على توظيف الريع بشكل يؤسس لاقتصاد تتنوع فيه الايرادات جراء توظيف الايرادات النفطيّة لصالح المواقف السياسيّة من دون النظر في الخطط والبرامج التي تطرحها الجهات ذات العلاقة والجهات البحثية والعلمية، فضلا عن اعتماد ردات الفعل والمعالجات الترقيعيّة في التصدي للأزمات.
فيما نشهد زيادة في الايرادات النفطيّة بفعل ارتفاع أسعار النفط جراء الحرب الاقتصاديّة التي يشهدها العالم على اثر الحرب في أوكرانيا، وارتفاع حصة العراق الانتاجيّة الى نحو 4.8 مليون برميل يوميا. في وقت يشهد فيه العالم زيادة في أسعار السلع ناجم عن التضخم الذي تشهده الأسواق نتيجة هذه الحرب الاقتصادية، الأمر الذي ينسحب على معدلات التضخم في عموم دول العالم وخصوصا البلدان التي تتأثر بالتضخم المستورد جراء تأثيرات أسعار الطاقة من جانب واعتماد الأسواق المحلية على السلع المستوردة، ومنها العراق.
إذ ترتفع أسعار السلع وخصوصا الغذائية على اثر صراع عمالقة انتاج القمح والحبوب الأخرى، فيما تتراجع قدرات العراق الانتاجيّة جراء عزوف المزارعين والفلاحين عن الزراعة بفعل تعطيل صرف مستحقاتهم على مدار سنوات متتالية، ثم انحسار مساحة الخطة الزراعية جراء احتباس الأمطار وانخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات بسبب مشروع (الكاب) التركي المكون من عدد كبير من السدود على روافد النهرين وتحديدا منها سد أليسو العملاق على نهر دجلة، ما ينذر بأزمة غذائية في حال اشتداد صراع العمالقة، ومن ثم لا بد من ترتيب الأوليات وإعادة توجيه الإنفاق في موازنة العام 2023 بحسب أدوات القوة المتمثلة بالتراكم المالي، وأولويات معالجة نقاط الضعف في الملف الزراعي والصناعي، وتحديدا زراعة المحاصيل الستراتيجية ودعم مشاريع الصناعات الغذائيّة .
ليس هذا فحسب، فنحن بحاجة الى توجيه الانفاق وضبط أدواته لمعالجة الهدر وتنفيذ البرامج التنموية بكل دقة، ما يتطلب مغادرة الاعتماد على موازنة البنود المعنية بمراقبة الصرف وحسب، واعتماد موازنة البرامج والخطط المعنية بقياس نسب التنفيذ في المشاريع بوصفها أساس لمراقبة الصرف.
https://telegram.me/buratha