نعيم الهاشمي الخفاجي ||
لعبت منتجات النخيل من التمور دور مهم بأدوات الدول، ويعد وجود زراعة النخيل من القطاعات المهمة، لرفد ميزانيات الدول وتحسين الأوضاع الاقتصادية للمزارعين بشكل جيد، وكان للنخيل بالعراق قبل اكتشاف البترول دور فعال وكبير في دعم الاقتصاد العراقي.
لكن بعد اكتشاف البترول ووصول البعثيين الأراذل للسلطة بالعراق، حاربوا زراعة النخيل في الجنوب والفرات الأوسط لأسباب مذهبية، حيث عملوا على تجريف بساتين البصرة، التي كانت تمتلك عشرين مليون نخلة، لم يبق منها سوى مليوني نخلة فقط بيوم سقوط نظام صدام الجرذ الهالك المقبور، تم استهداف نخيل البصرة بشكل ممنهج، تم حرق البساتين من قضاء أبو الخصيب إلى مدينة الفاو بطول ١٠٢ كيلومتر، تم تجريف بساتين شرق البصرة من الهارثة إلى الشلامجة، وتم تجريف بساتين النخيل غرب دجلة من قرية العلوة شمال قضاء القرنة إلى ناحية العزير التابعة إلى محافظة العمارة، دبابات نظام البعث بعام ١٩٨٥ قامت بمهاجمة بيوت المواطنين من عشيرة بني مالك في قرية همايون وناحية الثغر والروطة وكانت البيوت مصنوعة من الصرايف، وتم احراقها بالعلن.
في الانتفاضة عام ١٩٩١ قامت قوات صدام الجرذ بتجريف نخيل محافظة بابل ما بين مدينة الحلة إلى قضاء الهاشمية بالطريق السياحي، أيضا كربلاء لم تنجوا بساتينها من إجرام صدام الجرذ، بل بحقبة الثمانينات قادة الجيش والضباط من أبناء تكريت وماحولها والانبار قاموا يقلعون نخيل المواطنين الشيعة بمحافظة البصرة ونقلها إلى تكريت والفلوجة والضلوعية والرمادي، رأينا ذلك في ام عيوننا ولم نسمع ذلك من أشخاص آخرين.
بعد سقوط نظام البعث، دولة البعث الساقطة من أجهزة صدام الأمنية والعسكرية حرقوا العراق بإرهابهم مستغلين عدم وجود رد قوي ومزلزل من ضحاياهم، للاسف كان عدم الرد هو الذي جرأ هؤلاء الأراذل لحرق الشعب واستنزاف ثروات البلد وجعل ميزانيات الدولة العراقية تذهب لدعم الأجهزة الأمنية والصحوات وقوات الجيش ودعم مجالس الإسناد ودفع مرتبات لملايين أفراد العسكر والاجهزة الأمنية ومرتبات إلى مئات آلاف الشهداء الذين سقطوا بعمليات فلول البعث وهابي الارهابية، وكان يفترض أن هذه الأموال تذهب إلى الأعمار ودعم الزراعة والصناعة.
يحتل النخيل أهمية عالمية ومحلية، لذلك امتازت الدول العربية ومنها العراق في كونهم المصدريين الأوائل على المستوى العالمي للتمور.
وترتبط زراعة النخيل بحضارات العراق القديمة، زرعت النخيل بالعراق قبل خمسة آلاف سنة، بل يمكن زراعة النخيل حتى في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث ثبت أن النخيل يمكن زراعته في واحات الصحاري، لذلك انتشرت زراعة النخيل في واحات الجزيرة العربية ومصر وليبيا والجزائر وتونس والمغرب وغيرها، استعملت النخيل لإنتاج التمور وكذلك مصدا للرياح ومصدرا مهماً للأعلاف، اكثر من 70% من إنتاج العالم من التمور يأتي من الوطن العربي بإنتاج نحو 2,6مليون طن، متركزا في مصر السعودية والعراق. ويتوافر في العراق أصناف عديدة ذات مواصفات تجارية مرغوبة، مثل، والبرحي والعمراني وحسب احصائية لوزارة الزراعة العراقية يوجد أكثر من ٦٠٠ صنف من أصناف النخيل في العراق، في القرن الماضي والقرن الحالي ازداد الطلب العالمي على التمور، وأصبحت كل سوبرماركت القارة الأوروبية يبيعون التمور.
لدى المسلمين أهمية للنخلة، فقد جاء ذكرها في القران الكريم نذكر قوله تعالى، { وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10)} كما قال صلى الله عليه وآله سلم، ليس من الشجر شجرة اكرم على الله من شجرة ولدت تحتها مريم ابنة عمران، وفي حديث آخر اكرموا عمتكم النخلة.
التمور غنية بمختلف العناصر الغذائية الضرورية، فهي غنية بالسكريات الأحادية التي لا يحتاج امتصاصها الى عمليات معقدة كما هي الحال مع الدهون والنشويات، إضافة الى قدرة التمور على منح القوة والنشاط والحرارة، وقد وردت أحاديث عن النبي محمد ص في ضرورة تناول التمر بقدر عدد محدود بشكل يومي.
بعد سقوط نظام البعث بحكومة السيد الجعفري والسيد المالكي صدرت قرارات بدعم زراعة النخيل، لكن بلدنا كان يعاني من الإرهاب والقتل، وتفشي السرقة، لذلك الكثير أخذوا الأموال ولم يقوموا بزراعة ولا فسيلة نخل واحدة.
السيد المالكي دعم استيراد مختبرات لإنتاج النخيل النسيجي، كنت اتابع نشاط المختبرات، وقرأت حوارات إلى مدراء فروع بستنة أن المختبر ينتج ٢٠٠٠ فسيلة فقط، بينما مختبرات الإمارات والراجحي السعودي ينتج مليون فسيلة نسيجية بالسنة الواحدة، تبين أن المختبرات التي استوردت للعراق مختبرات بحثية صغيرة تستعمل لتعليم المهندسين الزراعيين والطلاب في كيفية عمل الفسيلة النسيجية، لذلك الإنتاج يكون محدود.
قبل عدة سنوات بادر شاب من أهالي بابل ومن مدينة الحلة، اسمه بشير المسعودي على عمل مشتل لبيع فسائل نسيجية قام في استيرادها من الإمارات والسعودية، فتح صفحة على الإنترنت وفي الفيس بوك، اسمها صفحة محبي النخيل في وادي الرافدين، وفي الصفحة في الفيس بوك، يتم عرض مقاطع فيديو الفسائل النسيجية وكيفية نقلها من السنادين وزرعها في المزارع والبساتين، توجد مقاطع فيديو إرشادية لكيفية إضافة منشطات وأسمدة، مقاطع فيديو تعلم الفلاحين في كيفية استعمال طرق جديدة لتجذير الفسائل وهي متصلة بالنخلة الأم، تعليم أعضاء الصفحة كيفية زراعة الفسائل في السنادين، ووضع السنادين في جو ومناخ جيد حتى في حديقة المنزل وخلال أشهر قليلة تتجذر وتكبر بشكل سريع بسبب وضع المنشطات والاسمدة الجيدة والسقي السريع، كل سندانة تحتاج كلاص ماء واحد فقط.
بل قام السيد بشير المسعودي في العمل على منح جوائز وهدايا قيمة مقدمة من شركة البشير، لمن يشارك ويساهم في بناء وإحياء وتأهيل النخيل في العراق نعم نعم لإعادة رمز الوطن، وختم منشوراته بالقول، مع تحيات ادارة الشركة العنوان الحله منطقة عوفي للأستفسار 07718477886.
يفترض في الحكومة العراقية دعم بشير المسعودي على عمل شركة شراكة ما بين الحكومة العراقية والسيد بشير المسعودي يتم أخذ أرباح للدولة من الشركة، والحكومة تمنح شركة البشير قروض لاستيراد مختبر لإنتاج الفسائل النسيجية الذي ينتج مليون فسيلة نسيجية سنوياً، مشاركة الحكومة رجال أعمال القطاع الخاص أمر ضروري ومهم للنهوض بالاقتصاد العراقي.
امس تابعت صفحة بشير المسعودي وقد أعلن بتوفر خمسين ألف فسيلة نسيجية مستوردة من دول الخليج لفسائل النخيل المجهول، خلال متابعاتي اليومية لصفحات أصحاب المشاتل المتخصصة بالنخيل، وجدت أن هناك إقبال لدى الناس بزراعة الفسائل النسيجية للبرحي والمجهول، في كل شهر يتم زراعة خمسين ألف فسيلة نخيل بالعراق وهذا شيء مفرح، خلال سنوات يمكن أن يعود العراق للصدارة في النخيل، الآن العراق يحتل المركز الرابع بعد مصر والسعودية وإيران، من مميزات النخيل لديها القدرة على النمو والإنتاج في البيئات الصحراوية والقاحلة لما لها من قدرة على التأقلم مع تلك البيئات، فجذورها تمتد وتنتشر عموديًا وأُفقيًا في التربة حتى تصل إلى المناطق الرطبة التي تحصل منها على احتياجاتها المائية.
ومن المؤلم ان المقاولين في المحافظات الجنوبية وفي بغداد يتبعون طرق منحطة في زراعة النخيل في داخل المدن العراقية، يفترض يزرعون فسائل نخيل صغيرة، لكن جشعهم وجشع المحافظين يجعلهم يشترون نخيل في ارتفاع خمسة أمتار بسعر يصل إلى أكثر من ٣٠٠ الف دينار عراقي بينما سعر الفسيلة الصغيرة لايتجاوز خمسين ألف دينار، لأنه يوجد باب للفساد ولسرقة المال العام، هؤلاء الظلمة يفترض محاكمتهم وايداعهم السجون، هم بالحقيقة يقتلون النخيل ولايزرعونه، لأن قلع النخيل الكبير فرصة نجاح زراعة النخلة عشرة بالمائة فقط.
أملنا من الحكومة العراقية ووزارة الزراعة محاسبة المقاولين الذين يقومون بزراعة النخيل الكبير في داخل المدن العراقية، هؤلاء جشعون همهم كسب المال على حساب ثروة العراق من زراعة النخيل، الذي يريد اكثار النخيل عليه زراعة فسائل صغيرة وليس نقل نخيل كبار وقتله، للاسف.
في الجزائر والمغرب وحتى بالسعودية تم زراعت النخيل أيضا كمصدات للرياح على حواف المزارع المختلفة، وتعد أحد وسائل مكافحة التصحر في العديد من الأقطار العربية لكونها توفر الحماية للأشجار والنباتات التي تزرع معها أو تحتها.
في الختام نتقدم بالشكر الجزيل لكل أصحاب مشاتل استيراد وبيع الفسائل النسيجية في محافظات ديالى والبصرة والناصرية والديوانية وبابل وكربلاء، والشكر الجزيل إلى الأستاذ بشير المسعودي الذي له الفضل الأول لدعم زراعة النخيل بالعراق، وعلى الحكومة دعم شركة بشير المسعودي مادياً والدخول معه بشراكة لدعم الاقتصاد الوطني العراقي.
نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي
كاتب وصحفي عراقي مستقل.
29/10/2023
ــــــــ
https://telegram.me/buratha