عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
الصحة، والتعليم، والماء، والصرف الصحي، والكهرباء، ويلحق بها السكن، تعد من الاولويات، لكونها تمثل الحاجات الاساسية للانسان، بعد الغذاء والامن، ولانها كذلك، فان الانظمة السياسية والحكومات توليها اهتمامها الاول، وتبحث عن افضل السبل لتأمين تلك الاحتياجات، ومعلوم ان هذه المتطلبات ينبغي ان تتوافر على الاستدامة، لان اي خلل من شأنه ان يخلق حالة من الارتباك، ففي دول معروفة باستقرارها الاقتصادي والسياسي والامني، وتعد من البلدان القوية، انقطع في بعض مدنها التيار الكهربائي نتيجة ظروف طارئة، شهدت تلك المدن فوضى عارمة، اذ عمّ فيها النهب والتجاوزات على الغير، فلنا ان نتصور المشهد فيما لو توقفت مثل هذه الخدمات، او اتسعت فجوتها في اي بلد من البلدان؟!
لهذا ومن اجل هذا، فان ضمان توفير وديمومة هذا المتطلبات، يتطلب جهودا مستدامة، تأخذ بنظر الاعتبار الزيادات السكانية، وتأمين التخصيصات المالية، ووضوح في الرؤية لنعرف اين نحن وماذا نريد، وان تكون هذه الرؤية بمسارات تنموية، وبمحطات تغطي جميع مراحل حياة الانسان، من الولادة حتى الشيخوخة، شريطة ان يكون الانسان جزء فاعلا واساسيا، من تلك الخطط، والتنفيذ، مرورا بالتمويل!.
وهنا قد يثير مثل هذا الكلام حفيظة الناس، لاسيما فيما يرتبط في جزئية التمويل، في ظل شيوع ثقافة، ان على الدولة (الحكومة) ان توفر كل شيء مجانا من الابرة الى الصاروخ، حتى وان كان الصاروخ بالستيا عابرا للقارات!!، مع الاشارة الى هذه المجانية، تسببت بخراب الخدمات ، لان الناس تعاملوا معها (بدون وجع گلب)، وكلما استمرت الدولة بتوفير هذه الخدمات مجانا، كلما تزايدت "كمية" اللا ابالية معها! ووفقا لهذا المبدأ، فقد غادرت اغلب البلدان "مجانية الخدمات" حتى في الدول التي تحكمها الانظمة الاشتراكية! واصبح فيها المواطن شريكا اساسيا، وبات يحرص عليها كحرصه على ممتلكاته الخاصة.
ولعل الفكرة التي تبنتها تلك البلدان، هي ذهابها باتجاه، انشاء صناديق تمويل الخدمات الاساسية، على ان تتحمل الحكومة النسبة الاكبر من رصيد هذه الصناديق، فيما تكون هناك مساهمة للناس بنسبة (٢٥٪)، وهي نسبة بسيطة مقارنة بحجم وكلفة الخدمات التي يحصل عليها الانسان، فضلا عن الضرائب التي يدفعها المواطنون عن استخدامهم للطرق وغيرها، ونتيجة لذلك نجحت تلك البلدان في ضمان استمرارية الخدمات، مع تعامل شديد التقنين، من قبل المواطنين.
وهنا اجد من المناسب التوجه نحو انشاء صناديق تمويل الخدمات الاساسية، مثل صندوق الضمان الصحي، ليكون مقدمة وتجربة لباقي الصناديق، فإن نجحت هذه التجربة، جرى تعميمها على باقي المفاصل، وان فشلت، وقفنا على اسباب الفشل وعالجناها، بنحو يتناسب والحاجة الى التمويل، ومستوى الخدمات التي يحتاجها المواطن، من دون ان ننسى الشراكة مع القطاع الخاص، في تمويل هذه الصناديق، التي تغطي مفاصل الصحة والتعليم، والسكن، شريطة ضمان صيانة مثل هذه الاصول، وضمان كلف تشغيلها.
----
https://telegram.me/buratha