يلتقي الاحد مسؤولو الطاقة من اكثر من ثلاثين دولة في جدة بدعوة من المملكة السعودية لبحث ما يمكن عمله تجاه ارتفاع اسعار النفط. لكن من غير الواضح ما الذي يمكن ان يسفر عنه لقاء جدة بين المنتجين والمستهلكين فيما يخص السوق والاسعار. فرغم احداث نيجيريا، وانخفاض المخزون الامريكي الاسبوعي من الخام لم ترتفع الاسعار الى مستواها القياسي الذي بلغته الاسبوع الماضي. ويؤكد ذلك ما يكاد يجمع عليه الخبراء والمتعاملون في السوق من ان اساسيات السوق من عرض وطلب لا تبرر ارتفاع الاسعار.
فالسوق مشبع بالنفط الخام، وحتى لو زيد الانتاج من دول كالسعودية فان المصافي في الدول المستهلكة تعمل بكامل طاقتها ولا توجد سعة احتياطية اضافية للتكرير. وتدرك الدول الصناعية الكبرى المستهلكة اكثر فاكثر الان ان السبب في ارتفاع اسعار النفط هو مضاربات المستثمرين على العقود الاجلة للسلع بعد ان هجروا اسواق المال المضربة ومع تدهور قيمة الدولار الامريكي. وان كان وزير المالية البريطاني اليستير دارلنج حاول ان يغرد خارج السرب في اجتماع وزراء مالية الدول الثماني في اليابان قبل ايام بالقول انه لا يوجد دليل على ان هناك مضاربات في سوق النفط. لكن الامريكيين قرروا قبل يومين تشديد القيود على المضاربين، خاصة في سوق التداول الاليكتروني للعقود الاجلة في لندن وطالبوا الاوروبيين بالالتزام بتلك القيود بدءا من اكتوبر المقبل. علاقات عامة استغرب كثيرون ممن تحدثت اليهم من وزراء طاقة ومسؤولو شركات ومتعاملون الدعوة للقاء جدة، خاصة وان هناك منتدى دولي للطاقة يجمع المنتجين والمستهلكين عقد اخر اجتماعاته في روما قبل شهرين ونصف. واول ما يتبادر الى الذهن ان السعودية ربما تريد القيام بحملة علاقات عامة، باعتبارها اكبر منتج للنفط في اوبك، لتحسين صورتها التي يرسمها السياسيون في الدول المستهلكة بانها سعيدة بارتفاع الاسعار وزيادة عائداتها. يقول الاستشاري الاقتصادي ابراهيم خياط: "ربما تريد السعودية الاقتراب بعض الشئ من الدول المستهلكة لبلورة موقف ما، خاصة وان الصيف ربما سيشهد المزيد من الاختلالات في السوق وارتفاع الاسعار". ويضيف: "قبل عامين كان الجميع يتحدث عن الاقتراب من حاجز المئة دولار، اما الان فالحديث عن وصول الاسعار الى مئتين وخمسين دولارا للبرميل". وهذا بالفعل ما تم اقناع السعوديين به، خاصة من قبل البريطانيين، وتذكيرهم بارتفاع الاسعار في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وما اعقبه من هبوطها لفترة طويلة بعد الازمة في الاقتصادات الغربية. لكن الواضح حتى الان ان الاقتصادات الكبرى للدول المستهلكة قادرة على استيعاب الزيادة في اسعار الخام. رسوم وضرائب المشكلة الحقيقية على ما يبدو هي ان ارتفاع اسعار المشتقات في الدول الصناعية يزيد من معدلات التضخم. لكن القدر الاكبر من اسعار البنزين وزيت التدفئة هي عبارة عن رسوم وضرائب تحصلها الحكومات، ففي بريطانيا اعلى نسبة ضرائب ورسوم على المشتقات تزيد عن نصف ما يدفعه المستهلك للتر البنزين. وعندما اقترح الرئيس الفرنسي قبل ايام ان تخفض الحكومات تلك الضرائب والرسوم للحد من التضخم، كتمت بريطانيا اقتراحه.
https://telegram.me/buratha