قالت مؤسسة بحثية بريطانية ان الحكم والدروس المستفادة من انهيار بنك ليمان براذرز والازمة المالية التي اعقبته، لم تستوعب على نحو ملائم. واوضحت دراسة اعدها معهد ابحاث السياسات العامة البريطاني ان العودة السريعة لثقافة المكافآت والعلاوات في قطاع المال والاعمال والبورصة تظهر ان الاصلاحات الحقيقية في هذه القطاعات كانت في احسن الاحوال "محدودة جدا".
ويأتي هذا التحذير منسجما مع التحذير الذي اطلقه الرئيس الامريكي باراك اوباما في كلمته الاخيرة، والتي نهى فيها عن التقاعس والعودة الى الممارسات القديمة في قطاع البنوك والمال، والتي اسهمت مباشرة في الازمة المالية العالمية.وقد وجدت تحذيرات الرئيس الامريكي صدى لها في بريطانيا، اذ قال رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون ان هناك "شؤونا لم تحسم" مع قطاع البنوك.
وقال توبي دولفين الخبير الاقتصادي البارز في المعهد ان "اجراس الانذار يجب ان تقرع بمجرد ظهور ملامح تشير للعودة الى الممارسات القديمة، كما لا توجد اي مؤشرات على ان صناع السياسة يتخذون اجراءات من شأنها ضمان جعل الانتعاش الاقتصادي المقبل افضل من الانتعاش السابق".ودعا تقرير المعهد الى اتخاذ اجراءات عاجلة في هذا الصدد، والا فان ازمة المصارف ستبقى ولن يخرج الاقتصاد من كبوته الحالية.
وكان الرئيس اوباما قد حذر في خطابه الذي القاه لمناسبة الذكرى السنوية لانهيار ليمان براذرز، والذي كان علامة بارزة في تاريخ ازمة الائتمان، قطاع البنوك من عواقب تكرار ذات الاخطاء، وملوحا بان الدعم الحكومي لن يتكرر.وقال اوباما في خطابه ان الحاجة الى مساعدة الحكومة لا تزال قائمة من اجل استقرار النظام المالي، وان كانت الحاجة اقل الحاحا الآن، حيث بدأت الزوابع المالية بالاتجاه نحو الهدوء.واضاف: "لن نعود الى ايام السلوك الارعن والافراط غير المحسوب الذي كان في قلب المشكلة".وقال ان الازمة المالية العالمية كانت نتيجة فشل جماعي للمسؤولية في واشنطن وفي وول ستريت وفي انحاء امريكا، وان ادارته تعمل على اعادة هيكلة نظام الرقابة على المصارف والشركات.
اما براون فقد قال ان زعماء العالم مصممون خلال اجتماع بيتسبورو الاسبوع المقبل على "انهاء ما لم يتم انهاؤه" في مسألة اجراءات تطهير قطاع البنوك، ومن ضمنها وضع ضوابط للعلاوات والمكافآت.واشار براون، في مقابلة مع بي بي سي، الى ان العالم يحتاج الى تحرك دولي لتنظيف قطاع البنوك والمال من ادرانه.
من جانبه طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي باعتماد مقاييس مختلفة للتقدم الاقتصادي، من بينها توفر الرعاية الصحية، ونظافة البيئة.وجدد ساركوزي دعوته لوضع قيود على الحوافز التي تقدمها البنوك والمؤسسات المالية للعاملين بها، والتي كانت احد اسباب اندفاع مديري البنوك لقبول عمليات عالية المخاطر طمعا في ارباحها.وقال ساركوزي ان هناك ثقافة سائدة بين العاملين في القطاع المالي وهي "ان السوق دائما على حق"، وهي ثقافة يجب تغييرها.
اما المعهد البريطاني فقد دعا من جانبه الى المزيد من التعاون الدولي، وهو امر يمكن تحقيقه اذا ما اعطيت بلدان مثل الصين والهند دورا اكبر في مؤسسات مالية دولية كبرى مثل صندوق النقد الدولي.كما دعا الى وضع قواعد ومبادئ متفق عليها دوليا تحكم وتضبط العمل المصرفي، وتؤدي فيما بعد الى ظهور نظام مالي عالمي يعمل في اطار مصلحة الاقتصاد العالمي برمته.
https://telegram.me/buratha