عندما حرر الجيش السوري مدينة تدمر والقريتين بمؤازرة القوى الجوية والفضائية الروسية، وأراد الاستمرار في طريقه لتحرير دير الزور ومدينة الرقة، تلقت جبهة النصرة والجماعات المسلحة المنضوية تحت جناحيها أوامر من قبل الدول الممولة لها بالهجوم على مدينة حلب وريفها
فحشدت "جبهة النصرة" و"جيش الإسلام" و"أحرار الشام" جيشا من الإرهابيين مدججا بأحدث الأسلحة التي وصلتهم من تركيا بالإضافة إلى عدد كبير من الإرهابيين الذين جندتهم الدول التي تسعى لإسقاط النظام في سوريا، واستطاعت التنظيمات الإرهابية المذكورة أن تحتل مدينة خان طومان وتلة العيس بالإضافة إمطار الأحياء السكنية لمدينة حلب التي تقع تحت سيطرة الدولة بالصواريخ والقذائف الحارقة ليقع نتيجتها مئات الضحايا المدنيين، كل ذلك من أجل إشغال الجيش السوري عن التقدم باتجاه الرقة وتحريرها، وهذا كان هدف أمريكي بحت، فتحرير الرقة من قبل الجيش السوري والروسي سوف يمنح روسيا قوة دولية إضافية ويجعل الإعلام يتحدث عنها كونها القوة الرئيسية الجدية مع الجيش السوري في محاربة الإرهاب المدعوم من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، ولو استمر الجيش السوري ووصل إلى الرقة فذلك يعني أن الدولة السورية أعادت إلى سوريا أهم مناطق سوريا كونها الأغنى بالمياه والنفط والمصدر الرئيسي للقمح، وهذا سيعطي قوة للحكومة السورية والرئيس بشار الأسد وهذا ما ترفضه كل من تركيا والسعودية والولايات المتحدة.
ولكن وبعد أن انشغل الجيش السوري وحلفائه في معارك حلب واستغل داعمو الإرهاب فرصة الهدنة في سوريا وزودوا جماعاتهم بالسلاح والمال، قررت الولايات المتحدة الأمريكية تحرير الرقة مستخدمة ما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية" التي شكلتها من أكراد سوريين انفصاليين، وما إن سمعت قيادات "داعش" بإعلان الولايات المتحدة تحرير الرقة حتى بدأت بالنزوح من المدينة بأسلحتها وعدتها وعتادها وتحت ضوء الشمس دون أن تتلقى ضربة جوية واحدة من الولايات المتحدة، رغم أن إرهابيي "داعش" يتحركون على أرض منبسطة مكشوفة حتى للعين المجردة وليس فقط للأقمار الاصطناعية، وهذا ما يدل على أن هناك اتفاق بين الولايات المتحدة وقيادات "داعش" ربما بتسليم الرقة بأقل خسائر ممكنة، وإن دل هذا على شيء إنما يدل على أن "داعش" حليف الولايات المتحدة بل وينفذ ما يطلبه القادة العسكريون الأمريكان، وليس مستغربا لو سمعنا في يوم ما أن ما تسمى "قوات سوريا الديمقراطية" مع جنود أمريكان دخلوا مدينة الرقة بدون أي مقاومة من "داعش" من أجل أن تحفظ الولايات المتحدة ماء وجهها أمام المجتمع الدولي وتظهر على أنها تحارب الإرهاب، وتعلن أنها هي التي حققت النصر على داعش وليس روسيا ولا الجيش السوري. فالولايات المتحدة سوف تستلم مدينة الرقة أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم "داعش" الإرهابي ربما بدون معارك، وبالتالي تكون وضعت رجلها ويدها على أهم مصدر للطاقة والمياه في سوريا، ومن ثم تساهم الولايات المتحدة، في تأسيس كيان كردي في الشمال الشرقي لسوريا خاضع لها وتحت سيطرتها المطلقة على غرار الكيان الصهيوني في فلسطين، وعلى كل الأحوال الذي يتحمل مسؤولية ما يحصل في شمال شرق سوريا هي العشائر التي بايعت "جبهة النصرة" و"داعش" وغيرهما من الجماعات المسلحة الإرهابية، وخلقت الفرصة المناسبة للأمريكان والانفصاليين الأكراد ليحتلوا الأرض، حيث أعلن غريب حسو ممثل "حزب الاتحاد الديمقراطي" لأكراد سوريا في كردستان العراق أن مدينة الرقة بعد تحريرها من "داعش" ستنضم للنظام الفدرالي الذي أسس له الأكراد في شمال سوريا. و مما تقدم يتساءل المواطن السوري ما هو المطلوب عمله الآن؟ نقول المطلوب توحيد جهود العشائر وسكان المنطقة الشرقية والشمالية ورفض النفوذ الأمريكي وإعلان مقاومة شعبية ضد أي فدرالية أو تواجد أمريكي بشتى وجوهه على الأرض السورية، بالإضافة إلى وجوب التعاون مع مؤسسات الدولة السورية ضد تأسيس أي كيان كردي انفصالي مهما كانت شعاراته وتصريحاته، فالأمريكان ما دخلوا منطقة إلا وعاثوا فيها خرابا وقتلا وتدميرا وتقسيما، و"داعش" أحد وجوه الولايات المتحدة في المنطقة كما كانت "القاعدة" في أفغانستان حيث أسستها، وشكلت الجماعات المسلحة في سوريا من أجل إيجاد تبرير لنفسها بالتدخل في هذه الدولة أو تلك، كما فعلت في أفغانستان وفي ليبيا وفي كوسوفو والعراق وأماكن أخرى تحت زرائع محاربة الإرهاب….
https://telegram.me/buratha