خرجت المملكة المتحدة، نهائيا من الاتحاد الأوروبي، بعد 4 سنوات ونصف سنة من مسلسل ”بريكست“ الطويل والمليء بالتحولات، وفتحت صفحة جديدة من تاريخها وسط أزمة كبيرة تشهدها البلاد.
فبعد نصف قرن من الاندماج ضمن الاتحاد الأوروبي، وعند الساعة 23:00 بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينيتش، وعلى وقع ساعة بيغ بن، أصبح بريكست واقعا بمفعول كامل بعدما خرجت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي في 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، لكنها اعتمدت مرحلة انتقالية لتخفيف تبعات هذا القرار.
واعتبارًا من 1 كانون الثاني/ يناير، تتوقف البلاد عن تطبيق قواعد الاتحاد الأوروبي.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون امس الخميس أن خروج المملكة من السوق الأوروبية الموحدة، يشكل ”لحظة رائعة“، مؤكدا أن بلاده ستكون ”مفتوحة وسخية ومنفتحة على الخارج“.
وقال في كلمته لمناسبة حلول السنة الجديدة: ”إنها لحظة رائعة. باتت حريتنا بين أيدينا، ويعود إلينا أن نستفيد منها الى أبعد حدود“.
من جهته، اعتبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في كلمته الى الفرنسيين الخميس لمناسبة حلول السنة الجديدة، أن المملكة المتحدة تبقى ”صديقتنا وحليفتنا“ رغم خروجها من الاتحاد.
وقال إن ”بريكست هذا كان ثمرة التململ الأوروبي وكثير من الأكاذيب والوعود الزائفة“، مؤكدا في ما يتعلق بفرنسا أن ”مصيرنا هو أوروبي أولا“.
ويجنب الاتفاق الذي وقّع في ربع الساعة الأخير انفصالا غير منظم لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي مع ما يمكن أن يحمله من تداعيات مدمرة على الاقتصاد، إلا أن حرية التنقل التي كانت تسمح للسلع والأفراد بالتحرك من دون عوائق، ستنتهي.
وستواجه شركات التصدير والاستيراد معضلة الإجراءات الجديدة كما يمكن أن تؤخر تدابير التفتيش نقل البضائع عبر الحدود.
وستخسر الشركات العاملة في مجال الخدمات المالية وهو قطاع رئيسي في لندن، حقها في عرض خدماتها بشكل تلقائي في الاتحاد الأوروبي وعليها أن تفتح مكاتب في الدول الأعضاء لتتمكن من العمل فيها. وستستثنى الجامعات البريطانية من الآن وصاعدا من برنامج ”إيراسموس“ لتبادل الطلاب.
منذ استفتاء 23 حزيران/ يونيو 2016، الذي فاز به مؤيدو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بنسبة 51.9%، تعاقب على حكم المملكة المتحدة 3 رؤساء وزراء، وسُجلت نقاشات برلمانية عاصفة وطويلة فيما أرجئ موعد الانسحاب 3 مرات.
وبسبب هذه العملية الشاقة، لم تنجز المفاوضات الصعبة للتوصل إلى اتفاق للتبادل الحر بين لندن وبروكسل إلا عشية عيد الميلاد.
ورغم إقرار النواب البريطانيين النص الأربعاء، فإن النواب الأوروبيين لن يقروه إلا في الربع الأول من 2021 ما يتطلب راهنا تطبيقا مؤقتا.
ويوفر الاتفاق لبريطانيا إمكان الوصول إلى السوق الأوروبية الشاسعة التي تضم 450 مليون مستهلك، من دون رسوم جمركية أو نظام حصص. لكن الاتحاد الأوروبي يحتفظ بحق فرض عقوبات والمطالبة بتعويضات لتجنب أي منافسة غير عادلة في حال عدم احترام قواعده في مجال المساعدات الحكومية والبيئة وحق العمل والضرائب.
وعندما دقت الساعة 23:00 مساء الخميس بالتوقيت المحلي، لم تعد المملكة المتحدة تطبق قواعد الاتحاد الأوروبي وانتهت حرية التنقل لأكثر من 500 مليون شخص بين بريطانيا و27 دولة في الاتحاد الأوروبي.
إلا أن جبل طارق، وهو جيب بريطاني قبالة سواحل جنوب إسبانيا، يبقى استثناء، بعد إبرام صفقة في اللحظة الأخيرة مع مدريد لتجنب عراقيل حدودية كبيرة.
وفيما يتعلق بالصيد البحري الذي كان موضوعا شائكا في المفاوضات حتى اللحظة الأخيرة، ينص الاتفاق على مرحلة انتقالية حتى حزيران/ يونيو 2026.
https://telegram.me/buratha