الصفحة الدولية

أوكرانيا تتحوّل ساحة مواجهة بين روسيا والغرب

501 10:12:00 2013-12-10

 

لا شك أنّ أوكرانيا إفتتحت عصر الثورات في القرن الواحد والعشرين بثورتها البرتقالية نهاية عام 2004 وبداية 2005، لتجرّ بعدها السبحة الى قرغيزيا، ولاحقاً الى عواصم عربية عدّة.

التجربة الأوكرانية الأولى التي اكتملت بتغيير النظام وبأقلّ الخسائر المادية والبشرية لم تنطبق على تجارب التغيير التي أعقبتها، ولكن على ما يبدو أنّ الأزمة الحالية التي تعصف بالبلاد منذ نحو أسبوعين هي أكثر تعقيداً من سابقتها، إذ أنّ الأوضاع الميدانية توحي أنّ التصعيد سيكون سيد الموقف على المستويات كافة، خلال الأيام القليلة المقبلة.

فالمؤشرات الآتية من كييف تفيد بأنّ المعارضة تخطط لتوسيع دائرة إحتجاجاتها في الشارع، وذلك رداً على لقاء الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث جرى التشاور في إمكان حصول كييف على قروض روسية، تُقدر بمليارات الدولارات، إضافة الى تخفيض سعر الغاز الروسي الى 150 دولاراً، مقابل إنضمام أوكرانيا الى الإتحاد الجمركي الذي يضمّ روسيا وبيلاروس وكازخستان.

حُقَن الدعم الأوروبية للمعتصمين في ميدان الإستقلال في كييف لم تتوقف منذ بدء الإحتجاجات، وفي خطوة لافتة ذات أبعاد ودلالات تثير الكثير من التساؤلات حول مفهوم السيادة في السلوك الغربي، اذ أنّ مشاركة دبلوماسين كبار من بعض دول الإتحاد الأوروبي في الإعتصام، واعتلائهم المنابر الى جانب قيادة المعارضة الأوكرانية تشكّل سابقة في العلاقات بين الدول.

فحضور وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله الى منبر المعارضة، ودعوته المتظاهرين إلى الإستمرار في الإعتصامات والتظاهرات، شكّلت مؤشراً واضحاً بأنّ عملاق الإقتصاد في الإتحاد الأوروبي سيجرّ السياسة الى ميادين أوكرانيا، وهذا ما تجلّى في كلمة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي المار بروك من على منبر المعارضة أيضاً، حيث أعرب الرجل بشكل واضح وصريح عن تقديره لما تقوم به القوى المعارضة لنظام يانوكوفيتش، مؤكّداً أنّ قضية انتساب أوكرانيا إلى الإتحاد مطروح على المائدة “ونحن مستعدون للتوقيع عليها”، الأمر الذي رأى فيه مراقبون حافزاً لاستمرار وتصعيد تحرك المعارضة في الشارع على رغم موجة الصقيع التي تلف البلاد.

ولعل الدخول الأوروبي الى الميدان لعب دوراً أساسياً في شد عصب الأوكرانيين المؤيدين للنظام الحالي، مما دفعهم الى الشارع تحت شعار “حماية الشرعية”، لتصبح البلاد أمام استحقاق مثير للجدل، قد يجرّ أوكرانيا الى ما لا تحمد عقباه، باعتبار أنّ الأخبار الواردة من مدن أوكرانية تكشف عن صدامات بين أنصار المعارضة والموالاة .

الحراك الأوروبي الأخير في أوكرانيا ،الخارج عن سياق العلاقات الدولية، يدلّ على أنّ هناك غطاءً خارجياً لما باتت تطالب به بعض قيادات المعارضة في الأيام الأخيرة، وتحديداً إقتحام المؤسسات الرسمية والحكومية في البلاد، ولعلّ هذا ما دفع رئيس الحكومة الأوكرانية نيكولاي آزاروف الى دفع فرق القوات الخاصة لحماية الدوائر والمنشآت الرسمية.

بالطبع، فإن سيناريو المواجهة هذا يضع أوكرانيا أمام منعطفات خطيرة، على اعتبار أنّ نصف سكانها وتحديداً الجزء الشرقي المحاذي للحدود الروسية، يؤيد نهج الرئيس الحالي فيكتور يانوكوفيتش، في حين أنّ القسم الغربي من البلاد المحاذي لبولندا يسعى منذ عام 2004 الى الإنضمام للإتحاد الأوروبي .

لا شك أنّ ما يجري في أوكرانيا هو مواجهة دولية كبرى غير معلنة بين الغرب وروسيا، التي اتهمتها بعض الدوائر الغربية أكثر من مرة بتمهيد الطريق لوصول يانوكوفيتش الى السلطة، إضافة الى محاولات تعزيز دوره داخلياً من خلال حزمة معاهدات وقعتها موسكو على عجل مع كييف، بعد خروج الرئيس السابق فيكتور يوشينكو من السلطة.

ولكن وإن بدت المواقف الروسية تجاه أحداث أوكرانيا الأخيرة أقلّ حدة من المواقف الغربية، إلّا أنّه من الواضح أنّ الكرملين يحاول عدم الغوص في لعبة التهم المتبادلة، فبوتين وضع النقاط على الحروف في موقف لافت، إذ اعتبر أنّ “ما يجري في أوكرانيا ليس ثورة وإنّما أعمال شغب”. مما يعني أنّه على روسيا اتخاذ خطوات عملانية لحماية خاصرتها الغربية من أعمال الشغب، وبالتالي فإنّ أوكرانيا باتت ساحة مواجهة جديدة بين الغرب وروسيا.

18/5/131210  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك