اسطنبول (رويترز) - قتل انتحاري يعتقد أنه دخل تركيا في الآونة الأخيرة من سوريا عشرة أشخاص على الأقل معظمهم سائحون ألمان في وسط إسطنبول التاريخي يوم الثلاثاء في هجوم اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو تنظيم الدولة الإسلامية بتنفيذه.
وقال داود أوغلو إن جميع من قتلوا- ومعظمهم أجانب- كانوا في ميدان السلطان أحمد على مقربة من الجامع الأزرق وآيا صوفيا وهما موقعان سياحيان اساسيان في وسط واحدة من أكثر المدن التي يقصدها السياح في العالم. وقال مسؤول تركي بارز إن تسعة منهم ألمان.
وفي وقت لاحق قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير نقلا عن معلومات تلقاها من تركيا إن ثمانية ألمان على الأقل قتلوا وأصيب تسعة آخرون إصابات بالغة في تفجير انتحاري باسطنبول.
وأضاف "مضت سنوات لم نكابد فيها إرهابا بهذه القسوة التي شهدناها الآن في اسطنبول." في حين قال وزير خارجية البيرو إن مواطنا بيروفيا كان ضمن القتلى.
وعبر نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش عن اعتقاده بأن الانتحاري دخل تركيا في الآونة الأخيرة من سوريا لكنه لم يكن على قائمة الأشخاص الذين تشتبه السلطات التركية بأنهم متشددون.
وكان كورتولموش قال في وقت سابق إن الانتحاري بات معروف الهوية من أجزاء عثر عليها في موقع التفجير ويعتقد أنه سوري من مواليد عام 1988.
وقال داود أوغلو إنه تكلم على الهاتف مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لتقديم التعازي وتعهد باستمرار تركيا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في الداخل وفي إطار التحالف الدولي.
وأضاف في تصريحات بثها التلفزيون "تركيا ستستمر في القتال في الداخل ومع القوات المتحالفة إلى أن نقضي على داعش."
وتعهد بتعقب ومعاقبة كل من له صلة بالانتحاري.
وشوهدت عدة جثث ممددة على الأرض في ميدان السلطان أحمد بعد التفجير مباشرة. وقال شرطي في المكان إن الميدان لم يكن مزدحما وقت التفجير لكن عددا صغيرا من السياح كانوا يتجولون في أرجائه.
وقال إردوغان خلال مأدبة غداء في أنقرة للسفراء الأتراك في كلمة بثها التلفزيون على الهواء "تظهر هذه الواقعة مرة أخرى اننا كأمة يجب ان نكون على قلب واحد وجسد واحد في محاربة الإرهاب. وموقف تركيا الحاسم والمبدئي هو أن مكافحة الإرهاب ستستمر للنهاية."
وقالت وزارة الخارجية النرويجية يوم الثلاثاء إن نرويجيا أصيب في الانفجار ويتلقى حاليا العلاج في مستشفى بتركيا.
وتشارك تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والمرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي في تحالف تقوده الولايات المتحدة يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على أراض في سوريا والعراق. ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن الهجوم إلا أن أكرادا ويساريين وإسلاميين نفذوا من قبل هجمات في تركيا.
وقالت السائحة الكويتية فرح زماني (24 عاما) التي كانت تتسوق في أحد الأسواق المغطاة مع والدها وشقيقتها "سمعنا صوتا عاليا ونظرت إلى السماء حتى أرى إن كانت تمطر لأني اعتقدت أنه صوت رعد ولكن السماء كانت صافية."
* مشهد "لا يمكن تصوره"
وقال سكان إن دوي الانفجار سمع في أحياء في اسطنبول تبعد بضعة كيلومترات عن موقع الانفجار. وأظهرت مشاهد بثتها محطات التلفزيون سيارة شرطة يبدو أنها انقلبت جراء قوة الانفجار.
وقال مسؤولون إن مزارات سياحية منها آيا صوفيا وكاتدرائية مجاورة لها أغلقت بناء على أمر من حاكم المدينة.
وقال كورسات يلمظ الذي ينظم رحلات سياحية في مكتب على مقربة من الميدان "في البداية اعتقدنا انها قنبلة صوتية. كان الدوي عاليا جدا. لقد هاجموا السلطان احمد لاجتذاب الانتباه لأن هذا ما يفكر به العالم عندما يفكر بتركيا."
وأضاف "لسنا متفاجئين بأن هذا (التفجير) حصل هنا كان هذا (المكان) دوما هدفا محتملا."
وقال الشرطي الذي كان في مكان الانفجار "كان مشهدا لا يمكن تصوره" واصفا تسجيل فيديو صوره احد الهواة فور وقوع الانفجار ويظهر ستة أو سبعة جثث على الأرض وعددا من المصابين بجروح خطيرة.
وقبل عام فجرت انتحارية نفسها في مركز للشرطة في نفس الساحة مما أسفر عن مقتل شرطي وإصابة آخر. وأعلنت جماعة يسارية في بادئ الأمر مسؤوليتها عن الهجوم إلا أن مسؤولين قالوا بعد ذلك إنه يعتقد أن منفذة الهجوم لها صلات بإسلاميين متشددين.
وقال علي إبراهيم بيلتيك (40 عاما) الذي يدير كشكا للوجبات الخفيفة والمشروبات في الساحة "تدفقت عربات الإسعاف وعلمت أنها قنبلة على الفور لأن نفس الأمر حدث هنا العام الماضي. هذا ليس جيدا بالنسبة لتركيا لكن الكل كان يتوقع هجوما إرهابيا."
*تركيا باتت هدفا
وأصبحت تركيا هدفا لتنظيم الدولة الإسلامية إذ ألقي باللوم على التنظيم المتشدد في انفجارين وقعا العام الماضي أحدهما في بلدة سروج القريبة من الحدود السورية والآخر في العاصمة أنقرة وقتل فيه أكثر من مئة شخص.
وتصاعد العنف في جنوب شرق تركيا منذ انهيار اتفاق وقف لإطلاق النار دام لمدة عامين في يوليو تموز بين تركيا وحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل منذ ثلاثة عقود من أجل حكم ذاتي للأكراد.
ولكن حزب العمال الكردستاني تفادى بوجه عام مهاجمة أهداف مدنية في مراكز حضرية خارج جنوب شرق تركيا في السنوات الأخيرة.
كما تشهد تركيا أيضا تهديدا من وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي الكرديين اللذين يقاتلان في سوريا بدعم أمريكي لكن أنقرة تتهمهما بالارتباط بحزب العمال الكردستاني.
وقال إردوغان "بالنسبة لنا لا يوجد فرق" بين الجماعات الكردية مضيفا "أي منظمة إرهابية لا تختلف عن الأخرى" متوعدا بمواصلة حملة تركيا على المقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد.
وفرض مكتب داود أوغلو حظر نشر تماشيا مع قانون يسمح باتخاذ مثل هذه الخطوات عندما يكون هناك احتمال إضرار بالأمن القومي أو النظام العام.
وأثار الانفجار مخاوف من إلحاق المزيد من الأضرار بقطاع السياحة الحيوي في تركيا الذي تأثر بالخلاف الدبلوماسي مع روسيا مما دفع منظمي الرحلات الروس الى الغاء رحلاتهم.
غير أن يلمظ قال إنه باع عرضا يشمل برنامجا سياحيا لسائح من كولومبيا بعد ساعة من الانفجار.
وأوضح "الواقع إن العالم بات معتادا على الإرهاب. هذا أمر مؤسف. وآمل ألا يكون صحيحا لكن الإرهاب بات الآن في كل مكان."
وأضاف "جداول العمل تتغير بسرعة في هذا العصر. إذا تأثرت السياحة بهذا فسيكون الأمر مؤقتا. هذ الأمور تمر لكن آيا صوفيا وجامع السلطان أحمد أبديين."
https://telegram.me/buratha